وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون في قاعة الشعب الكبرى

اعترفت الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة، السبت، بأنها على اتصال مباشر مع كوريا الشمالية بشأن تجاربها النووية والصاروخية، ونقلت صحيفة الديلي ميل عن وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون قوله للصحافيين في مقر السفارة الأميركية في بكين: "نسأل، "هل تودون التحدث؟، لدينا خطوط اتصالات مع بيونغ يانغ". 

وجاءت تصريحات تيلرسون إثر محادثات أجراها في بكين مع مسؤولين صينيين، في مقدمهم الرئيس شي جينبينغ لبحث الجهود لوقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية، والتحضير لزيارة الرئيس دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين ثان المقبل.

وأضاف تيلرسون: "لسنا في موقف مظلم . لدينا قناتان أو ثلاث مفتوحة على بيونغ يانغ"، لم نتحدث عن استجابة بيونغ يانغ، بحسب نيويورك تايمز التي نقلت عن وزير الخارجية الأميركي قوله: "يمكننا أن نتحدث معهم. نحن بالفعل نتحدث معهم". وردًا على سؤال ما إذا كانت الصين ضالعة في التوسط في الاتصالات، تردد أن تيلرسون قال: "بشكل مباشر. لدينا قنواتنا الخاصة". وفي بكين، بحث تيلرسون مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها ترامب للصين. والتقى تيلرسون أيضًا بوزير الخارجية الصيني، وانغ يي ومستشار الدولة، يانغ جيشي لبحث التهديد النووي من جانب كوريا الشمالية والتجارة بين أميركا والصين. من جهته، قال الرئيس الصيني خلال استقباله الوزير الأميركي في أجواء ودية "أنا واثق بان زيارته ستكون خاصة ورائعة وناجحة"، وهذه الزيارة هي الاولى التي يقوم بها ترامب للصين بعدما كان هاجمها العام الماضي خلال حملته الانتخابية متهما اياها خصوصا بـ "سرقة" ملايين الوظائف في الولايات المتحدة.

وقال شي، خلال لقاء مع تيلرسون في قاعة الشعب الكبرى "حاليا الحدث الاكثر أهمية في علاقتنا الثنائية هو زيارة الرئيس ترامب إلى الصين في نوفمبر/تشرين ثان"، وأضاف شي أنه هو وترامب بذلا جهودا لتعزيز علاقاتهما الدبلوماسية وإنهما يحافظان على "شراكة عمل جيدة للغاية وصداقة شخصية". ومن المقرر أن يزور ترامب الصين في نوفمبر، في إطار زيارة آسيوية لتشجيع المنطقة على توحيد الصف ضد برامج الاسلحة الكورية الشمالية. 

وسيتوجه ترامب والسيدة الاولى، ميلانيا ترامب، إلى خمس دول آسيوية في الفترة من الثالث حتى 14 نوفمبر/تشرين ثان وولاية هاواي الأميركية في المحيط الهادي. ويتوقع ترامب نفسه أن تكون الزيارة "مزدحمة".

وذكر شي بانه التقى نظيره الأميركي مرتين احداهما في مقر اقامة ترامب في فلوريدا وتبادل معه عددا من الرسائل والاتصالات الهاتفية، وقال "أقدر كلا من هذه الاتصالات. لقد بذلنا جهودا لافتة لتطوير العلاقات الصينية الأميركية. لقد طورنا علاقة عمل جيدة وصداقة شخصية". ورد تيلرسون ان العلاقة بين البلدين "تنضج اكثر فاكثر بفضل قوة العلاقة بينكم وبين الرئيس ترامب". واضاف "نأمل بان نطور هذه العلاقة في شكل اكبر خلال القمة المقبلة". وتاتي زيارة وزير الخارجية الامريكي على خلفية تحسن العلاقات بين واشنطن وبكين بعدما هيمن عليها التهديد الكوري الشمالي بعد شهر من تجربة نووية قوية لبيونغ يانغ.

