وزير الخارجية الإيراني محمد جواد

 تقود فرنسا هجومًا مضادًا للحفاظ على مصالح الشركات الأوروبية، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست، إذ رفضت التصرّف مثل "خدم" لواشنطن، ودفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، مقترحةً تأسيس هيئة أوروبية تحظى بالسلطات التي تتمتع بها وزارة العدل الأميركية لفرض عقوبات على شركات أجنبية نتيجة ممارساتها التجارية.

وفي وقت تستقطب روسيا مشاورات ديبلوماسية لمحاولة إنقاذ الاتفاق، أعلن الكرملين أن موسكو وحلفاءها في الفضاء الروسي سيوقّعون اتفاقاً للتجارة الحرة مع إيران، مرجّحاً تقارباً روسياً - أوروبياً نتيجة رفض الجانبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق المُبرم عام 2015، وإمهال إدارته الشركات الأجنبية المتعاملة مع طهران 180 يومًا لوقف نشاطاتها، تحت طائلة التعرّض لعقوبات.

ويستعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة بكين وموسكو وبروكسيل حيث يلتقي نظراءه الأوروبية والفرنسي والبريطاني والألماني، لمناقشة سبل إنقاذ الاتفاق النووي. ونظم إيرانيون مسيرات في طهران ومدن أخرى نددت بخطوة ترامب، فيما اتهم رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي الأوروبيين بـ"نكث عهودهم" تجاه بلاده، مهدداً بـ "تدمير" تل أبيب وحيفا "إذا ارتكبت إسرائيل حماقة".

وكرّر وزير المال الفرنسي برونو لومير أن على أوروبا ألا تقبل تصرّف الولايات المتحدة مثل "شرطي اقتصادي عالمي"، متسائلاً "هل نريد أن نكون خدماً يطيعون القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة، أم نريد أن نقول إن لدينا مصالحنا الاقتصادية، ونعتبر أننا سنواصل التجارة مع إيران"؟. ورأى ان الوقت حان لتظهر أوروبا سيادتها واستقلالها المالي، مشيراً إلى أنه اتصل بنظيره الأميركي طالباً إما استثناءات لشركات فرنسية تعمل في إيران، أو فترات زمنية أطول لبعضها، قبل تطبيق واشنطن عقوباتها. واستدرك أن لا "أوهام" لديه في شأن ردّ أميركي سخيّ.

واقترح تأسيس هيئة أوروبية تتمتع بالصلاحيات التي تمارسها وزارة العدل الأميركية في معاقبة شركات أجنبية نتيجة ممارساتها التجارية. وأضاف "هناك إدراك بين كل الدول الأوروبية بأننا لا نستطيع مواصلة الاتجاه الذي نسير فيه الآن، والذي نخضع فيه للقرارات الأميركية". ورأى أن أوروبا تحتاج إلى تشديد قواعد صيغت عام 1996، وتابع: "تأمل فرنسا وشركاء أوروبيون آخرون بطرح اقتراحات على المفوضية الأوروبية في هذا الصدد".

لكن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل اعتمدت لهجة أقل تشدداً، إذ أقرت بحصول "حدث جدي"، مستدركة أنه "لا يشكّل سبباً لتشكيك في الشراكة الكاملة عبر الأطلسي"، بين أوروبا والولايات المتحدة. واعترفت بأن "الحفاظ على الاتفاق" النووي ليس مؤكدًا "إذا لم تنضم إليه قوة اقتصادية عملاقة"، في إشارة إلى أميركا.وأعلن مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف أن الأخير ناقش الملف النووي الإيراني في اتصال هاتفي مع مركل، لافتاً إلى أن مواقفهما "متطابقة عملياً". وأضاف أن الجانبين "شددا على أهمية إبقاء الاتفاق النووي لدواعي الأمن الدولي والإقليمي"، مشيراً إلى أن بوتين سيجري مزيداً من المناقشات في هذا الصدد مع مركل والرئيس الفرنسي لدى زيارتهما روسيا الشهر الجاري. وذكر أوشاكوف أن بوتين سيلتقي أيضاً المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في مدينة سوتشي بعد غد، وزاد: "نعمل مع طهران لئلا تنسحب" من الاتفاق. وكان لافتاً إعلان الوكالة أن مسؤول عمليات التفتيش تيرو فارخورانتا، استقال فجأة من منصبه، من دون كشف الأسباب. ورجّح أوشاكوف تقارباً بين قادة روسيا وفرنسا وألمانيا نتيجة معارضتها قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، رغم خلافات حادة في شأن الحرب السورية والأزمة الأوكرانية. وأضاف "عندما تتطابق وجهات النظر، يمكن أن يعني ذلك أن الدول تقترب على الأقل من بعضها بعضاً".

 وأشار إلى أن روسيا وحلفاءها في الفضاء السوفياتي سيوقعون مع إيران الأسبوع المقبل اتفاقاً للتجارة الحرة تم التفاوض عليه مسبقاً، وسيشمل إيران وروسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا وقرغيزستان.