طرابلس _ فاطمة السعداوي
قتل 12 مواطنًا، أمس الأربعاء، على الأقل بينهم ثلاثة من عناصر الأمن في هجوم "انتحاري" شنه تنظيم داعش على مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بمنطقة غوط الشعال في قلب العاصمة الليبية طرابلس، فيما تعهد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، بتعقب الجناة، معلنًا الحداد الرسمي 3 أيام.
وأفادت إحصائية رسمية قدمتها وزارة الصحة في الحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، بأن حصيلة الهجوم الذي استعادت بموجبه العاصمة طرابلس كابوس الهجمات الإرهابية التي يشنها التنظيم، بلغت مساء أمس 12 قتيلا، وصلت جثثهم إلى عدد من المستشفيات والمصحات، مشيرة إلى أن من بين القتلى ثلاثة أشخاص بزى الشرطة، لكن المستشفى الميداني في طرابلس قال إن الذين قضوا في الحادث بلغ 16 قتيلا.
وأوضحت وزارة الصحة أن حصيلة الجرحى 7 أشخاص فقط تم توزيعهم على عدة مستشفيات محلية قريبة من موقع الهجوم.
وامتنع عماد السايح رئيس المفوضية، التي يفترض أنها تستعد لتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الحالي، عن التعليق على الهجوم، لكن مسؤولا بالمفوضية قال "إن عناصر متشددة تنتمي إلى تنظيم داعش اقتحمت مقر المفوضية وأضرمت النيران فيه، قبل أن يقع تبادل لإطلاق النار مع المهاجمين ومن بينهم انتحاريان على الأقل، لدى محاولة السيطرة على المقر".
وقال خالد عمر مدير مكتب إعلام المفوضية "إن الحادثة أسفرت عن سبعة قتلى... ثلاثة من موظفي المفوضية وأربعة من عناصر الأمن"، مشيرًا إلى أنه رأى الانتحاريين وكانا يصيحان الله أكبر، مضيفا أنه رأى أشلاءهم مبعثرة على الأرض.
وتابع "أحدهما فجر نفسه داخل المقر وآخر أشعل النار في جزء من المبنى... الموظفون خارج المكان والأمن يتعامل مع الحادثة"، وطبقا لما رواه مسؤول أمنى بوزارة الداخلية التابعة لحكومة السراج، فإن الهجوم الانتحاري بدأ في حدود الساعة 10:40 بالتوقيت المحلي، عندما اقتحم انتحاريون من "داعش" مقر المفوضية، وفتحوا النار لحظة عبورهم البوابة الرئيسية باتجاه مكاتب الموظفين.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن اثنين من الانتحاريين فجرا نفسيهما بعدما حاصرتهما قوات الأمن، التي وصلت لتعزيز صفوف الحراس المكلفين بحماية مقر المفوضية، قبل أن يؤكد سيطرة قوات الأمن على مقر المفوضية والموقف بالكامل، بعد نقل كل الموظفين إلى خارج المقر.
وتعهد فائز السراج رئيس حكومة الوفاق في طرابلس بأن المتورطين في الهجوم الإرهابي "لن يفلتوا من العقاب ولن يجدوا مكانا آمنا في ليبيا"، معتبرا أن "هذه العملية الإرهابية محاولة يائسة لتعطيل المسار الديمقراطي وإجهاض التجربة في مهدها".
وأضاف السراج الذي أعلن في بيان، أمس، الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام على ضحايا الهجوم، أن ذلك لن يثنيه عن المضي قدما في المسار الذي اختاره الشعب، وقال إن هذه الجرائم لن تزيدنا سوى الإصرار على الوحدة لمكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله.
وأدان مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، الهجوم معلنا استنكاره لهذا العمل الإرهابي الجبان الذي طال حياة الأبرياء جراء انتشار فكر الإرهاب والتطرف الذي يهدف إلى انتشار الفوضى والخراب والدمار وضرب حياة الآمنين والحيلولة دون قيام دولة المؤسسات وعرقلة العملية الديمقراطية.
وقال غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، "إنه قدم للدكتور عماد السايح رئيس المفوضية، خلال اتصال بينهما واجب العزاء بالضحايا الأبرياء الذين وقعوا"، وأكد له في المقابل على دعم الأمم المتحدة المتواصل للمفوضية وللعملية الانتخابية في ليبيا.
وقال سلامة في بيان له "إن هذا الاعتداء الجبان الذي تعرض له هذا الصرح الديمقراطي هو عدوان مباشر على الشعب الليبي وعلى إرادته ببناء دولة مدنية عادلة كما على أمله بإيجاد مخارج تنهي المراحل الانتقالية وترسي بالطمأنينة والاستقرار على المشهد الليبي".
كما أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ما وصفته بالهجوم الإرهابي الآثم الذي تعرض له مقر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في طرابلس، واعتبرت أن هذه الاعتداءات الإرهابية لن تثني الليبيين عن المضي قدما في مسيرة إرساء الوحدة الوطنية ودولة القانون والمؤسسات. قبل أن تدعو البعثة السلطات الليبية لملاحقة المجرمين والاقتصاص منهم بأسرع وقت.
وكان السراج رحب بمطالبة المجموعة الرباعية التي تضم الجامعة العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي والأمم المتحدة، الأطراف الليبية كافة على قبول نتائج الانتخابات المزمع عقدها قبل نهاية العام الحالي.
وقال في بيان له مساء أول أمس الثلاثاء "إنه يتعين على كافة الأطراف القبول بما تسفر عنه الانتخابات من نتائج، كما جاء في بيان الرباعية".
ووثق تقرير أعدته بعثة الأمم المتحدة بالإضافة إلى ذلك، وقوع 31 إصابة في صفوف المدنيين خلال الشهر الماضي، من بينهم 4 حالات وفاة و27 إصابة بجروح، أثناء ما سماه التقرير بأعمال عدائية في مناطق مختلفة من ليبيا.