لندن _ سليم كرم
كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فضحية جديدة لـ"تنظيم الحمدين" مشيرة إلى أن النظام القطري حاول رشوة مستشار كبير للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بغرض التأثير على القرارات الأميركية، ووصفت في تقرير نشرته عملية الرشوة بـ"الغريبة" من حكومة، وقالت إن ستيف بانون كبير المخططين الإستراتيجيين السابق للرئيس ترامب.
وكان هدفًا لمؤامرة رشوة غريبة من الحكومة القطرية، بهدف التأثير على ترامب، وكشفت الصحيفة عن حجم الفساد الأخلاقي الذي يتسم به بعض المسؤولين القطريين، لافتة إلى أن أحدهم خسر مبلغ 700 ألف دولار بليلة واحدة في أندية القمار، كما أنهم أنفقوا مبالغ طائلة في إقامة حفلات على متن يخوت وقصورهم في لوس أنجلوس.
وذكرت "ديلي ميل" أن مغني الراب أيس كيوب، وشريكه التجاري، جيف كواتينيتز، كشفا تلك المعلومات في شهادة خلال دعوى قضائية ضد مستثمرين قطريين بالمحاكم الأميركية. وأكد كل من كيوب وكواتينيتز أنّ مستثمرين قطريين في دوري كرة السلة الأميركي، حاولوا الوصول إلى بانون، حينما كان يتولى منصب كبير موظفي البيت الأبيض، وأنّ المستثمر أحمد الرميحي، كان واجهة حكومة الدوحة.
ونقلت الصحيفة عن كواتينيتز قوله، إنه وبانون عملا معًا في الماضي، ولا يزالان "صديقين"، وأضاف أنه بعد إقالة ترامب لـ"بانون" وتركه لموقع "بريتبارت" الإخباري، أراد القطريون عقد اجتماع معه لعرض التعهد بتمويل جميع جهوده السياسية مقابل الحصول على دعمه. كما تقول الدعوى القضائية إن الرميحي، وهو دبلوماسي قطري سابق، تفاخر أيضًا برشوة العديد من سياسيي واشنطن، بينهم مستشار الأمن القومي السابق لترامب مايكل فلين الذي بات الآن مدانًا.
وظهرت هذه الشهادات المفاجئة في بيان ضمن دعوى قضائية رفعها مغني الراب وشريكه التجاري، الشهر الماضي، ضد مستثمرين قطريين، مطالبين بتعويض قدره 1.2 مليار دولار المدعيان قالا إن القطريين فشلوا في الوفاء بوعودهم باستثمار ملايين الدولارات في الدوري، وأوضحا أن القطرييْن الرميحي وأيمن سابي، وقعا اتفاقًا لاستثمار 20.5 مليون دولار في الدوري، مقدمين أنفسهما على أنهما كانا في مجلس إدارة قطر للاستثمارات.
غير أن القطريين لم يدفعا سوى 7.5 ملايين دولار فقط، وعندما طلبا المؤسسان أموالهما، قدم القطريون الحجج وتهربوا من المكالمات. ولفت المدعيان إلى أن هدف القطريين الحقيقي كان "الحصول على علاقات عامة إيجابية لقطر"، و"الحصول عل نفوذ ملموس في أميركا".
قائمة بالمتهمين
واستعرضت وثائق القضية – المرفوعة في لوس أنجلوس – أسماء المتهمين، وهم الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني، والرميحي، ودبلوماسي قطري سابق، وعضو في العائلة الحاكمة، وشخصان آخران مرتبطان بالعائلة الحاكمة القطرية.
ووفق كواتينيتز، فإنه في يونيو ويوليو وأغسطس من العام الماضي، أي بعد تقديم دفعة جزئية من الـ 20.5 مليون دولار، ذكر الرميحي اسم بانون مرارًا وتكرارًا، وتحدث بإصرار عن رغبته في مقابلة بانون الذي كان وقتها لا يزال في منصبه، كما سأل حول وجهة نظر إدارة ترامب من مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر، وقال إن الرميحي طلب منه ترتيب لقاء مع بانون ليتمكن من "نقل رسالة من الحكومة القطرية إلى ستيف بانون". واستطرد في الحديث "الرميحي طلب مني ترتيب لقاء بين الحكومة القطرية وستيفن بانون، وأن أخبر ستيفن بانون أن قطر ستمول جميع جهوده السياسية مقابل دعمه"، وفق الصحيفة.
