دمشق – خليل حسين
استغلت القوات الحكومية الصراع الدائر في الغوطة الشرقية بين المجموعات المسلحة فنفذت هجومًا عنيفًا على بلدة زبدين في حين ساد توتر شديد في مدينة جرمانا بضواحي دمشق بعد اعتقال قوات الأمن السورية رجل دين درزي بالتزامن مع الإعلان عن تمديد جديد للهدنة على جبهتي حلب ورق اللاذقية لمدة 48 ساعة رغم استمرار الاشتباكات العنيفة بين الأطراف المتنازعة.
ففي دمشق أعلن عن توافق أميركي روسي في وقت متأخر الليلة الماضية لتمديد وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة في ريف اللاذقية ومحافظة حلب سيبدأ الساعة الواحدة فجر اليوم وينتهي عند الساعة 24 من يوم الخميس بتوقيت دمشق. وقال مصدر أهلي في مدينة جرمانا إن دورية من المخابرات الجوية اعتقلت مساء أمس مؤنس أحمزة وهو أحد مشايخ الطائفة الدرزية في المدينة؛ ما دفع عددا من الشبان من أتباعه إلى الهجوم على مفرزة "الجوية في البلدة وإطلاق النار وقطع عدد من الشوارع الرئيسية في المدينة. وأضاف المصدر أن التوتر استمر حتى فجر اليوم، ويعمل حاليا وجهاء المدينة على احتواء التوتر والتخفيف من الاحتقان عبر وساطات دينية لإطلاق سراح الشيخ المعتقل الذي يعد أحد أتباع الشيخ وحيد بلعوس قائد ثورة الكرامة في محافظة السويداء الذي قتل نهاية العام الماضي في تفجير سيارة مفخخة أثناء مرور موكبه على أطراف مدينة السويداء جنوب سورية.
وفي الغوطة الشرقية تواصلت الاشتباكات العنيفة بين فيلق الرحمن من جهة وجيش الإسلام من جهة أخرى الأمر الذي استغلته القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها وشنوا هجوما عنيفا تمكنوا على إثره من دخول بلدة زبدين في عمق الغوطة بحسب ما أفاد مصدر ميداني لموقع "العرب اليوم" أكد "السيطرة على أجزاء من البلدة. وتحدث مصدر عسكري سوري عن "إحباط محاولات المجموعات المسلحة الاعتداء على عدد من النقاط العسكرية في الغوطة الشرقية والسيطرة على عدد من الدشم والتحصينات كانت تستخدمها في اعتداءاته". ولفت المصدر إلى أنه "تم العثور على نفق بطول 700م كان المسلحون يستخدمونه في محيط بلدة بالا التابعة لناحية المليحة في الغوطة الشرقية".
إلى ذلك أفيد عن انسحاب مقاتلي "جيش الإسلام" من بلدة مسرابا في الغوطة الشرقية بعد يومين من سيطرتهم على البلدة الملاصقة لمدينة دوما، وجاء الانسحاب على خلفية تعهدين خطيين متزامنين من قائد فيلق الرحمن وقائد جيش الإسلام بالانسحاب من مسرابا وتسليم إدارتها لقيادة الشرطة في الغوطة الشرقية وجهات محايدة غير عسكرية، وعدم دخول أي طرف عسكري إليها.
وكان الطرفان وقعا اتفاق تعهدا فيه رسميا بالالتزام بما اتخذ من قرار حول الاقتتال في بلدة مسرابا وجاء في تصريح جيش الإسلام ما يلي "أنا الموقع أدناه أبو همام قائد جيش الإسلام، أتعهد بكتابي هذا تنفيذ الاتفاق مع فيلق الرحمن، والخروج من بلدة مسرابا وعدم العودة إليها عسكريا، ما التزم الطرف الآخر بهذا"، في ما جاء في تصريح فيلق الرحمن "أنا الموقع أدناه النقيب أبو النصر، قائد فيلق الرحمن، أتعهد بكتابي هذا بتنفيذ الاتفاق مع جيش الإسلام، وعدم الدخول إلى بلدة مسرابا عسكريا، وأن أكون ضامنًا بمنع جيش الفسطاط من الدخول لبلدة مسرابا، وعدم العودة إليها ما التزم الطرف الآخر بهذا".
ويستمر الهدوء في بلدات ومدن غوطة دمشق الشرقية منذ ساعات بعد اشتباكات متفاوتة العنف، وقصف متبادل منذ أكثر من 13 يومًا، ترافقت مع استخدام الأسلحة الثقيلة، في ما كان جيش الإسلام سيطر أمس الأول على بلدة مسرابا المحاذية لمدينة دوما وبلدة مديرا الملاصقة لها بغوطة دمشق الشرقية عقب هجوم نفذوه على البلدتين استخدموا فيه 6 عربات مدرعة ودبابات وآليات تحمل رشاشات ثقيلة، وتمكنوا من أسر أكثر من 50 مقاتلًا من فيلق الرحمن وفصائل إسلامية أخرى بغوطة دمشق الشرقية، بالإضافة إلى مقاتلين من الطرفين قضوا وأصيبوا في هذه الاشتباكات.
