عدن ـ عبد الغني يحيى
كشفت مصادر حقوقية وحزبية في صنعاء،أن ميليشيات جماعة الحوثي الانقلابية أحالت ملفات الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وأقاربه إلى النيابة المتخصصة الخاضعة لها في العاصمة، في إجراء يعتقد أنه يمهد لإصدار أحكام تدينهم بالخيانة العظمى، على خلفية الانتفاضة التي كان صالح قادها ضد الجماعة وأدت إلى مقتله في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال ناشطون حقوقيون ومصادر موالية لحزب "المؤتمر الشعبي" في صنعاء لمصادر صحافية، إن الجماعة الحوثية أحالت ملفات الرئيس السابق وأقاربه إلى النيابة المتخصصة في أمن الدولة وقضايا الإرهاب، تمهيدًا لمحاكمتهم. وكشفت المصادر أن الجماعة الانقلابية ضمنت الملفات التي أعدتها عناصرها في جهازي الأمن القومي والسياسي (المخابرات) تهمًا لصالح وأقاربه بـالخيانة العظمى والتخابر مع دول التحالف العربي، في مسعى لإدانتهم عبر أحكام قضائية صورية على خلفية التهم المزعومة التي يعاقب عليها القانون اليمني النافذ بالإعدام. وشملت الإجراءات الحوثية، وفق المصادر، الرئيس الراحل، على الرغم من مقتله على أيدي الجماعة، إلى جانب أقاربه المعتقلين لدى الميليشيات منذ إلقاء القبض عليهم بعد وأد الانتفاضة التي دعا إليها صالح ضد الميليشيات في خطابه الأخير، الذي أنهى فيه الشراكة معها.
كما شملت الإجراءات أقاربه الموجودين خارج نطاق سيطرة الميليشيات، وفي مقدمهم نجل شقيقه طارق صالح، الذي ترى فيه الميليشيات المطلوب الأول والمسؤول الفعلي عن قيادة الانتفاضة المقموعة، إضافة إلى انخراطه بعد نجاته من قبضتها في الإعداد لقوات ضخمة للانتقام لمقتل عمه إلى جانب القوات الحكومية والتحالف العربي.
ووفضت الجماعة مساعي حزبية ووساطات دولية لإطلاق أقارب صالح المحتجزين، وفي مقدمهم نجلاه صلاح ومدين، وابن شقيقه محمد صالح، وحفيد شقيقه عفاش طارق، في حين كانت أطلقت سراح نحو 3 آلاف عسكري ومدني اعتقلتهم بتهمة مساندته.
وتسعى الميليشيات الحوثية الموالية لإيران - طبقًا لترجيحات مراقبين - إلى شرعنة قتلها لصالح بأثر رجعي، كما تسعى إلى إدانة أقاربه والتهديد بإعدامهم في محاولة للضغط على أقاربهم الآخرين وتشتيت جهودهم في مقاومة الجماعة والانتقام منها.في سياق، آخر، جدد قادة الميليشيات الانقلابية خطابهم التهديدي بالتصعيد الصاروخي ضد المدن السعودية، في سياق مخطط الجماعة لإفشال جهود السلام التي استأنفها أخيرًا مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث. إذ هدد رئيس مجلس انقلاب الميليشيات صالح الصماد في لقاء بقيادات جماعته في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) بإطلاق مزيد من الصواريخ، وجعل هذا العام عامًا باليستياً على المدن السعودية على حد قوله، موهماً أنصاره بأن الصواريخ لن تستطيع اعتراضها أي منظومات دفاعية.
وفي مسعى منها لإفشال جهود السلام التي استأنفها المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث، الشهر الماضي، أطلقت الميليشيات الموالية لإيران نحو 13 صاروخًا باليستيًا باتجاه المدن السعودية، وكلها تم اعتراضه وتدميره. كما أقدمت على شن هجوم لاستهداف ناقلة نفط سعودية عملاقة في البحر الأحمر، تجديدًا لسلوكها المهدد لسلامة الملاحة الدولية وحركة التجارة في البحر الأحمر.
ويرجح مراقبون أن الجماعة الموالية لإيران تهدف من خلال هذا التصعيد، إلى إحباط المساعي الدولية والأممية لإحلال السلام في اليمن، واستمرار الحرب التي تخوضها بالنيابة عن أجندة إيران في المنطقة، بعيدًا عن الحرص على أمن واستقرار البلاد وإنهاء معاناة اليمنيين المتفاقمة جراء انقلابها على الشرعية.
وطلب القيادي الحوثي الصماد، من القادة المحليين لجماعته في محافظة ذمار مزيدًا من المجندين للدفع بهم لإسناد صفوف الجماعة المتهاوية أمام تقدم القوات الحكومية في مختلف الجبهات، بما فيها جبهات صعدة المعقل الرئيسي للجماعة وزعيمها. كما أوهم الصماد أتباع الجماعة بوضع حجر الأساس لمشاريع خدمية في المحافظة، دون أن يكشف لهم أن معظم هذه المشاريع التي تحدث عنها ممولة أساسًا من منظمات دولية إنسانية.
وكان مسؤولو الميليشيات في ذمار قد أقدموا قبل أيام على خلط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، وهو ما عده المواطنون تصرفًا جنونيًا يهدف لقتل الآلاف، ويعبر عن مدى همجية الجماعة وجهلها بإدارة المؤسسات التي استولت عليها بقوة السلاح.وفي سياق التصرفات الحوثية نفسها الرامية إلى زيادة تفشي الأمراض والأوبئة في مناطق سيطرتها للمتاجرة بها إنسانيًا لدى المنظمات الدولية، أقدمت على الاعتداء على المسؤول المالي في صندوق النظافة في صنعاء، واقتادته إلى مكان مجهول، وهو ما أدى إلى إضراب عمال النظافة لليوم الخامس على التوالي، وتراكم القمامة والنفايات في الشوارع، دون أن تحرك الميليشيات أي ساكن.
وجاءت زيارة رئيس مجلس انقلاب الميليشيات إلى محافظة ذمار، غداة صدور تقرير حقوقي محلي كشف عن ارتكاب جماعته أكثر من 3 آلاف انتهاك بحق المدنيين في المحافظة خلال العام الماضي. واتهم التقرير الميليشيات بقتل 49 شخصًا، وجرح 39، واختطاف 569 آخرين، واستحداث 16 سجنًا، وتفجير 19 منزلا، واقتحام 59، ودهم 25 قرية، واستحداث 180 نقطة تفتيش.
وذكر التقرير الذي وثقته منظمة محلية حقوقية أن عناصر الجماعة حاصروا 11 قرية في محافظة ذمار، وأجبروا 654 أسرة على النزوح القسري، كما تم تهجير 615 أسرة في مديرية عتمة، غرب المحافظة. وكشف أن عناصر الميليشيات قاموا بـ300 انتهاك بحق المرأة، وحولوا 11 منشأة تعليمية إلى ثكنات عسكرية، كما نهبوا 9 قوافل غذائية، واقتحموا 9 مساجد، وفرضوا 21 خطيبًا بالقوة خلال العام الماضي.