عدن _ عبدالغني يحيى
باغتت مقاتلات التحالف الداعم للشرعية في اليمن مكتب رئاسة الميليشيات الحوثية ووزارتي داخليتهم ودفاعهم في صنعاء، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، بينهم قياديون ما زالت الجماعة تتكتم على مصيرهم، في ظل حالة من الاستنفار والتشديد الأمني في مختلف أحياء العاصمة.
وقال العقيد تركي المالكي، المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال مؤتمر صحافي عُقد الإثنين بالعاصمة الرياض، إن استهداف دار الرئاسة في صنعاء، الذي تم صباح أمس، أتى بعد وجود معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بوجود قيادات حوثية من الصف الأول والثاني، مع الأخذ في الاعتبار القواعد العرفية للاستهداف، المتمثلة في الحاجة العسكرية والتناسق مع الجانب الإنساني، مشيرًا إلى أن تلك القيادات على قائمة المطلوبين الـ40، وأنهم في مرمى أمام قوات تحالف دعم الشرعية ومراقبتهم، مؤكدًا أن جميع من يقف خلف عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية والمقذوفات تجاه الأراضي السعودية، أو الذين استهدفوا المدنيين داخل اليمن، ليسوا ببعيدين عن قوات التحالف، وسيتم القضاء عليهم، وواصل "إذا كان استهداف القيادي صالح الصماد قاسيًا، فإن الضربة التي وجهتها قوات التحالف مؤلمة للميليشيا الحوثية".
من جانبة، أكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، أن اعتداءات الحوثيين المُدبرة من النظام الإيراني ضد بلاده، تكشف عن إرهاب هذه الجماعة، وأنها لن تؤثر على الاستقرار والتنمية في المملكة، وأكد في تغريدة على حسابه في "تويتر" ان "الاعتداءات الحوثية المدبرة من إيران والتي يستنكرها بشدة المجتمع الدولي، تكشف إرهابهم ولا تؤثر على استقرارنا وتنميتنا".
وفي الوقت الذي رجحت مصادر محلية في صنعاء أن الضربات الجوية استهدفت كلًا من الرئيس الجديد لمجلس حكم الجماعة الحوثية مهدي المشاط، ورئيس لجنتها الثورية محمد علي الحوثي، في أثناء وجودهما في مكتب الرئاسة الواقع في حي التحرير وسط صنعاء، قالت المصادر إن مصيرهما لا يزال مجهولًا، مع عدد آخر من القيادات، أبرزهم القيادي أحمد حامد المكنى بأبي محفوظ، والمعين من قبل الميليشيات في منصب مدير مكتب الرئاسة، وفي حين تداول الناشطون في صنعاء صورًا للأماكن المستهدفة بالضربات، أكدوا مقتل وجرح العشرات من مسلحي الجماعة، وحراس القيادي أبو محفوظ الذي يعد واحدًا من عناصر الصف الأول في الميليشيات، وصاحب الحظوة لدى زعيمها عبد الملك الحوثي.
وكان القيادي أحمد حامد (أبو محفوظ) وزيرًا لإعلام الجماعة، ومسؤولًا عن قمع الناشطين والإعلاميين، قبل أن تعينه منذ نحو 3 أشهر مديرًا لمكتب رئيسها الصريع صالح الصماد، لمراقبة تحركاته وسكناته، حيث إنه من الأشخاص القليلين في الجماعة الذين يمتلكون خطوط اتصال مباشرة مع زعميها الحوثي، وقبل أن تباغت مقاتلات التحالف بغارتين، صباح أمس، مبنى مكتب الرئاسة الحوثي، كانت قد استهدفت قبل ساعات مباني وزارتي الدفاع والداخلية، التي تسيطر عليها الميليشيات، وتتخذ منهما مقرات لإدارة عملياتها العسكرية والأمنية.