لكن ايا من الرجلين لم يتطرق الى الملف الكوري الشمالي في ملاحظاته الاولية قبل ان يغادر الصحافيون القاعة. والامر نفسه حصل خلال اجتماع تيلرسون بنظيره الصيني وانغ يي في وقت سابق السبت. وكان تيلرسون صرح قبيل مغادرته واشنطن "ولكن كوريا الشمالية ستكون بالتاكيد احد الموضوعات المطروحة". واوضح انه سيبحث مع الجانب الصيني "نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية" اضافة الى التجارة والاستثمار، بحسب الخارجية الامريكية. وفي الاشهر الأخيرة، اتهمت ادارة ترامب الصين علنا بعدم بذل جهود كافية للضغط على بيونغ يانغ للتخلي عن طموحاتها النووية، علما بان بكين هي اخر شريك تجاري كبير لكوريا الشمالية.

لكن اللهجة الشديدة تراجعت اخيرا بعدما وافقت بكين على الرزمة الجديدة من العقوبات على كوريا الشمالية والتي فرضها مجلس الامن الدولي. وتطبيقا للقرارات الاممية، اعلنت وزارة التجارة الصينية الخميس ان الشركات الكورية الشمالية العاملة في الصين يجب ان تغلق ابوابها بحلول يناير. كذلك، اكد العملاق الاسيوي الذي يصدر القسم الاكبر من النفط الخام الذي يستهلكه الكوريون الشماليون، الاسبوع الماضي انه سيحد في شكل كبير من صادراته من المنتجات النفطية. وفي ضوء ذلك، رحبت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية هيثر ناورت هذا الاسبوع بهذا "التقدم" معتبرة ان الصين "خطت خطوات هائلة في الاتجاه السليم".

بدوره، اشاد ترامب بخطوات بكين للمرة الثانية في اقل من اسبوع لكونها "قطعت اي صلة مصرفية" ببيونغ يانغ الامر الذي كان "غير ممكن قبل شهرين فقط". غير ان التباين بين الطرفين مستمر، فالدبلوماسية الصينية لا تزال تطالب بحل "سلمي" وترفض الحرب الكلامية بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون. في السياق نفسه، تواصل بكين الدفاع عن مبدأ الوقف المتزامن للتجارب البالستية والنووية لبيونغ يانغ وللمناورات العسكرية الامريكية الكورية الجنوبية، لكن واشنطن لا تزال ترفض هذا الحل. وترفض الصين ايضا اي تدخل في شبه الجزيرة المحاذية لحدودها في حين لا يستبعد ترامب "الخيار العسكري" وصولا الى تهديد نظام كيم جونغ اون بـ "الدمار الكامل".

والسبت، كتبت صحيفة غلوبل تايمز الصينية الرسمية في افتتاحية "يبدو انه هناك توجهين في المجتمع الدولي بالنسبة الى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة: سحق كوريا الشمالية او التفاوض معها لتشعر بانها في أمان اكبر. الصين وروسيا تفضلان الخيار الاخير". وسيصل ترامب إلى بكين بعد بضعة أيام فقط من بدء شي ولايته الثانية، كرئيس في أعقاب مؤتمر رئيسي للحزب الشيوعي. وعلى الرغم من الخلافات بشأن التجارة وكوريا الشمالية، يبدو أن الزعيمين أقاما علاقة شخصية. وخلال اجتماعهما الأول في منتجع /مار-إيه-لاجو/ الخاص بترامب في فلوريدا في إبريل، الماضي، أجرى الاثنان أربعة حوارات على مستوى عال بشأن قضايا مثل التجارة والدبلوماسية والأمن.

وقال تيلرسون إن ترامب وشي سيواصلان تلك الحوارات في نوفمبر المقبل، مضيفا أن الزعيمين "أقاما علاقة عمل بشكل منظم ووثيق للغاية". ودعت واشنطن الصين مرارا إلى المساعدة في كبح جماح بيونجيانج، حيث يُعتقد أن الصين مسؤولة عن حوالى 90 بالمئة من عائدات التجارة في كوريا الشمالية. وكانت بكين أعلنت، أمس الأول الخميس، أنه يتعين على جميع الشركات الكورية الشمالية في الصين أن تغلق أبوابها بحلول أوائل يناير المقبل، نتيجة لمجموعة من العقوبات التي أقرها مجلس الأمن الدولي الشهر الجاري ردا على تجارب بيونجيانج النووية والصاروخية.