الضالع- صالح المنصوب
مضى عامان على تحرير محافظة الضالع جنوب اليمن من قبضة مسلحي "الحوثي وصالح". وتدخل المحافظة عامها الثالث بعد التحرير ولا تزل الخدمات غائبة عنها , رغم انها اول محافظة تحررت من بمساندة التحالف العربي، كأول انتصار سجل للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي في 5 / 5 / 2015. ويقول ناشطون ان الضالع قدمت أكثر من ألف قتيل وسقط أكثر من ألفي جريح، في حين لا تزال الحرب مستعرة في أطراف المحافظة، إذ تخوض المقاومة والجيش الوطني في جبهتي مريس وحمك في مديرية قعطبة مواجهات عنيفة، منذ ما يقارب العامين، فيما لا تزال مديريتا دمت وجبن تحت قبضة الحوثيين.
ولاتزأل أثار الحرب المدمرة على الضالع من صورة الدمار في المنازل والمؤسسات الحكومية، وحسب مصدر مكتب الأشغال العامة فقد أدت الحرب إلى تدمير أكثر من ألفي منزل ومنشأة أهلية وحكومية. وبالرغم من وعود الحكومة بالاعمار لكنه لم يصل ,بإستثناء تكفل منظمات وجمعيات خيرية بإعادة إعمار عدد من المنازل، في حين لا تزال السلطة المحلية تزاول أعمالها من مكتب الأشغال العامة في مدينة الضالع، حيث ما زال مبنى السلطة المحلية في منطقة سناح مهدما حاله كحال بقية المنشآت والمؤسسات الحكومية والمدارس.
واستمرار فرض حصار خانق على بعض مناطق الضالع في مديرية قعطبة، الأمر الذي أدى إلى نزوح كثير من الأهالي هربا من جحيم الحرب والحصار، ولا تزال معاناتهم مستمرة للعام الثاني على التوالي. وبقاء ملفات احرجت السلطة المحلية وجعلتها تارة تعتكف وتارة تهاجر الى احضان المجلس الانتقالي الذي اسس في عدن ,حيث مثلت نتائج الحرب على المحافظة، أبرز التحديات أمام السلطة المحلية وقيادة المقاومة. مصدر في مكتب رعاية الشهداء اكد على منح قتلى المواجهات بعض حقوقهم وتسلمت أسر الشهداء راتب لشهر واحد قبيل أشهر، لتتوقف حتى اللحظة .
وقال المصدر ان ملف الشهداء لم يحرك بعد ، فأنينهم مستمر، وحقوقهم في الحصول على العلاج والرعاية لم تزل غائبة حتى اللحظة، مشيراً الى أن المنطقة العسكرية الرابعة طلبت من قيادة الجيش والسلطة رفع كشوفات بأسماء الجرحى، خصوصا المعاقين منهم، إلا أن ذلك لم يتم لافتقادهم قاعدة بيانات للجرحى. وبالرغم من حالة جرحى السيئة فهناك من هم محتاجون للعلاج لكنهم لم يحصلوا عليه.
وأضاف أنه بالرغم بعمل رسائل احتجاجية كان آخرها إغلاق المجمع الحكومي بالضالع، عل صوت الجرحى يصل، مؤكدا رفع الاحتجاج وفتح المبنى عقب وعود من السلطة بحل قضية الجرحى وهو الأمر الذي لم يتم الإيفاء به حتى اليوم.
و تقول السلطة المحلية إنها تبذل جهودها وبكل ما تستطيع لحل ملف الجرحى، إلا أنها لم تلقَ الاستجابة الكافية من السلطات العليا, الذي تغض الطرف عن مذكراتها دائماً, وتبقى المواجهات مستمرة في مديرية قعطبة في جبهتي مريس وحمك، وكل يوم يسقط قتلى و جرحى، وسط تعالي الأصوات من تزايد معاناة الجرحى، فعلاجهم لم يزل حتى اللحظة على نفقة المقاومة الشعبية، في ظل غياب تام لدور الجهات المسؤولة، وهو ما يضاعف من معاناة الجرحى، ويجعل من هذا الملف التحدي الأكبر أمام المقاومة الشعبية، في ظل استمرار تجاهل السلطة الشرعية ودول التحالف لجبهتي مريس وحمك، بحسب ما يؤكد مسؤولو الجرحى في الجبهتين.