وفي حين تكتمت الجماعة الحوثية على الاعتراف بمقتل أي من قياداتها أو عناصرها جراء الغارات، زعمت مصادرها الرسمية أن 6 أشخاص هم عدد القتلى جراء الغارات، إضافة إلى نحو 60 جريحًا، وفي ظل التضارب في المعلومات بشأن مصير كبار القيادات الحوثية إثر ضربات التحالف، أكد ناشطون يمنيون أن رئيس ما تسمي "اللجنة الثورية العليا"، محمد علي الحوثي، كان المستهدف الرئيس بالقصف، غير أنه كان قد غادر مقر مكتب الرئاسة قبيل الضربة الجوية بوقت قليل.
وفي السياق نفسه، فرضت الجماعة طوقًا أمنيًا على أماكن القصف، وسط انتشار كثيف لعناصرها في مختلف أحياء العاصمة، ومنعت الاقتراب من محيط المكتب الرئاسي، وقامت بإغلاق عدد من الشوارع المحيطة، في مسعى يرجح أنه لمنع تسرب أي معلومات حول هوية القيادات التي أصيبت جراء القصف.
إلى ذلك، قال شهود إن عناصر الجماعة الحوثية فرضوا حراسة مشددة على عدد من المستشفيات التي نقل إليها القتلى والجرحى، في سياق عملية التكتم التي تلجأ إليها الميليشيات للتغطية على خسائرها على مستوى القيادات والعناصر المسلحة، خشية أن يؤدي ذلك إلى الحط من معنويات أتباعهان وعلى وقع حالة الذعر التي تهيمن على أوساط قادة الميليشيات بعد مقتل الصماد جراء ضربات للتحالف اصطادته في مدينة الحديدة، لجأ كبار قياداتها إلى التخفي والإحجام عن الظهور الميداني، والاعتماد على أماكن سرية لعقد الاجتماعات، من بينها منازل آمنة تملكها الجماعة في وسط الأحياء السكنية، جنوب العاصمة وشمالها.
ومع تصاعد منسوب الهلع من الاختراقات الداخلية لصفوف الجماعة، أعلنت الميليشيات عددًا من الأحياء في صنعاء مناطق عسكرية، وعلقت لافتات تحذر السكان من أي بناء سكني جديد، أو استحداث لطوابق جديدة، أو بيع للأراضي، في هذه المناطق، ومن بينها الأحياء المحيطة بمنطقة عطان، والمحيطة بجبل نقم، وتلك الواقعة جوار دائرة الأشغال العسكرية في شارع الأربعين، في حي سعوان
ومن جانب آخر، شدّد المتحدث باسم قوات التحالف على الجهود الإيجابية التي يقوم بها برنامج الغذاء العالمي، منوهًا بكل المنافذ البحرية والجوية والبحرية، التي عددها 22 منفذًا تعمل بكامل طاقتها الاستيعابية، وبيّن أن أوامر عدم الاستهداف العسكري التي صدرت لخلية الإجلاء والعمليات الإنسانية التابعة للتحالف منذ 26 مارس (آذار) 2015 حتى 30 أبريل (نيسان) الماضي تُقدر بـ9248 أمر عدم استهداف، وأن عدد التصاريح التي تم إصدارها بكل أنواعها يبلغ 23257 ألف تصريح.
وأفاد بأن التصاريح الجوية الصادرة من خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية خلال الفترة بين 25 نيسان الماضي و7 مايو (أيار) الماضي بلغ 92 رحلة دولية، وعدد الركاب 10 آلاف راكب في مجموع 7 مطارات يمنية، كما تم منح عدد 12 تصريحًا عبر المنافذ البرية فيما مجموعه 5 منافذ برية، كما تم منح عدد 77 تصريحًا في ما يتعلق بالموانئ البحرية التي بلغ عددها 10 موانئ بحرية.