وفي ريف إدلب نقل عن أحد عناصر الدفاع المدني بإدلب أن " طائرات حربية سورية شنت عدة غارات جوية على بلدة حفسرجة مستهدفة منازل المدنيين مما أدى لمقتل 10 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأة ، وأن الغارات أدت أيضا لسقوط عدد كبير من الجرحى في صفوف المدنيين عدا الدمار الكبير الذي حصل في البلدة؛ لأن الغارات الجوية كانت بالصواريخ الفراغية».
وأكد عنصر الدفاع الوطني أن البلدة تعد الملجأ الآمن لنازحي القرى المحيطة التي تتعرض للقصف بشكل يومي وأن استهداف الطيران الحربي لها جاء متعمدًا إذ إن القوات الحكومية على دراية كاملة بعدم وجود أي مقر أو أي وجود لأي فصيل عسكري داخل البلدة، وأن هدف الغارات قتل أكبر عدد من المدنيين». ورغم وجود قرار لوقف النار فإن مدينة حلب شهدت خلال الساعات والأيام الماضية تهدئة تخللها استهداف مناطق سيطرة القوات الحكومية بعدة قذائف خلفت 5 قتلى بينهم طفلان ومواطنتان، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى واستهداف القوات الحكومية لأحياء تسيطر عليها الفصائل في المدينة، ليرتفع عدد القتلى إلى 290 مدنيًا بينهم 59 طفلًا دون سن الـ 18، و40 مواطنة فوق سن الثامنة عشر منذ الـ 22 من شهر نيسان / أبريل الفائت، وحتى فجر الـ 10 من شهر أيار / مايو الجاري.
وبالتوازي مع إعلان تمديد الهدنة اتهمت موسكو في بيان أصدره المركز الروسي للتنسيق الذي يتخذ من قاعدة حميمي الجوية مقرا له تركيا بالاستمرار في مساعدة عبور المسلحين إلى سورية، وقال المركز في بيان نشره فجر اليوم "استنادا إلى مصادر من السكان المحليين تأكدنا من وصول نحو 70 مسلحا و3 عربات شحن مليئة بالذخائر إلى قرية عندان من تركيا لتعزيز صفوف "جبهة النصرة". وأضاف المركز أن عناصر تنظيم "جبهة النصرة" يواصلون عملياتهم العسكرية ضد القوات الحكومية في محيط مدينة حلب لتعطيل نظام التهدئة، موضحا أنهم استهدفوا أمس حيي الشيخ مقصود والعامرية ومطار النيرب العسكري للمدينة بإطلاق النار من منظومات المدفعية اليدوية الصنع، كما نفذوا عملية قصف مخيم حندرات للنازحين بقذائف الهاون.
وتحدث المركز عن تسجيل 5 انتهاكات لوقف لإطلاق النار خلال الساعات الـ24 الماضية 3 منها في محافظة دمشق و2 في محافظة حماة متهما مسلحي تنظيم "جيش الإسلام" بقصف مواقع القوات الحكومية بقذائف الهاون والأسلحة النارية 3 مرات في دمشق، واستهدفت فصائل تنظيم "أحرار الشام" المعارض مواقع القوات الحكومية بقذائف الهاون في قريتي لطمين والزكاة في حماة.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل شاب من ريف الرقة إثر إطلاق النار عليه من حرس الحدود التركي أثناء محاولته العبور إلى تركيا ليرتفع عدد القتلى إلى 29 منذ مطلع العام الجاري وحتى تاريخ اليوم الـ 9 من شهر أيار / مايو الجاري، بينهم 3 أطفال وفتى و4 مواطنات. إلى ذلك كشف عين الله تبريزي القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني مقتل 1200 مقاتل إيراني في سورية منذ عام 2012 حسبما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (غير حكومية). وقال تبريزي الذي كان أحد قادة "حرس كربلاء" في مازندران (محافظة شمالي إيران) التابع للحرس الثوري الإيراني، "قتل 1200 محارب لنا في سورية خلال 4 سنوات".
وتطرق تبريزي في حديثه إلى الصعوبات التي تواجهها إيران في سورية، قائلًا "إن لم نحارب داعش في الأراضي السورية، سنضطر لمحاربته على حدود كردستان". وكان موقع "عصر إيران" على الإنترنت المقرب من الرئيس حسن روحاني، ذكر السبت الفائت أن ما بين 20 - 50 جنديا إيرانيا قتلوا في كمين نصبته المجموعات المسلحة لوحدة عسكرية مؤلفة من 100 جندي تابعين للحرس الثوري في منطقة "خان طومان" جنوب غربي حلب في سورية، وأعلن الحرس الثوري في بيان له مقتل 13 عسكريا وإصابة 21 آخرين في الاشتباكات. وفي مدينة دير الزور قالت مصادر إعلامية معارضة إن الناشط الإعلامي محمد العيسى الملقب أبو مروان توفي تحت التعذيب في سجون تنظيم "داعش" بعد اعتقال دام أشهر عدة في المدينة.