صنعاء - اليمن اليوم
الحراك السياسي والدبلوماسي المتسارع للمجلس الانتقالي الجنوبي يأتي ضمن خطواته الاستباقية لأي تسوية للملف اليمني قد تفضي إليها الجهود الإقليمية والدولية المبذولة حاليا دون اعتبار المجلس طرفا أساسيا في الحل، ودون تضمين قضية جنوب اليمن ضمن بنود التسوية المنشودة.رفع المجلس الانتقالي الجنوبي مجدّدا سقف أهدافه معلنا مضيّه في استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية، وذلك في فترة اكتسبت فيها جهود البحث عن مخرج سلمي للصراع الدامي في اليمن زخما غير مسبوق بانخراط الولايات المتّحدة الأميركية في تلك الجهود إلى جانب الأمم المتّحدة ودول إقليمية.
وقال عيدروس الزبيدي رئيس الانتقالي الجنوبي بمناسبة الذكرى الرابعة لتأسيس المجلس “ماضون بقوة وثبات نحو تحقيق هدف شعبنا المتمثل باستعادة وبناء دولته الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو 1990”. (تاريخ إعلان الوحدة).ومع تسارع الجهود الأممية والدولية والإقليمية لإغلاق الملف اليمني سلميا، كثّف المجلس الانتقالي من تحرّكاته بهدف إيجاد موقع له وللقضيّة الجنوبية التي يدافع عنها على خارطة أي ترتيبات سياسية قد يتمّ التوصّل إليها.
ويشارك المجلس الانتقالي في حكومة المناصفة التي تشكّلت بناء على اتّفاق الرياض الذي رعته السعودية، لكّنه يرفض أن يتمّ ابتلاعه من قبل سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي خصوصا وأن الطرف المهيمن على تلك السلطة ليس سوى حزب الإصلاح الإخواني العدّو اللدود للمجلس وقياداته والذي خاض صراعا مسلّحا من أجل السيطرة على مناطق جنوب اليمن.
وحرصا على تأمين الحضور الميداني في الجنوب خلال هذه المرحلة المفصلية، عاد الزبيدي الأسبوع الماضي إلى عدن بعد فترة غياب بدأت منذ التوقيع على اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 بين المجلس والحكومة اليمنية.
وقرأت جهات سياسية في تلك العودة رسالة بأن المجلس قادر على مواجهة الآثار السياسية التي خلفتها مغادرة الحكومة اليمنية ورئيسها للمدينة في ظل انهيار شامل لمنظومة الخدمات وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.
كما ربط مراقبون بين توقيت تلك العودة وبين التداعيات المتسارعة في الملف اليمني على الصعيدين السياسي والعسكري، مرجّحين أن تشهد الفترة القادمة تصعيدا في موقف المجلس الذي يتهم أطرافا في الحكومة اليمنية بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض ومحاولة تعميق أزمة الخدمات في مدينة عدن للضغط على الانتقالي وتحميله مسؤولية ما يجري.
وقالت مصادر سياسية يمنية إنّ تحرّكات المجلس الانتقالي المتسارعة تهدف لقطع الطريق على إمكانية تجاهله في مشاورات الحل النهائي في اليمن التي يتم التحضير لها برعاية أممية ودفع أميركي وأوروبي وتفاهمات إقليمية.
توقيع اتفاق لتقاسم السلطة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر الماضي في مبادرة بوساطة سعودية لإنهاء الصراع
والتقى رئيس الانتقالي منتصف شهر أفريل الماضي في العاصمة الإماراتية أبوظبي المبعوثَ الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وعبّر له عن جاهزية المجلس للانخراط بشكل جاد في العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، مشدّدا على أنّ حلول الصراع تتوقف على معالجة أسبابه المتجذّرة منذ العام 1994، ومعتبرا أن الواقع على الأرض يتطلب صياغة مبادرة أممية لمفاوضات واقعية وجادة لمعالجة الصراع الجنوبي-الشمالي.
كما أكّد في مباحثاته مع المسؤول الأممي على ضرورة الاستجابة لتطلعات وخيارات شعب الجنوب، وإنهاء ملف الأزمة المتجددة.
