بغداد – نجلاء الطائي
انتشرت بشكل لافت، مكاتب التزويج في منطقة الكاظمية شمال بغداد، والتي لا يمانع معظمها في عقد قِران "زواج المتعة" على أساس أنه "زواج حلال لا مانع شرعي منه، . فعند دخولك منطقة الكاظمية في العاصمة العراقية مع أي شخص أكان "أخًا، أبًا، صديقً، أو ابنًا"، يتكاثر من حولك عدد من الأشخاص مبدين المساعدة بسؤالهم: هل ترغبون بـ "زواج المتعة" مع توفير جميع وسائل هذا الزواج من فندق ورجل دين يعقد لكم القِران ؟. وهنا يبرز الكثير من علامات الاستفهام حول هذا السؤال. و زواج المتعة أو المؤقت كما هو متعارف عليه، زواج يُعقد إلى أجل مُحدد، ولا ميراث فيه للزوجة.. والفرقة بين "المتزوجين" تقع عند انقضاء الأجل المتفق عليه بينهما في عقد الزواج.
وقد أعلنت مؤسسة شيعية إيرانية، ومقرها بغداد، عن نشاطها الأول من نوعه في الشرق الأوسط، والمتمثل في الترويج لزواج المتعة، بشكل معلن، مع توفير البيئة المناسبة للزبائن. يتبع المؤسسة 14 فندقًا في محافظات مختلفة، و14 مكتبًا لعقود الزواج. وتزعم "مؤسسة طريق الإيمان الإسلامية" أنّ مشروعها يهدف إلى حماية الشباب من الانحراف، وأنه لا حرج في الإعلان عنه، واستقبال الراغبين، وفق شروط تم الإعلان عنها مثل: "الاسم، والعمر، والعنوان"، بالإضافة إلى بطاقة شحن مسبقة الدفع كأجور للترويج والخدمة. وأكدت أن نسبة الإقبال على الزواج يوميًا حوالي 300 شخص.
وفي منشور على صفحتها في شبكة التواصل الاجتماعي كتبت ياسمين الدراجي، وهي مديرة إعلام مؤسسة طريق الإيمان الإسلامية، تقول "نعلن افتتاح مشروع زواج المتعة، الذي يقي الشباب والنساء من الانحراف إلى الحرام والضياع، عبر التزام الطرفين بعقود شرعية من قبل شيوخ ذوي اختصاص في هذا المجال، ونحن مؤسسة مكتملة، توجد لدينا مكاتب عقود الزواج التابعة للمؤسسة في كل محافظة.. ففي كل محافظة فندق تابع للمؤسسة، وعلى من يجد في نفسه القدرة على طلب الزواج مراسلتي على الخاص".
وجاء في منشور آخر للمؤسسة ما يلي: "لا يتصور البعض اننا نخدعكم، ولا تجعلوا تصوركم بمزاجكم، فنرجو تعاونكم معنا، لكي نلبي طلباتكم.. اتبعوا التعليمات والشروط الصادرة من مؤسستنا.. وأحب أن تكون طلباتكم كاملة حسب التعليمات والشروط الآتية: اسمك، عنوانك، عمرك و(كارت شحن اسياسيل فئة 10 آلاف دينار) كأجور الدلالية والخدمة".
وحول طبيعة المؤسسة، كتبت تقول: "لدينا في داخل العراق 14 فندقًا في محافظات مختلفة، و14 مكتبًا لعقود الزواج تابعة للمؤسسة، مع ملاحظة أن العقد مجانيّ لزبائن المؤسسة، كما توجد في بغداد 6 فنادق تابعة للمؤسسة، وثلاثة مكاتب عقود الزواج التابعة للمؤسسة أيضًا".. وأشارت إلى أن "نسبة الإقبال على الزواج يوميًا تقدر بحوالي 300 شخص".
وحدَّدت المؤسسة أيضًا مواقيت الرد على رسائل واستفسارات الزبائن أو الراغبين في هذا النوع من الزواج المؤقت من الساعة الخامسة مساء وحتى الساعة التاسعة مساء. ونشرت "مؤسسة طريق الإيمان الإسلامية" قوائم بأسماء لنساء في العاصمة بغداد لطلب زواج المتعة، ويمكن للمستفيد اختيار اسم المرأة مع رقم تسلسل الاسم ومراسلة المؤسسة على "خاص الصفحة"، أما في المحافظات فإن لكل محافظة قائمة خاصة بأسماء النساء اللواتي يرغبن في الزواج وترسل للمستفيد عبر الخاص.
وتمنت المؤسسة على "زبائنها" احترام قوانينها. ودعت في منشورات أخرى، وسائل الإعلام والصحافة ومنظمات المجتمع المدني إلى ندوة حوارية تحت عنوان "أهداف الزواج المؤقت" تنظمها في مقرها "بغداد، الجادرية، مقابل جامعة بغداد، بالقرب من شركة شيري" حول نشاط المؤسسة لزواج المتعة ومدى تفاعل الشباب مع هذا الزواج والإقبال عليه".
*التسجيل بسرية تامة
*خلاف مذهبي حوله
وقد قبلت سيدة عراقية أن تكون شاهدة على زواج صديقتها من المذهب الشيعي، رغم عدم إيمانها به، إلا أنها ذهبت بدافع الفضول ، فوجدت نفسها أمام عالم مهول من الحقائق والقصص التي ربما لا يمكن تصديق سماعها إن كان مجديًا سماعها، ولكن "ليس من رأى .. كمن سمع" كما يقول الشاعر العربي القديم.
