لندن_ اليمن اليوم
أعلنت المفوضية الأوروبية، أنها ستنظر في اتخاذ إجراءات مضادة للتعريفات الجمركية التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى أن رد الاتحاد الأوروبي سيكون "سريعا وحازما ومتناسبا". فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاتحاد الأوروبي عليه اتخاذ تحركات عاجلة في منظمة التجارة العالمية، حال مضى الولايات المتحدة قدما في فرض رسوم على وارداتها من الصلب والألمنيوم.
وأضاف ماكرون أن الإجراءات المعلن عنها من جانب ترامب تمثل نزعة "قومية" من قبل الإدارة الأميركية وإجراءات حمائية يخسر فيها الجميع، مشيرًا إلى أنه من الهام تحرك الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل ومناسب داخل منظمة التجارة العالمية لمواجهة تلك الإجراءات. وكان ترامب أعلن عن خطط لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الصلب المستورد، و10 في المائة على فئات واسعة من واردات الألمنيوم، مما دفع الشركاء التجاريين إلى النظر في اتخاذ تدابير انتقامية.
وفي وقت لاحق الأسبوع الماضي، مضى ترامب بعيدا في تصعيده غير المسبوق، حين قال إن الحرب التجارية أمر جيد ويسهل الفوز بها. كما أكد أنه سيوقع على إجراء لفرض التعريفات الجمركية هذا الأسبوع. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارجريتيس شيناس، إن الملف سيكون على جدول أعمال المفوضية يوم الأربعاء، حيث سيناقش المفوضون رد فعلنا الذي سيكون سريعا وثابتا ومتناسبا.
وأضاف أن رد الاتحاد الأوروبي سيكون "متوافقا تماما"، مع قواعد منظمة التجارة العالمية. وقال "إذا كانت الإجراءات التي أعلنها الرئيس الأميركي تتحقق بطريقة تؤثر على المصالح الأوروبية، فإننا سنرد بطريقة حاسمة ومتناسبة، ولكن صارمة بشكل يتناسب مع منظمة التجارة العالمية"، مشيرا إلى أن الإجراءات المضادة ضرورية للدفاع عن المصالح الأوروبية، موضحً اأنها لا تتعلق بتصعيد أي شيء
وبينما تدرس أوروبا طرق التعامل الأمثل مع قرار ترامب، أكدت الحكومة الصينية أنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة، وستعمل مع الدول الأخرى للتصدي للتدابير التعسفية، التي تتخذها الإدارة الأميركية. وقال وانغ هيغون مدير مكتب التحقيقات التجارية بوزارة التجارة الصينية في بيان، إن تحرك الولايات المتحدة لفرض الرسوم الجمركية من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بآليات التجارة متعددة الأطراف التي تمثلها منظمة التجارة العالمية، وسيكون لها أيضاً بالتأكيد أثر سلبي كبير على النظام التجاري الدولي.
وأضاف البيان: "إذا كانت الإجراءات الأخيرة للولايات المتحدة ستضر بالمصالح الصينية، فإن الصين ستعمل مع الدول المتضررة الأخرى في اتخاذ إجراءات صارمة لحماية حقوقها ومصالحها". وأشارت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، إلى أن القرار الأميركي أثار ردود فعل عنيفة عالميا، حيث أعرب زعماء من كل من آسيا وأوروبا عن غضبهم وتعهدوا باتخاذ إجراءات انتقامية.