وقال الزبيدي خلال كلمته في ذكرى تأسيس المجلس إنّ الأخير “حقق انتصارات على مختلف الصعد جعلت من الجنوب وقضيّته رقما صعبا على الساحة الدولية”، مضيفا “العالم بات يعترف أن المجلس الانتقالي هو الحامل لقضية الجنوب”، وأنّ المجلس “نجح في فتح كل الأبواب التي ظلّت مُوصدة أمام قضية شعبنا، وتمكن خلال ثلاثة أعوام فقط من أن ينتزع اعتراف الأصدقاء وقبل ذلك الخصوم الذين سعوا إلى وأده وإضعافه”.
ولفت الزبيدي إلى أن الانتقالي الجنوبي “عمل على استكمال بنيته التنظيمية وتشكيل هيئاته المختلفة المركزية والمحلية وبات حضوره فاعلا في كافة مدن ومناطق الجنوب وفي العديد من الدول المؤثرة في صناعة القرار الإقليمي والدولي”.
وعن الأوضاع الخدمية والمعيشية القائمة في عدن دعا الزبيدي حكومة المناصفة للعودة إلى المدينة والإيفاء بوعودها وأداء مهامها في تحسين الخدمات وصرف المرتبات ومعالجة الاختلالات ومكافحة الفساد وتخفيف وطأة الانهيار الاقتصادي والمعيشي وممارسة سلطاتها لإلزام كافة المؤسسات الإيرادية في جميع المحافظات بتوريد عائداتها إلى البنك المركزي في عدن.
وفي تلويح باتخاذ خطوات تصعيدية قال رئيس الانتقالي “نشدد على أن للصبر حدودا أمام سياسات التنكيل والعقاب الجماعي التي تستهدف شعبنا وأن خيارات المجلس مفتوحة لمعالجة قضايا شعبنا بما يلبي تطلعاته، كما نؤكد مرة أخرى بأن المجلس قادر على إدارة الجنوب بما يتواءم والمتغيرات المحيطة ويحمي أمن ومصالح دول المنطقة والعالم”.
كما طالب الزبيدي بإلغاء كافة القرارات الأحادية التي اتّخذها الرئيس هادي و”استكمال تنفيذ كافة بنود اتفاق الرياض وفي مقدمتها تشكيل الوفد التفاوضي المشترك، وتشكيل الهيئات الاقتصادية وهيكلة وزارات الداخلية والدفاع والخارجية وكافة الوزارات والمؤسسات العامة وخروج الميليشيات المعتدية التي جعلت مقراتها في شبوة ووادي حضرموت والمهرة”، في إشارة إلى القوات التابعة للإخوان المسلمين والعاملة تحت غطاء الشرعية.
واتّهم المجلس الانتقالي الجنوبي مؤخرا الشرعية اليمنية بنحر اتفاق الرياض. وجاء ذلك في معرض احتجاج المجلس على قرار الرئاسة اليمنية إقالة اللواء فضل باعش من مهامه كقائد للقوات الخاصة في خطوة اُعتبرت في جنوب اليمن ضمن القرارات الأحادية المخالفة لروح الاتّفاق القائم على التوافق.
مطالبة الأمم المتحدة بصياغة مبادرة سياسية تقوم على إجراء مفاوضات واقعية لمعالجة الصراع بين الجنوب والشمال
كما سبق للمجلس وقوى سياسية أخرى أن احتجّت على سلسلة من التعيينات قرّرها هادي وقضت بتعيين رئيس الوزراء اليمني السابق أحمد عبيد بن دغر رئيسا لمجلس الشورى وتعيين عبدالله محمد أبوالغيث ووحي طه عبدالله جعفر أمان نائبين له. كما اشتملت القرارات على تعيين أحمد صالح الموساي نائبا عاما للجمهورية خلفا للقاضي علي الأعوش، إضافة إلى تعيين مطيع دماج أمينا عاما لمجلس الوزراء.
وتحرص قيادات في المجلس الانتقالي على توضيح أنّ قبولها بالدخول في حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب كان لهدف مرحلي يتمثّل في فكّ الاشتباك الذي سبق أن نشب بين المجلس وأطراف منضوية ضمن الشرعية، ولا يعني بأي حال قبولها بأي حلول سياسية للصراع اليمني على أساس الوحدة.
قد يهمك أيضا
مُتحدِّث "الانتقالي الجنوبي" يُؤكّد إصرار الحكومة اليمنية على تعطيل اتفاق الرياض