حملة هيلاري كلينتون

  يمكن أن تكون هناك أيام في هذه الحملة الرئاسية أن لم يكن أسابيع أو أشهر، أو ربما الأمر برمته بحيث تجد نفسك ضائعًا تمامًا في المبارزة أو الحقائق الضبابية، فمن السهل أن تنشغل بكل ما يهيمن على الساحة في لحظة معينة، فكل شيء يصبح كبيرًا ومزعجًا. والمرشحون وهم الأشهر لكي نبدأ بهم فهم سيزولون من الوجود كأي بشري أخر أمامك.

وفي وقت مبكر من هذا الشهر ذهبت إلى "توليدو" في ولاية أوهايو للقاء المرشحة هيلاري كلينتون والجلوس معها لفترة من الوقت خاصة بعد محنتها. كان هذا بعد خمسة أسابيع قبل يوم الانتخاب الذي و صف بالخطير والمثير للأعصاب. فكل حملة تقدم مرشحين تعلن أن "الانتخابات الأهم في حياتنا في متناول اليد"، وعادة ما يكون هذا صحيحًا فقط بالنسبة للذين يديرونها (كانت انتخابات 2012 وبدون شك هي الأهم في حياة ميت رومني) ولكن رهان هذا العام يبدو مشروعًا ليس فقط لما هو بارز بأن انتخابات هيلاري كلينتون قد تتحقق بالإضافة إلى جميع اختبارات روسكاتش الثقافية والديناميات الجسانية والندبة السياسية والتي هي جزء لا يتجزأ وذلك بسبب دونالد ترامب الذي هو شخص مثير للدهشة على عكس أي شخص آخر يقترب من تولي السلطة في هذه البلاد، وهكذا وصف كيم تاين هذه الحملة مطلقًا عليها "القريبة من الوجودية" وأن هذا الوصف لم يؤتِ ثماره المتمثل في الغلو بشكل كامل.

ومن ناحية أخر كانت كلينتون منشغلة بجدول أعمال من ضمنه المرور على منطقة متهالكة في توليدو تقع في شمال غرب مدينة أوهايو، وهي مصنفة في المركز الرابع لأكثر المناطق المدمرة اقتصاديًا من ضمن أكبر 100 مدينة في البلد، فهي تعد موطنًا لكثيرين من الطبقة العاملة من الرجال البيض المكافحين الذين جعلوا من أوهايو مكانًا صعبًا بالنسبة لكلينتون، والأمر المفاجئ أنها منطقة خصبة لمنافسها الملياردير. والجديربالذكر أن كلينتون تخلفت باستمرار في استطلاعات الرأي هنا، وذلك على الرغم من تولي باراك أوباما لأوهايو مرتين.

قدت سيارتي عبر المدينة أمر من حي الى آخر لأجد شعارات ترامب وأستمع الى الراديو في حديث حول الحقد من أوباما وكلينتون الأمر الذي جعلني أفكر في واحدة من الدوامات ذات الصدى، حيث بدأت أتساءل عما إذا كان أي من سكان أوهايو سيصوت لصالح كلينتون.

و في نفس الوقت كنا في خضم فترة خلص فيها الصحفيون و"المحترفون" السياسيون أن ترامب كان في دوامة مميتة، وذلك منذ المخاطرة في المناظرة الأولى التي أقيمت في جامعة "هوفسترا" في أسبوع سابق، أو بالأحرى استمرار لسلسلة من التضحيات الذاتية والتي تضمنت تغريدات ساخرة تهين ملكة جمال لاتينا (واحدة من تلك الأشياء التي لم يكن يخطر ببالك أن تكتبها أثناء حملة الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي بالكاد يعبر عن لمحة)، بضع صفحات من عائداته الضريبية لعام 1995 تجد طريقها إلى "نيويورك تايمز" والوحي المنبثق منها تكشف إعلان ترامب أنه خسر 916 مليون دولار، الأمر الذي مكنه من التهرب من دفع الضرائب الاتحادية لمدة 18 عامًا. وبمرور الوقت نشر هذا المقال في الصحافة وكان ترامب حينها يواجه عاصفة من الاستياء بشأن فيديو نشر عام 2005 كانت صحيفة "واشنطن بوست" يسمع فيه المرشح يردد تعليقات بذيئة وادعاءات فاسقة بشأن معاملته مع النساء، أمام مذيع التلفزيون بيلي بوش، الأمر الذي أدى الى سحب عشرات من الجمهوريين رفيعي المستوى دعمهم لترامب. وقال رئيس مجلس النواب بول رايان إنه قد تم الانتهاء من الدفاع عن ترامب وسيتم التركيز على سباقات مجلس النواب والشيوخ بدلًا منه، ويبدو أن الجمهوريين علىى وشك حرب أهلية كأي حزب كبير استمر لعقود خاصة مع الاقتراب من الانتخابات الرئاسية.

وكانت مؤشرات ترامب قد تراجعت في استطلاعات الرأي على الصعيد الوطني في الولايات المتحدة وذلك بعد أيام من المناظرة الأولى وعلى الرغم من ذلك فقد أظهر الاستطلاع نشر في سباق في توليدو في جامعة "كوينيبياك" تقدم ترامب على كلينتون بفارق خمس نقاط، وبذلك تعد ولاية أوهايو هي الولاية الوحيدة التي تجعل ترامب متقدمًا بعد المناظرة.

وبعد حدث كلينتون في محطة القطار القديمة تم اصطحابي إلى مكتب حيث انهت مقابلة مع "غود لاك أميركا" وهو برنامج سياسي يعرض على "سناب شات"، وكانت ساحة الانتظار مليئة بالكراسي المريحة والطاولات ومكاتب الاستقبال لدرجة أنني شعرت بأنني في عيادة طبيب. وجلست بجوار كاتب خطابات كلينتون وهو دان شفيرين وكذلك المتحدث الوطني باسم الحملة برايان فالون، واستمر تقديم المساعدات داخل وخارج قاعة المؤتمرات بطريقة مكوكية في القاعة التي تضم حملة لحقوق الإنسان والتي تعد نظامًا قويًا للمرشح تظل في المذكرات والتي تخرج بمرور الوقت على هئية معرف ناطق ("ماذا تعني حملة حقوق الإنسان في رأيك؟")، وكما كان الحال منذ المناظرة الأولى فالحالة المزاجية لكلينتون كانت مزدهرة فقد ذكر فالون أنه تمنى أن تنتشر قصص ترامب السيئة قليلًا مما يسمح للناخبين للاختيار بدلًا من إجبارهم على انتخاب شخص بعينه يومًا بعد يوم.