رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، ظهر اليوم السبت، استقالته في كلمة ألقاها من العاصمة السعودية الرياض التي كان عاد إليها أمس الجمعة بعد أقل من 48 ساعة على زيارة سابقة التقى خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والوزير ثامر السبهان، مشيرًا إلى أنّه "لن نقبل أن يكون لبنان منطلقا لتهديد أمن المنطقة"، ومؤكداً على أن "أيدي ايران في المنطقة ستقطع".

وأوضح الحريري في خطاب الاستقالة المتلفز، "أينما حلت ايران تحل الفتن و الخراب"، مضيفًا أنّ "تدخل "حزب الله" تسبب لنا بمشكلات جمة مع محيطنا العربي، وأقول لإيران وأتباعها إنهم خاسرون في تدخلاتهم في شؤون الأمة العربية وستقطع الأيادي التي تمتد إليها بالسوء"، مردفًا أنّه "لإيران رغبة جامحة في تدمير العالم العربي"، وحذر الحريري من أن "الشر الذي ترسله إيران إلى المنطقة سيرتد عليها"، وأضاف أنّه "عندما تحملت المسؤولية عاهدتكم على السعي لوحدة اللبنانيين وترسيخ مبدأ النأي بالنفس ولقيت أذى كثيراً وترفعت عن الرد ولكن هذا للأسف لم يزد إيران إلا تدخلاً في سلطة الدولة وفرض الأمر الواقع، أيها الشعب اللبناني إن حالة الإحباط التي تسود بلدنا وحالة التشرذم وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة واستهداف الأمن الإقليمي من لبنان وتكوين عداوات أمر لا يمكن إقراره أو الموافقة عليه تحت أي ظرف".

وينتظر أن يقرر رئيس الجمهورية ميشال عون قبولها أو عدمها في غضون الساعات القليلة المقبلة، على أن يكلفه وحكومته متابعة تصريف الأعمال بانتظار الاستشارات التي سيجريها مع الأفرقاء اللبنانيين لتكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة. وترى مصادر مطلعة أن لبنان بهذه الاستقالة دخل مرحلة خطيرة سياسيًا وأمنيًا كون "حزب الله" يرفض كل الطروحات للخروج من سورية وتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية ، وإنما يؤكد على ربط سلاحه بالصراع العام في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، وضمن الحريري تكليفه بتولي رئاسة الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وكان نجل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، تولى رئاسة الحكومة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ويونيو/حزيران 2011 ليخلفه في رئاسة الوزراء نجيب ميقاتي، وتجدر الإشارة إلى أن مواقف سياسية حزبية ونيابية في قوى 14 آذار لم ترَ أن الاستقالة مفاجئة في ضوء تصرفات الحكم وأطراف 8 آذار الحليفة لحزب الله ، التي بدأت تأخذ البلد باتجاه إيران مما يثبت كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن "لبنان لا يمكن أن يخطو خطوة بدون موافقتها".

وسيطرت حالة من الصدمة في الوسط السياسي اللبناني بسبب قرار استقالة الحريري، وأكّد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، أنه لن يعلق في الوقت الراهن على استقالة الحريري. أما النائب في كتلة "القوات اللبنانية" أنطوان زهرا فتمنّى بأن تكون استقالة الحريري انتفاضة كرامة بوجه كل العراقيل السياسية أمام انطلاق الحكومة، مخمناً بأن يكون السبب الرئيسي وراء الاستقالة يعود إلى كلام مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي بأن الانتصار اللبناني السوري العراقي ضدَّ المتطرّفين يشكل انتصار محور المقاومة، فهو ضم لبنان إلى المحور الإيراني دون استشارة اللبنانيين. 

وشدد زهرا على أن الاستقالة هي رفض للأمر الواقع، فالمرحلة السياسية كما قالها الحريري تشبه مرحلة ما قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وقال الدكتور مصطفى علوش القيادي في تيار المستقبل إن الفترة المقبلة ستكون فترة "عسكرة"، واعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر استقالة الحريري "مفاجئة"، وأشار إلى أن الاستقالة وضعت لبنان أمام وضع صعب. 

ورأى نائب " كتلة المستقبل" أمين وهبي أن "بيان الاستقالة وضح الأسباب التي أدت بالرئيس سعد الحريري إلى اتخاذ هذا الموقف، مؤكدا بأن البلد يتجه نحو تصعيد خطير. وتمنى بأن يبقى في الإطار السياسي.   وأكد وهبي أن خيارات تيار المستقبل لطالما كان في اطار المواجهة بسلاح الكلمة والرأي، وعن إمكانية بقاء الرئيس الحريري خارج البلاد، أشار إلى أن التجربة الماضية كانت غير مشجعة وان قرار البقاء خارج لبنان يكون رهنا لما سيقرره الرئيس جراء الدراسة مع المستشارين والأجهزة الأمنية.

وأشار النائب السابق عن "تيار المردة" كريم الراسي، إلى أنّ موقف تيار المردة ليس واضحاً بعد إذ وصلهم الخبر عبر وسائل الإعلام كغيرهم، وفي موقفٍ خاص للراسي، أشار إلى أنّه كان جلياً "أننا سنصل إلى هذه المرحلة، والحريري كان يتحضّر لهذه الخطوة وقد أعلن عن هذا الأمر سابقاً"، وتأسف على إعلان الخبر من خارج لبنان وعدم إعلام رئيس الجمهورية ميشال عون مسبقاً، معتبراً أن "التنسيق بين الحريري وباقي الأفرقاء في البلاد كان مصطنعاً".