دمشق ـ نور خوام
لا تتوقف الرسائل على هاتف الناشط السوري أغيد الخضر، عضو حركة صوت وصورة، طوال النهار والليل، وهو يعلم أنه لا يمكنه تجاهل أي منها، حيث يستمع أيضا إلى الرسائل الصوتية على الواتساب من منزله في ألمانيا.
وتظهر الرسائل العديد من الرجال يحاولون الهرب عند نقاط التفتيش في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شمال سوريا، ويلتقط الحراس صورا لكل الذكور الذين يصلون عند نقاط التفتيش، ويرسلونها إلى جميع أنحاء العالم على أحد مجموعات الواتساب، في محاولة للقبض على مقاتلي تنظيم داعش المتطرف المختبئين بين المدنيين.
وتتكون مجموعة الواتساب من أكثر من250 من مسؤولي المخابرات التركية وضباط الجيش الحر، وناشطون سوريون كانوا يعيشون تحت حكم داعش، وجميعهم يحاول التعرف على المتطرفين، ولديهم بضع دقائق للرد.
ويتعرف أعضاء المجموعة على الأشخاص، حيث تظهر الصور بعض الرجال الذين اعتقلوا وعذبوا، والبعض الآخر كانوا أصدقائهم حتى انضمامهم للتنظيم المتطرف.
وأغيد نفسه من دير الزور، وهي مدينة في شرق سوريا والتي حتى وقت قريب كان يسيطر عليها المتطرفون، وعاش بها خضر لسنوات تحت حكم داعش حتى تمكن من الفرار من البلاد وطلب اللجوء لألمانيا في عام 2015، وهو يدير الآن مجموعة مناهضة لداعش تسمى "صوت وصورة" والتي تنشر الأخبار للصحفيين من المدنيين في سوريا.
وقال إنه يحصل 600 -800 صورة يوميا، ويمكنه التعرف على نحو 10-15 صورة لمقاتلي داعش، ويتم اعتقال المشتبه بهم واستجوابهم، في حين يتمكن غير المشتبه بهم في العبور.
وفي هذا السياق، يقول أبو عبد الرحمن، قائد جماعة أحرار الشرقية، والتي تسيطر على العديد من نقاط التفتيش في المنطقة " إنهم يحاولون تغيير مظهرهم، يحلقون اللحى والشعر، ولكن أعضاء المجموعة لا يزال يمكن التعرف عليهم".
وشهدت المجموعة المتطرفة نزوح لمقاتليها قبل خمسة أشهر، حين حاصرت قوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، المدينة ومنذ سقوط الرقة في تشرين الأول/ أكتوبر، ارتفعت الأرقام.
وأضاف أن أحرار الشرقية تقبض على نحو 20 مقاتل من داعش يوميا يريدون العبور بالقرب من مدينة منبج، وكثير منهم يحملون بطاقات هوية سورية مزورة، يوفرها لهم المهربون، وحتى الآن معظم الهاربين من السوريين أو العرب.
ويؤكد أنه حين يسألون المقاتلين عن كيفية وصولهم إلى هنا، يقولون إن الأكراد سمحوا لهم بالرحيل، لأنهم لا يريدونهم، موضحا أن الأكراد يحلون مشاكلهم ويتسببون في مشاكل للجيش الحر.
وقالت جماعة المعارضة السورية التي ألقت القبض على الجهادي البريطاني شباز سليمان، إن الحكومة البريطانية لم تتصل بها ولم تقدم أي طلب رسمي لتسليم المجرمين البريطانيين إلى تركيا.
وقال عمر العبد، وهو عضو في كتيبة الجيش الحر التي تحتجز سليمان على الحدود بين سوريا وتركيا " منذ ستة أسابيع نحاول الاتصال بالبريطانيين، ولكن يبدو أنهم غير مهتمين بعودته"، موضحا أنهم سيهتمون به.
وذكر سليمان أنه سيعود إلى المملكة المتحدة إذا توصل لاتفاق بالحصول على حكم مخفف، وخلافا لذلك سيفضل البقاء في سوريا، مؤكدا أنه يعامل بطريقة جيدة.
وفي حين أفادت تقارير أن بعض البلدان مثل قطر والكويت، عرضوا دفع الأمول لإعادة مواطنيها، فإن دول أخرى ترفض عودتهم، حيث ترفض دول مثل أوكرانيا والشيشان وأوزباكستان، حيث تعاني في الأساس من مشكلة التطرف.
وترفض بعض الدول الأوروبية عودة مواطنيها، حيث يقول بشير الحاجي، رئيس جهاز الأمن في منطقة السجون التي يديرها الجيش الحر، إن السجون تتوسع طاقتها يوما بعد يوما، مع زيادة عدد من يلقون القبض عليهم.
ويوجد في الخمس سجون الرئيسية ما بين 500 و600 معتقل، وفي الزنزانة الواحدة قرابة 10 مساجين.
وحتى قبل معركة الرقة في حزيران/ يونيو الماضي، قال السيد حاجي إن المعتقلين الأجانب عرضوا دفع المال مقابل حريتهم، ويضيف أن أحد السجناء السعوديين عرض مبلغ 100 ألف دولار؛ لإطلاق سراحه.
ويؤكد السيد حاجي أنهم يلقون القبض على الرجال، في حين أن النساء يبقون آمنات في بيوت بشمال غرب سوريا، ويصل عددهم إلى 220 سيدة ما بين زوجة لقاتل وأرملة أو مطلقة.
وتعيش بعض النساء في خيام في منطقة مريا، وفي أحد المخيمات يوجد سبع نساء و17 طفلا، من بينهم واحدة من ألمانيا، وأخرى من أوكرانيا وأوزباكستان.
وقد تزوجت المرأة الألمانية البالغة من العمر 26 عاما رجلا تركيا في عام 2009، بعد أن التقيا الاثنان في برلين، ولكن بعد أن أعلنت داعش خلافتها، قال لها الزوج إنهم سينقلون إلى سوريا، ومثل معظم النساء، قتل زوجها في الحرب، وحاولت وفشلت في الوصول إلى تركيا وليس لديها الآن المزيد من المال لدفعه للمهربين.
وأفادت تركيا أنها رحلت نحو 4957 مقاتل أجنبي، ألقي القبض عليهم في سوريا منذ عام 2013، من بينهم 108 بريطاني.
وتقول المملكة المتحدة إن نحو 800 بريطاني غادروا البلاد؛ للأنضمام لداعش، وعاد منهم قرابة 400.
فقط 24% تمت ملاحقتهم من العائدين إلى المملكة المتحدة، وتمت محاكمة مقاتلان عراقيان في تركيا، بما في ذلك آين ديفيس، والذي عذب وقتل الرهائن الغربيين، وأصر المسؤولون في أنقرة على محاكمته في تركيا، وحكم عليه بالسجن سبع سنوات.
رحلت أنقرة عدد من المقاتلين الأجانب إلى ماليزيا، وهي وجهة الاختيار لأنها في الغالب مسلمة، وتوفر دخولا بدون تأشيرة إلى العديد من البلدان التي ترفض رعاياها.
ويحذر الخبراء من أنه في حين أن التركيز على العائدين من المقاتلين الأجانب، فإن الخطر الحقيقي يمكن أن يكون من مقاتلي داعش المبعدين، الذين لم يعودوا إلى ديارهم، ولا يعرف أحد مصيرهم حتى الآن.