وذكر المالكي أن الميليشيا الحوثية الإيرانية تتعمد عرقلة توجه السفن إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، مفيدًا بأن 17 سفينة تحمل مشتقات نفطية في مناطق رمي المخطاف في ميناء الحديدة، وأن مجموع السفن التي في مناطق رمي المخطاف تبلغ 39 سفينة، كما أن عدد السفن التجارية الموجودة في الموانئ اليمنية بالوقت الحالي تبلغ 23 سفينة، منها 7 سفن في الحديدة وسفينتين في ميناء الصليفن وقال إنه خلال 104 أيام، استفاد نحو 3.7 مليون مستفيد من خدمات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ضمن حدود العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، مؤكدًا أن الميليشيا الحوثية تعيق منذ نحو شهر جهود المنظمات الأممية، بمنع وصول لقاحات الكوليرا إلى المستفيدين.
وأكد المسؤول العسكري بقوات تحالف دعم الشرعية في اليمن أن الصواريخ الباليستية والمقاذيف التي أطلقت على السعودية حتى يوم السبت الماضي بلغت 133 صاروخًا باليستيًا، وأن عدد المقذوفات التي سقطت بلغت 66 ألف مقذوف عسكري، موضحًا أن الميليشيا الحوثية أطلقت 7 صواريخ منذ يوم 25 أبريل الماضي حتى يوم أول من أمس (السبت)، وذلك من مناطق شمال عمران وصعدة باتجاه نجران وجازان، مشيرًا إلى أن إجمالي خسائر الميليشيا الحوثية التابعة لإيران، كمواقع وأسلحة ومعدات، منذ تاريخ 25 أبريل (نيسان) الماضي حتى يوم السبت الماضي بلغت 307 خسائر.
وحول موضوع جزيرة سقطرى، قال المالكي إن هناك بعض الاختلافات في وجهة النظر بين الحكومة المحلية والجانب الإماراتي في طريقة التعامل مع بعض المسائل في جزيرة سقطرى، وإنه تم الاتفاق على وضع الآلية للتنسيق الشامل بين التحالف والحكومة اليمنية، مشددًا على توحد الأهداف والرؤى التي انطلقت من أجلها "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" حتى تحرير كل الأراضي اليمنية وإعادة الشرعية، أما بخصوص الضابط القطري الذي قُبض عليه في اليمن، ذكر المالكي أنه شخص يمني، بغض النظر عن جنسيته التي يحملها، وأنه تم إيقافه على الأراضي اليمنية، وبذلك يتم التعامل معه من قبل الحكومة اليمنية، بحسب القانون اليمني.
وعلى صعيد متصل بحالة الانهيار التي طالت صفوف الجماعة جراء خسائرها المتصاعدة في جبهات القتال، أمام تقدم قوات الجيش اليمني، خصوصًا في جبهات صعدة والساحل الغربي، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن قادة الميليشيات بدأوا يرسلون عناصر من حراساتهم الشخصية ومرافقيهم إلى الجبهات، بعد أن فشلوا في استقطاب المزيد من المجندين والعسكريين السابقين، وفي غضون ذلك، دفعت الهزائم المتعاقبة التي تلقتها الميليشيات في أكثر من جبهة عناصرها في صنعاء للإقدام على مزيد من أعمال القمع بحق الناشطين والمعارضين، والتضييق على الحريات العامة، ومنع الحفلات الطلابية، ومنع استخدام الآلات الموسيقية في الأعراس.
وأدى اشتداد الصراع بين أجنحتها عقب مقتل الصماد إلى ارتفاع منسوب عدم الثقة في القيادات الحزبية الموالية للجماعة، خصوصًا المحسوبة على حزب "المؤتمر الشعبي"، بالتزامن مع تشديد الرقابة على هذه القيادات خشية انشقاقها عن الجماعة، والتحاقها بالمناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، كما ذكرت مصادر في حزب "المؤتمر"، أمس، أن الميليشيات اعتقلت القيادي في الحزب عبد الحميد الحدم، بعد دهم منزله في صنعاء، وهو من القيادات المحلية التي تنتمي إلى منطقة الحدا القبلية، شمال محافظة ذمار، وذلك على خلفية منشورات مناهضة للجماعة، دونها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".