حكومة الوفاق الوطني الليبية

أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أن رئيسها فايز السراج، تعرض لـ "محاولة اغتيال، مشيرة إلى أن مسلحين أطلقوا النار على موكبه الذي كان يضم أيضًا رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، ورئيس الحرس الرئاسي العميد نجمي الناكوع، لكن لم يصب أي من الثلاثة بسوء. واتهم السراج "مجموعة مارقة على القانون" بمحاولة التعرض لموكبه، لافتًا إلى أن "القوة الأمنية التابعة للمجلس الرئاسي تلاحق أفراد هذه المجموعة، وسيتم تقديمهم إلى العدالة فور القبض عليهم".

وبيّن رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، عن عزمه الإعلان الأسبوع المقبل، عن تسمية أعضاء لجنة برلمانية للتواصل مع اللجنة المكلفة بحل الأزمة الليبية من دول الجوار، والأمم المتحدة، وعن التعديلات في الاتفاق السياسي المطلوبة.

وأوضح صالح، خلال بيان رسمي له، أن التعديلات ستتضمن "إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وتعيين رئيس منفصل للحكومة من أجل إخضاعه للمساءلة أمام البرلمان عند حصول مخالفات".

وبيّن صالح أن "الفرصة السانحة لحل الأزمة الليبية وشبه الإجماع من كل ليبيا في شرقها وغربها وجنوبها، تحتم على مجلس النواب تحمل مسؤولياته التاريخية عبر الاصطفاف والاتفاق على الخروج من الخلاف وتعديل الاتفاق". وأضاف أن "ما فعله الشعب الليبي الآن جعل معظم الدول تعيد حساباتها، وتفهم قضيته وتقبل النقاش والعمل على تعديل ما يراه نواب الشعب من مواد الاتفاق السياسي، في إشارة لدعم قطاع كبير من الشعب لجهود الجيش الوطني.

واقتربت الأطراف الليبية في الآونة الأخيرة من الاتفاق على تعديل "الاتفاق السياسي"، الذي خلق حالة من الجمود السياسي، بسبب عدم التوافق على بعض بنوده الجدلية.

وكشف الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الجمعة الماضي عن وصول طلب رسمي من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج للاستعانة بخبرته على الصعيدين الدفاعي والأمني، موضحًا أن طلب السراج يلتمس فيه نصائح الحلف وخبرته على صعيد بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية، دون أن يحدد موعدًا لمناقشة هذا الطلب بالرغم من إعلانه سابقًا عدة مرات عن استعداده لقبول طلب رسمي من حكومة الوفاق، لمساعدتها في بناء قدراتها الدفاعية والأمنية.

ويرى مراقبون أن الحلف لن يكون قادرًا هذه الفترة على بلورة رؤية وقرار تجاه حكومة الوفاق في طرابلس، استنادًا إلى مواقفه السابقة الداعمة للحكومة، خصوصًا بعد تراجع مواقف كثير من دول الحلف البارزة إزاء حكومة الوفاق تماشيًا مع تصاعد الدعوات التي تطالب بضرورة إشراك قائد قوات الجيش الوطني المشير خليفة حفتر في أي تسوية سياسية قادمة، وهي دعوات ولا شك اصطدمت برفض "المشير حفتر" لقاء "السراج" نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة.

وفي ظل المواقف المرتبكة يبدو أن قرار الحلف تجاه الاستجابة لطلب حكومة السراج سينتظر طويلًا، حتى يتضح الموقف الأميركي الجديد في ظل إدارة ترامب وسط تسريبات متلاحقة عن إمكانية دعم الإدارة الأميركية الجديدة لقوات الجيش، وتحول موقفها السابق الداعم للاتفاق السياسي ومخرجاته ومنها حكومة الوفاق.

وسعت قيادة الاتحاد الأوروبي من خلالها مفوضة الاتحاد الأوروبي السامية للسياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني ودول بارزة فيها الحلف كإيطاليا إلى بدء اتصالات كثيفة من خلال زيارات لواشنطن، ولقاء مسؤولين أميركيين في عواصم كبرى آخرها "مؤتمر الأمن" في ألمانيا، من أجل التعرف للموقف الأميركي الجديد، إزاء قضايا مرتبطة بالشرق الأوسط، وتحديدًا الدول التي تعيش فوضى عامة كليبيا، لكن الموقف الأميركي لا يبدو عليه الوضوح حتى الآن، وسط ترقب كبير لما ستسفر عنه زيارة الرئيس ترمب يوم 25 من مايو/أيار المقبل لمقر الحلف حيث من المقرر أن يفتتح مقرًا جديدًا للحلف في بروكسل.

واعتبر خبراء أن أي قرار للحلف الآن سيصطدم بإشكالية انقسام المؤسسة العسكرية في ليبيا، لاسيما بعد تزايد قوة الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر وسيطرته على أجزاء واسعة من البلاد، والذي بات يحظى برضا أطراف دولية فاعلة مثل فرنسا وروسيا، كما أن المجموعات المسلحة القريبة من حكومة الوفاق لا يبدو أن "السراج" يسيطر عليها بشكل فعلي، خصوصًا بعد أن أعلن أغلبها عن ولائه الأسبوع قبل الماضي لجسم عسكري جديد، تحت مسمى "الحرس الوطني" يتبع حكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر، والتي تنازع حكومة الوفاق في السيطرة على طرابلس.