وأشار كواتينيتز، في أوراق المحكمة إلى أنه شعر"بالفزع"من فكرة"الرشوة من أي نوع"، رافضًا العرض على الفور ولم يخبر بانون به. كما ذكر بأن الرميحي ضحك وأخبره أنه لا يجب أن يكون ساذجًا، وأن العديد من سياسيي واشنطن يأخذون الأموال القطرية، مضيفًا"هل تظن أن مايكل فلين رفض أموالنا؟".
"شركة ضغط"
وفي سياق متصل، أظهرت وثائق حكومية أميركية أن الرميحي أبقى على "شركة ضغط" أو ما يعرف باللوبي، في واشنطن العاصمة، مقابل 2.5 مليون دولار، نيابة عن الحكومة القطرية، وكانت شركة "أشكروفت" للمحاماة التي يديرها وزير العدل الأميركي الأسبق جون أشكروفت، قد أعلنت في يونيو الماضي، أن لديها عقدًا مع الحكومة القطرية ممثلة في الرميحي.
وفي الوثائق المقدمة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، قالت الشركة إن الاتفاق تضمن "الاستجابة للأزمات" و"التواصل الإعلامي" و"التأييد" للقطريين". وتقضي الصفقة التي يقودها أشكروفت، بحشد دعم وخبرة القادة الحكوميين الرئيسيين السابقين، بما في ذلك كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة الخزانة والأمن الداخلي.
إنكار وفضائح
كواتينيتز، مؤسس دوري"بيج 3"، أشار أيضًا إلى أن الحكومة القطرية حاولت إنكار أن الرميحي يعمل لصالحهم. لكن في أوراقهما الخاصة بالقضية، قال كوب وكواتينيتز إن الرميحي تباهى بأن أمير قطر تميم بن حمد "مثل أخ له"، وأشارا إلى أنه رغم إنفاق الملايين على صفقة الضغط والقمار والمنازل، تهرب القطريون مرارًا وتكرارًا من طلباتهما بالحصول على الأموال بموجب اتفاق تمويلهم لكرة السلة. ولفتا إلى أن الرميحي خسر أكثر من 700 ألف دولار في ساعات قليلة من القمار بعد بطولة "بيج 3"في لاس فيغاس، في أغسطس الماضي، وأنفق مبالغ ضخمة في استئجار قصرين على شاطئ فينيسيا وبفيرلي هيلز في لوس أنجلوس.
وأوضح كوب وكواتينيتز، أن شركاءهم القطريين متعوا موظفي "بيج 3" برحلات في سان تروبيه وإبيثا، وحفلات على متن اليخوت والوجبات باهظة الثمن، واستخدام سيارة بنتلي قيمتها 800 ألف دولار ودعوات لحفلات لقصورهم في لوس أنجلوس، وذلك لكسب النفوذ في الشركة، ما أفادا بأن القطريين أنشأوا شركة "سبورت ترينيتي" في ولاية ديلاوير، ووافقوا عبرها على دفع 11.5 مليون دولار مقدمًا لـ "بيج 3" في يوليو العام الماضي، بالإضافة إلى 9 ملايين دولار كأموال رعاية خلال ثلاثة أعوام، مقابل الحصول على "حصة أقلية سلبية" في بيج 3. إلا أن القطريين دفعوا 6.5 ملايين دولار مقدمًا فقط، فضلًا عن مليون دولار في ديسمبر الماضي، وفقًا للدعوى القضائية.
أعذار كاذبة
المدعيان قالا إن القطريين زعموا بأن الأموال "في طريقها للوصول"، ولكن في رسائل نصية تهربوا من أسئلة حول المدفوعات، مقدمين مجموعة متنوعة من الأعذار غير العادية. وعندما حاول كواتينيتز عقد لقاء مع الرميحي، في ديسمبر الماضي، أرسل الأخير له صورة لأسنانه عند طبيب الأسنان، وفقًا لصور من الرسائل النصية في شكوى المحكمة.
وأظهرت الرسائل أنه في 2 فبراير الماضي أعرب كواتينيتز للرميحي في رسالة عن شعوره بخيبة أمل لعدم دفعه الأموال، فأجاب الأخير في الساعة 2:36 ظهرًا بقوله إنه "استيقظ من النوم للتو وجيوبه الأنفية متعبة جدًا".