أما الخدمات العامة فهي الاخرى، حسبما يقول السكان انها لاتزال غائبة وان محافظتهم تشهد غياب خدمي ولم تحصل على على بعض الاهتمام من قبل السلطة الشرعية، ودول التحالف العربي. فالمحافظة سجلت أول انتصار للشرعية ضد المليشيات الانقلابية، لكن الواقع كان مختلفا فكل الملفات عالقة هنا ولا جديد. فمعظم الخدمات التي كانت متردية أصلا قبيل الحرب، توقفت تماما بفعل الحرب ولم تزل الكثير منها متوقفة حتى اللحظة، بعد مرور عامين على تحرير المدينة.وفي شأن الكهرباء على الرغم من جهود مؤسسة الكهرباء الذي تمكنت من إعادة الخدمة بعد عملية إصلاح مضنية لخطوط نقل الطاقة إلى بعض مناطق الضالع، إلا أن مديريات لم تصل إليها خدمة الكهرباء بعد. الا ان الكهرباء لم تزل مقطوعة حتى بعد عملية إصلاحها، ويعزو المسؤولون في المؤسسة أسباب ذلك إلى الطاقة المولدة من مؤسسة الكهرباء بمحافظة عدن، والتي لا تكفي المدينة أصل.
القصة ذاتها تسري على بقية الخدمات في المحافظة، فالمياه لا تزال منقطعة عن مدينة الضالع عاصمة المحافظة، ويشكو السكان من انعدام التصريف لمياه الصرف الصحي، وتقطع الطرقات في معظم مديريات المحافظة. ورغم استبشار المواطنين خيرا ببعض ما تحقق، كإعادة تأهيل جزء من الشارع الرئيسي للمدينة، وإصلاح نقيل ربض، وتقدم في وضع الحلول لمشكلة مياه الشرب، إلا أن الإجماع هنا على أن ما حصلت عليه الضالع لا يرقى لأبسط ما كان يؤمل عقب تحرير المحافظة.في ظل حرب مستمرة، وسلطة بلا إمكانيات، دلفت إلى باب السياسة مؤخرا وباتت منهمكة فيها بشكل تام، عقب إعلان محافظ الضالع والقيادات العسكرية تأييدها للمجلس الإنتقالي الجنويي، الذي رفضته الرئاسة اليمنية ، تدخل الضالع في عامها الثالث بتحديات أكثر وملفات مثقلة ومتراكمة. وتتساءل قيادات محلية في الضالع هل سيكون هذا العام أفضل من سابقية، أم ينتظر أبناء المحافظة معاناة أكثر. الناشط طه منصر، يرى أنه لم يتحقق للمحافظة ما كانت تطمح إليه من خدمات أساسية أبرزها خدمة الكهرباء، وخدمة الوقود والمرتبات التي طال انقطاعها لأكثر من خمسة أشهر، وارتفاع الأسعار مع قلة دخل الفرد وتدهور العملة المحلية.
ويسرد منصر جملة من المشكلات التي تعاني منها الضالع، فالطرقات مكسرة وسط المدينة وطريق نقيل الربض لم يتم إصلاحها حتى اليوم، برغم المحصلات والضرائب التي تؤخذ من القاطرات والتجار والمحلات التجارية ومحطات الوقود وغيرها، من مدرات الدخل، والتي تعود إلى صندوق المحافظة لكن دون نفع أو أدنى فائدة، حد قوله. ويدعو طه إلى تزويد الضالع بكل ما تحتاجه من خدمات أساسية ومعيشية فهي أول محافظة تحررت من مليشيات الحوثي وصالح، ومحاسبة المسؤولين القائمين على هذه المصالح والتي الضالع بأمس الحاجة إليها. ويؤكد طه منصر أن "المشكلة تكمن في الثقة الممنوحة من قبل الجهات المختصة للمسؤولين الفاسدين واللصوص الذين يتاجرون بقوت المواطن الذي هو معونة من دول التحالف".
علي أحمد الجبل قال إن تحرير الضالع مثل أول بارقة للشرعية والتحالف العربي، لكن الشرعية والتحالف لم تقدما شيئا لها ولم تكافىء أبناءها ولم تصرف الرواتب لأسر الشهداء ولم تعالج الجرحى. ويشير الى ان أبناؤنا بعد مرور عامين لا يزالون يدرسون في الخيام بعد ان هدمت الحرب مدارسهم، ولم يصل الإعمار إليها، ولم تزل السلطة تعمل بلا موازنة وأبسط مقومات الحياة منعدمة". واوضح الجبل حديثه بالقول "الشرطة والأمن يعملان في الضالع بمجهود ذاتي وبالتعاون بين أبناء الضالع، فدور الشرعية هنا شبه غائب. فلا تزال الحرب مستعرة في أطراف المحافظة وجبهتي مريس وحمك بحرب مستمرة وتحولت الى جبهة صد لجماعة الحوثي وصالح الذين يحاولون التقدم صوب مدينة الضالع .