جامعة ولاية نوفغورود

ينفذّ الطالب دميتري بيتروف، حملات ضد إدمان الكحول المنتشر في روسيا، وعندما لا يركز على دراساته القانونية في جامعة ولاية نوفغورود، يتحدث إلى طلاب المدارس حول مخاطر الشرب وتنظيم مجموعات أهلية للقبض على باعة الخمور غير الشرعيين. ويعتقد الطالب  البالغ من العمر 21 عامًا أن الناس يجب أن يكونوا "التغيير" الذي يريدون رؤيته في العالم، ونجح في تقديم التماس إلى سلطات المدينة لبناء "فناء رياضي" في الشارع، العام الماضي، إذ يستطيع هو ورفاقه أن يمارسوا تمارينهم المثيرة، ولكن بتروف، سيصوت لولاية رابعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي بعد 18 عامًا في السلطة يقدم  للروس نفس الشيء.

ولم يكن لدى بيتروف ذكريات عن أي زعيم آخر في الماضي، بعدما بلغ من العمر 21 عامًا،  ولا يمكنه تخيل أي زعيم آخر في المستقبل القريب، وبصفته رئيسا لفصل نوفغورود من مجموعة "روسيا الصافية"، فإنه يحب صورة بوتين الرياضية والنظيفة، والتي تعززها الصور الفوتوغرافية التي لا يرتدي بها قمصان وتظهر عضلاته، وخوضه لمباريات الهوكي ذات الدرجات العالية، كما أنه لا يرى أي سياسي آخر "يمكن أن يصبح رئيسًا لدولة قوية ومعقدة".

وقال بيتروف"لا أوافق على أن الأمور ستصبح أسوأ، لأنها ليست سيئة هنا، هناك مشاكل في بلدان أخرى، والناس لا يعيشون بهذا السوء في روسيا، نحن نعيش تحت حكم بوتين منذ 18 عاما، ولكن من الصعب أن نجزم بما سيحدث في ظل شخص آخر". وإذا كانت هذه هي أول انتخابات رئاسية لـ "جيل بوتين"، فقد كان سن الرشد السياسي هو الربيع الماضي، عندما أدى تدفق غير متوقع من الشباب إلى تضخيم صفوفهم في الاحتجاجات ضد الفساد وإعادة تنشيط المعارضة المحاصرة، حيث حمل آلاف المراهقين صوتهم على شريط فيديو للناشط أليكسي نافالني، الذي منع من خوض انتخابات الأحد، وسخر من السلطات في 80 مدينة في جميع أنحاء البلاد، وكانت وسائل الإعلام مليئة بصور الأطفال الذين يتسلقون مصابيح الإنارة وتطاردهم الشرطة، ولكن الاحتجاجات كانت موجهة في الغالب إلى رئيس الوزراء دميتري ميدفيديف، وليس بوتين، ولا يكاد الجميع في هذا الجيل الجديد يطالبون بمسار مختلف للبلاد.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز ليفادا المستقل في ديسمبر / كانون الأول أن 86% من الروس الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما وافقوا على رئاسة بوتين، مقابل 81%  لجميع البالغين، ويعتقد ثلثا الشباب أن روسيا تسير في الاتجاه الصحيح، وهي نسبة أعلى مما كانت عليه بين عموم السكان.

ونشأ هذا الجيل في حياة مرفهة مقارنة بوالديه، الذين ناضلوا خلال انهيار الاتحاد السوفيتي والأزمات المالية في التسعينات، وهم يتمتعون ببراعة في مجال التكنولوجيا مثل نظرائهم في جميع أنحاء العالم، فقد تجاوزت شبكة الإنترنت حديثًا التلفزيون، الذي هيمن عليه الكرملين، باعتبارها المصدر الرئيسي للمعلومات للروس، ومع ذلك، لا يزال العديد من الشباب يدعمون حكم بوتين، الذي صحبه ارتفاع في الازدهار ولكن تراجع في الحريات السياسية، مثل الجيل السابق.

وقال ماكسيم سولوفيوف، العضو في مجموعة "روسيا الصافية" الذي ولد عام 2000" في التسعينيات عندما حدث الانهيار، لم يحدث أي شيء جيد، كانت السياسة جيدة عندما كانت قاسية، وعندما جاء بوريس يلتسين، انهار كل شيء، ولكن حين جاء بوتين إلى السلطة وسيطر شيئا فشيئا، رفع مستويات المعيشة. "

ودعا نافالني إلى مقاطعة الانتخابات في محاولة للحثّ على خفض الإقبال على الانتخابات، وقال إنه سيرسل 26 ألف مراقب انتخابي، أكثرهم من الشباب، لمراقبة فرز الأصوات يوم الأحد.

 وكان دانييل زولين، 19 عاما، وياروسلاف بوتروف، 19 عاما، يوزعان منشورات عن المقاطعة قرب حصن الكرملين في نوفغورود، وقال بوتروف "نحن بحاجة إلى حكومة قابلة للتغيير"، ولكن رد عليه أحد كبار السن قائلا" إذا غيرت الرئيس، سيكون الأمر أسوأ غدا، أنا 81، وأصوت لبوتين لكي أعيش لأكون 100.".

وبيّن البعض أن الأمر لا يتعلق باختيار رئيس جديد، ولكن بمجتمع مدني نشط لا يسمح للمسؤولين بالسرقة دون عقاب، فدعوة نافالني لمقاطعة الانتخابات تشجع على اللامبالاة، ولكن الحقيقة هي أن الغالبية العظمى من 26 مليون روسي تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة غير سياسيين، ووفقا لمركز ليفادا، فإن 65٪ من الروس الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا لم يتمكنوا من تحديد معتقداتهم السياسية.

وتشير احتجاجات نافالني في العام الماضي إلى أنه مع تقدم الجيل السابق في السن، قد لا يكون جيل بوتين مخيفا حين يكبر، من ناحية اتخاذ الموقف السياسي أو تنظيم معالجة المشاكل الاجتماعية، حيث يقول بيتروف " يعتقد أباؤنا أن شخصا ما سيأتي ويفعل شيئا من أجلهم، وإذا حدث شيئا فهم يلقون باللوم على الحكومة ولكن جيل بوتين يفكر بطريقة مختلفة، نحن نعلم أننا إذا أردنا شيئا ما نقوم به بأنفسنا".