حشد خارج مستشفى الطوارئ فى كابول

تحصد الحرب الأفغانية ما لا يقل عن 15 قتيل يوميًا، وفي بعض الأحيان، تتركك الرصاصة ثقبا واحدا في الجسد، وأوقات أخرى، لا يتبقى أي أثر لجسد على الإطلاق بفعل الانفجار الشديد، وما تحصل عليه أسر الضحايا هو بعض العظام المختومة لتجد شيئا تضعه في الكفن، ولكن في أوقات أخرى يعود الموتى مرة أخرى للحياة.

وفي الاثنين الماضي، على حواف مقبرة كابول المزدحمة، حفر الأصدقاء قبرا لأحمد تميم، 22 عامًا، وهو ضابط شرطة، حيث تجمع حوالي 200 من المشيعين، وحمل أقارب تميم التابوت المختوم حتى الممر المتعرج، ليصلوا إلى والدته، ومن ثم وضعوه للدفن بالقرب من قبر والده، وفي المنزل، تم الإعداد لطقوس المتوفى، وطبعت صورة لتميم كبيرة، وكتب عليها "الشهيد أحمد تميم" بالحبر الأحمر، وأطلقت عائلته سراح طيور كان يربيها تميم.

 

 

وتلقى محمد قسيم، وهو ابن عم تميم، مكالمة هاتفية، من شقيق تميم يقول له إن تميم ما يزال على قيد الحياة، واعتقد قسيم أنها مزحة، ولكن شقيق تميم قال إنه تلقى مكالمة هاتفية من مستشفى وكالة الاستخبارات، وأكدوا له أنه لا يزال واعيا، وبعدها هرع السيد قسيم إلى المستشفى، ووجد هناك ابن عمه، مصاب بحروق شديدة ويتنفس بجهاز صناعي، وفاقد للوعي ولكنه لم يمت.

واتصل قاسم بمنزل تميم، وقال لأخته " استمعي بعناية لما سأقوله لكم، وبرجاء عدم الصراخ.. تميم على قيد الحياة وجدناه في المستشفى"، حلت بعدها لحظة صمت، ثم صرخت الفتاة من الفرح، وأغمى على أحدى شقيقتها من الفرحة، وقال غلام نقشابند، أحد جيران تميم" ربما وجوده مان بفعل صلاة الببغاوات التي أطلقوا سراحها من القفص".

وكان تميم في مهمة في العاصمة الأفغانية كابول، يوم 27 يناير/ كانون الثاني، حين فجرت طالبان سيارة إسعاف عند نقطة تفتيش، وخلف الانفجار أكثر من 100 قتيل وجرح نحو 200.

 

 

وأصبحت الانفجارات مدمرة جدا في الآونة الأخيرة، وغالبا ما يصعب التعرف على الجثث، وبعد كل هجوم في كابول، تصل الجثث إلى قسم الطب الشرعي بالمدينة، وتتوجه الأسر إلى هناك للتعرف على الرفات وجمعها، في كثير من الأحيان، ليس هناك ما يكفي للتعرف على الجثث، وليس لدى قسم الشرطة القدرة على عمل اختبار الحمض النووي.

وتظل بعض الجثث التي لم يتعرف عليها أحد في المشرحة لأسابيع أو أشهر، ومن ثم تدفنها الحكومة، وكان الأنفجار الأخير كبير لدرجة أن محمد روينن ابن عم تميم، رأى الدخان من على سطح المنزل، وحين عرفوا بأن تميم كان في موقع التفجير، ذهبوا للتعرف على جثته ولكنهم لم يجدوا أي أثر له.

 

 

وبعد يومين من البحث، عادوا إلى المشرحة، وكانت الجثث المتبقية في حالة سيئة، قال السيد قسيم إنهم استقروا على جسد كان نحيلا وصغيرا مشابه لجسد تميم، وأجرى موظفو الطب الشرعي بعض اختبارات الدم وقالوا إنه هو، قالوا إنهم سيغسلونه ويضعونه في تابوت للدفن في صباح اليوم التالي، وقد أعطت الحكومة الأسرة مبلغ وفاة قدره حوالي 2000 دولار، تعويضا عن وفاة تميم.

ولكن بعد الأخبار السارة بأن تميم على قيد الحياة، ذهبت والدته وشقيقاته إلى المستشفى، ولكنهم اضظروا إلى الانتظار في الخارج حوالي ساعتينن، حيث كان الرئيس الأفغاني يزور الجرحى، وحين دخلت والدته، بكت وكذلك تميم، فقد عاد ابنها مرة أخرى إلى الحياة، كما يصفه بعض العاملين بالمستشفى بـ"الجندي الميت الذي عاد إلى الحياة".