السيدة شيماء وهي مطلقة وأم لثلاثة أطفال تقول إنها تمارس "زواج المتعة"، وتختار الرجل المؤمن وتطلب مهرًا جيدًا يساعدها في قضاء احتياجاتها، إلا أنها تفضل من يقدس الحياة الزوجية.أما مروة وعمرها 38 عامًا فتوضح أنها احتملت معاناة كبيرة من زوجات إخوتها لكونها عانسًا، فتزوجت زواجًا منقطعًا عندما تعرفت إلى زوجها (26 سنة)، وتقول: رغم إنه يصغرني عمرًا إلا أنه متوازن ومتفهّم. وهو يقدرني ويحبني ويمنحني الدفء الإنساني والمادي، وهو ما أحتاجه فعلًا.
وتؤكد شهد وهي أرملة (42 عاما) ولها طفلتان أن "زواج المتعة" أنقذها من الخطيئة، وتقول: انا موظفة وزوجي زميل لي في الدائرة نفسها، كان يبدي اهتمامًا بي ويسمعني كلامًا لطيفًا، ويسألني كيف أقضي الليالي والأيام وحيدة على الرغم من أني جميلة وأبدو أصغر من عمري، فأخذ كلامه يؤثر بي شيئا فشيئا، وصرت انتظر اتصاله بنفاد صبر، فصوته وكلماته وحرارته جعلتني أغرق في هواه.
وأضافت: تواصل الكلام بيننا عبر الهاتف المحمول، لكننا صرنا بحاجة لأكثر من مجرد الكلام، وعندها طرح علي فكرة زواج المتعة، ترددت بادئ الأمر لكنه أوضح منذ البداية موقفه بعدم الزواج الدائم لأنه متزوج وعنده 7 أطفال. الآن نحن متزوجان منذ أكثر من عام، وكلما تقدم الوقت بنا يزداد تعلقنا ببعض. إضافة إلى الانسجام الجسدي بيننا هناك شيء ما يربطنا ويشدنا لبعض، من يدري قد يتحول زواجنا الى دائم. هذا ما أتمناه، لكني الآن أطير فرحًا فوق السحاب، لاشيء يشبه أو يعادل وجود رجل محب في حياة المرأة.
أما الشابة حنين (22 سنة) الطالبة في كلية الصيدلة فتقول: أصبح أمرًا عاديًا في الجامعة أو المعهد أن نتحدث مع صديقاتنا عن زواج المتعة. الكثير من الطالبات يلجأن إلى "زواج المتعة" بسبب حاجتهن إلى المال ومصاريف الحياة الجامعية، وأصبحت ظاهرة منتشرة في الكلية "فما إن ترى طالبًا وطالبة معا حتى نفكر أن الأمر سيتحول إلى الزواج المنقطع، لكن اغلب هذه الزيجات لا تدوم. والعواقب السلبية لهذا الزواج تتحملها البنت أكثر من الرجل، لهذا فهو أمر مؤذٍ جدًا للفتاة.
أما مريم ذكرت في مكتب أحد رجال الدين ، في منطقة الكرادة وسط بغداد، وجدت نفسي أمام ثنائيات كثيرة، من المتزوجين طبعًا، كل ثنائي جاء بمفرده، لا أهل ولا قريب، وفي بعض الأحيان حتى بلا صديق، كلهم جاءوا إلى المكتب ذاته لعقد قِران زواج متعة، أما الشهود فأمرهم يسير، إذ أجلس رجل الدين عددًا منهم في غرفة مجاورة، وكل من يبغي الزواج ما عليه إلا أن يجلب اثنين منهم لأداء الشهادة، ويأخذ "المقسوم" والمقسوم هنا بلغة العراقيين، مكافأة شهادته، وهي تتراوح ما بين الخمسين دولارًا إلى المئة، وفي أحيان أخرى أكثر بكثير من ذلك تبعًا لحالة الزوج.
وأضافت مريم دخلت صديقتي وعريسها ، وكنت أحد الشهود على الزواج ومعنا شخص آخر الذين دفع لهم العريس نحو 100 ألف دينار عراقي كشاهد على الزواج، أي ما يقارب الـ90 دولارًا أو أقل من ذلك بقليل تبعًا لقيمة الدينار في السوق، وهي قيمة متقلبة.
وانتهزت الفرصة وأنا أدلي بشهادتي لأسأل رجل الدين عن عدد الزيجات التي يعقدها يوميًا، فقال: دائمي أم متعة؟ قلت له: المتعة كم؟ فقال: تقريباً ننجز يوميًا 100 زواج متعة، ومرات أقل من هذا العدد، أما الدائمي، وهنا تطوع بالإجابة دون أن أسأله، فقال: إنه قليل "في بعض الأحيان عشرة، أيام الموسم، ولكن في الأغلب لا يتجاوزون الخمسة".
وأضاف "نرى أن المجتمع العراقي يمر بأزمة أخلاقية وهي أزمة كبيرة". وعن دور الدولة في معالجة هذه الظواهر قال حمزة إن "للسياسيين مشاريع سياسية تتعلق بالدولة وليس بالمجتمع، وعليه أصبحت الهوة كبيرة بين المجتمع والدولة، وهنا يجب ألا نلوم الشباب، بل نلوم أنفسنا كباحثين واخصائيين بعلم الاجتماع، يجب أن نجد خارطة طريق يستطيع عن طريقها الشباب أن يتجه إلى الوجهة الصحيحة، لاسيما وأن هناك ظواهر تفرزها الحروب المتكررة والنزاعات، وسوف يتخلص منها المجتمع العراقي لأنها حالات آنية وطارئة، ما أن يستتب الأمن والنظام سيعود المجتمع العراقي كسابق عهده صحيًا قوامه المشاركة والتآخي.