ولجأ ترامب إلى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، للتأكيد على موقفه، حيث كتب: "يجب علينا حماية الصلب الأميركي من أجل حماية بلدنا". وفي تغريدة أخرى، قال ترامب إن الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم سيتم إلغاؤها بالنسبة للمكسيك وكندا، في حال الوصول لاتفاق عادل وجديد بشأن اتفاقية التجارة في أميركا الشمالية (نافتا)، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لديها عجز تجاري ضخم مع المكسيك وكندا.. ومعيدا تأكيد موقفه من أن اتفاق نافتا، الذي يعاد النظر فيه حالياً، كان صفقة سيئة لبلاده. واشترط ترامب أن تقوم كندا بمعاملة مزارعي الولايات المتحدة بطريقة أفضل، بالإضافة إلى وقف المكسيك تهريب المخدرات عبر الحدود للولايات المتحدة. وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قد وصف اقتراح التعريفات الضريبية لترمب بأنه غير مقبول على الإطلاق.
وخلال الأيام الماضية، حذّر صندوق النقد الدولي من أن القيود الأميركية على استيراد الصلب والألمنيوم ستتسبب في أضرار اقتصادية واسعة النطاق، ستشمل الاقتصاد الأميركي نفسه، وحث واشنطن وشركاءها التجاريين على تسوية خلافاتهما بشأن التجارة. وأوضحت مجلة "ذا إيكونومست" البريطانية أن خطورة الخطوة الأميركية ستؤثر على تجارة الصلب العالمية إضافة إلى الصناعات التكميلية التي تعتمد عليها، مشيرة إلى أن ترامب خالف اتفاقية التجارة الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة، الأمر الذي سيدفع اقتصادات كبرى للرد بشكل مباشر على الخطوة الأميركية المثيرة للجدل.
وتوقعت المجلة أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بإعلان قائمة من المنتجات الأميركية التي سيتم فرض رسوم على دخولها إلى السوق الأوروبية، وذلك بنسب تقترب من 40 في المائة كرد فوري على قرار ترمب. وكانت مسؤولة التجارة في منظمة الاتحاد الأوروبي، سيسيليا مالستورم، قالت نهاية الأسبوع الماضي إن أوروبا تستطيع أن تفرض رسوما مضادة على جميع المنتجات الأميركية التي ستدخل السوق الأوروبية، الأمر الذي سيحول ضخ الصلب والألمنيوم إلى بلدان الاتحاد الأوروبي التي ستستفيد من رخص ثمنهما.
وفي سياق متصل، حذرت أستراليا من عاقبة تبادل الإجراءات الانتقامية، ومن اندلاع حرب تجارية يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، فيما سعت إلى ضمان إعفاء صناعة الصلب والألمنيوم الأسترالية من رسوم الاستيراد التي فرضها الرئيس الأميركي. وحاولت كانبرا إقناع الولايات المتحدة باستبعاد أستراليا من هذه الرسوم الثقيلة، مشيرة إلى تفاهم تم التوصل إليه مع واشنطن خلال قمة العشرين العام الماضي. كما برزت مخاوف على صعيد السوق المحلية من أن هذه الرسوم الأميركية قد تغرق الأسواق ببضائع رخيصة، كانت مخصصة في الأصل للتصدير إلى السوق الأميركية.
وقال وزير التجارة الأسترالي ستيف شوبو، "لقد رأينا في اليومين السابقين ردودًا من كندا والاتحاد الأوروبي. ورأينا الحكومة الأميركية تعود للحديث عن فرض رسوم على السيارات". وأضاف: "هذا ما يقلقني، إذا استمررنا برؤية هذا التصعيد في الخطاب، وأيضا تطبيق زيادة الرسوم على الواردات والصادرات في عدة اقتصادات في نهاية المطاف.. فإن هذا سيؤدي إلى تباطؤ في النمو". وأضاف شوبو أنه تحدث السبت إلى نظيره الأميركي ويلبور روس، لكنه لم يتمكن من ضمان إعفاء أستراليا من الرسوم الأميركية، مضيفًا أن القضية في النهاية ستحتاج إلى قرار من الرئيس. وكان مسؤول أميركي بارز قال يوم الجمعة إنه لن يكون هناك أي إعفاء لأي دولة، لكنه أضاف أنه سيتم النظر بإعفاءات محتملة بشكل منفصل وستدرس كل قضية على حدة.