مسقط - اليمن اليوم
عكس موقف للخارجية العمانية من الحرب الدائرة في اليمن انخراطا متزايدا لسلطنة عُمان في جهود البحث عن مخرج سلمي من تلك الحرب، وحمل إشارات على إمكانية إحراز تقدّم ما في تلك الجهود.واعتبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الجمعة، أنّ “الطريق إلى الحل السياسي للأزمة اليمنية يمرّ عبر بوابة وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية”.
وجاء ذلك بمثابة إعلان عن تأييد السلطنة للخطوة التي اتّخذتها المملكة العربية السعودية وأيّدتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وتمثّلت في الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار وفتح الباب أمام تدفّق السلع الأساسية والمساعدات الإنسانية على المناطق اليمنية.
لكنّ كلام البوسعيدي حمل أيضا رسالة بليغة للمتمرّدين الحوثيين الذين رفضوا الاستجابة إلى المبادرة السعودية وواصلوا تصعيدهم العسكري على جبهة محافظة مأرب شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، كما واصلوا استهداف أراضي المملكة بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية التي تزوّدهم بها إيران.
واعتادت سلطنة عمان على القيام بوساطات أسهمت بها في حلحلة ملفات شائكة وصراعات معقّدة، لكنّها كانت خلال وساطاتها تحرص على التحفظ الشديد حفاظا على حياديتها.وعلى هذه الخلفية اُعتبر كلام الوزير العماني مؤشّرا على إمكانية تجاوز مجرّد الوساطة بين أطراف الصراع في اليمن إلى ممارسة ضغوط على المتمرّدين الحوثيين بهدف دفعهم إلى الانضمام لمسار السلام الذي تعمل عليه قوى إقليمية ودولية جنبا إلى جنب الأمم المتّحدة.
وفي تغريدة عبر حسابه على تويتر، قال البوسعيدي إنّه أجرى مباحثات مع المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ “بشأن استمرار الجهود الدولية المبذولة لإنهاء الحرب بما يحقق السلام والاستقرار الشامل في اليمن”.وعلى الصعيد ذاته قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الجمعة، إن بإمكان أطراف النزاع اليمني اغتنام الفرصة وإحراز تقدم نحو حل الأزمة.
وجاء ذلك وفق بيان للمبعوث الأممي في ختام زيارة رسمية إلى سلطنة عمان التقى خلالها كبير مفاوضي جماعة الحوثي اليمنية محمد عبدالسلام، ومسؤولين عمانيين.وأفاد البيان بأن غريفيث “ناقش خطة الأمم المتحدة لفتح مطار صنعاء ورفع القيود عن موانئ الحديدة، التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن، وإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة لإنهاء النزاع”.
مارتن غريفيث: لا يزال بالإمكان إحراز تقدّم نحو حلّ النزاع في اليمن
وقال غريفيث “تظهر اجتماعاتي الأخيرة بالإضافة إلى الدعم الدولي والإقليمي المستمرين، أنه لا يزال بإمكان الأطراف اغتنام هذه الفرصة وإحراز تقدّم نحو حلّ للنزاع”، حسب البيان ذاته.وكان غريفيث قد أجرى الاثنين جولة خليجية شملت السعودية وسلطنة عمان للتباحث بشأن وقف إطلاق النار واستئناف مشاورات السلام في اليمن.
ورأت جهات مواكبة للحراك الجاري لإنهاء الحرب في اليمن أنّ لقاء غريفيث بعدالسلام يحمل بوادر تراجع في الموقف المتشدّد للحوثيين من تلك الجهود، وذلك أن أثار رفض وفدهم في وقت سابق لقاء المبعوث الأممي في العاصمة العمانية غضب الجانب الأميركي وقد يكون أثار أيضا حفيظة الجانب العماني.
وكشفت مصادر سياسية في وقت سابق عن رسائل بعث بها مسؤولون أميركيون على صلة بالملف اليمني إلى الجماعة الحوثية عبر مسقط، هددوا فيها باتخاذ قرارات قاسية ضد الحوثيين على خلفية رفض وفد التفاوض الحوثي للنسخة المعدّلة من مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن والامتناع عن اللقاء به خلال زيارته العاصمة العمانية مسقط برفقة المبعوث الأميركي ليندركينغ.
وبعد أن سلكت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نهجا ليّنا مع الحوثيين ورفعت جماعتهم من قائمة الإرهاب، عادت مؤخّرا لتلوّح لهم بسلاح العقوبات حيث أعلنت الأسبوع الماضي عن فرضها عقوبات على اثنين من القادة العسكريين الحوثيين مرتبطين بالهجوم الذي يشنّه الحوثيون على مأرب، وهما رئيس هيئة الأركان الحوثية محمد عبدالكريم الغماري والقيادي العسكري الحوثي البارز يوسف المداني.
ووجّه ليندركينغ في إيجاز صحافي العديد من الرسائل التي تعبر عن تحول وشيك قد يشهده الموقف الأميركي في الفترة القادمة من جهة تركيز مستوى الضغوط على الحوثيينن، لكنّه جدّد في الوقت نفسه التزام الولايات المتحدة بإيجاد حلّ للصراع في اليمن، مشيرا إلى أنه قام سابقا بخمس رحلات إلى دول مختلفة في منطقة الخليج، ومن ذلك رحلته برفقة غريفيث والسيناتور الأميركي كريس مورفي والتي خرج منها، حسب تعبيره، بخيبة أمل، نتيجة رفض وفد الحوثيين في سلطنة عمان لقاء المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مشددا على أن رفضهم ذلك الاجتماع بالتحديد لم يكن هو الشيء الوحيد الإشكالي، حيث “أظهروا رغبتهم في الانخراط مع شتّى الأطراف المعنية، ولكنهم سرعان ما كانوا يتراجعون عن مسارهم”.
قد يهمك أيضا
مليشيا الحوثي تضلل العالم بمفاوضات السلام والاتجاه نحو التسوية السياسية الشاملة