عدن ـ عبدالغني يحيى
أكدت مصادر أمنية وحقوقية تصاعد انتهاكات الجماعة الحوثية ضد المدنيين والناشطين والمواطنين، نساءً وأطفالًا، في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها خلال العام الجاري. وكشفت المصادر التي استندت إلى تقارير داخل أجهزة الدولة التي يستولي عليها الحوثيون بالقوة عن ارتكاب الجماعة الحوثية 18 ألف انتهاك حقوقي خلال الأشهر الستة الماضية من العام الجاري.
وأوضحت المصادر أن هذه الانتهاكات التي مارستها جماعة الحوثي تنوعت ما بين القتل والاختطافات ومداهمة البيوت ومصادرة ممتلكات المواطنين والإيقافات التعسفية في نقاط التفتيش المنتشرة في شوارع المدن وعلى الطرق بين المحافظات، كما أشارت إلى أن عناصر الميليشيات كثفوا من حملات الاعتقال التي طالت جميع فئات وشرائح المجتمع، من المشايخ والأعيان إلى التربويين والإعلاميين والنساء والأطفال، الذين يتم احتجازهم دون أي أسباب قانونية، تحت ذريعة التخابر ضد الميليشيات، ورصد تحركات قادة الجماعة لمصلحة الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وعبّرت منظمات حقوقية عن قلقها الشديد جراء تصاعد الممارسات التعسفية التي تنتهجها ميليشيات الحوثي ضد المدنيين والأبرياء، خصوصًا النساء والأطفال، وهو ما يتنافى مع حقوق الإنسان، ويعد انتهاكًا صارخًا للمواثيق والقوانين الدولية، وأيضًا لعادات وتقاليد المجتمع اليمني.
وأصدرت “منظمة سام للحقوق والحريات”، وهي منظمة دولية، تقريرًا حقوقيًا يوثق انتهاكات الاعتقال التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي للنساء في اليمن، أواخر الأسبوع المنصرم. وذكرت المنظمة في تقريرها أن الحوثيين شكلوا جهازًا أمنيًا خاصًا بالنساء وظيفته المشاركة في اقتحام المنازل، واعتقال النساء واستدراجهن، وجمع معلومات ميدانية عن الخصوم.
وقال توفيق الحميدي، رئيس المنظمة، في بيان نشرته المنظمة على موقعها: “رغم أن النساء في اليمن يحظين بمكانة خاصة، فإنهن مع سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء فقدن هذه المكانة، وأصبحن يتعرضن لانتهاكات جسيمة تتنافي مع الأعراف والقيم الإنسانية، ومخالفة لاتفاقية حقوق المرأة، حيث رصد على نطاق واسع معاملة تعسفية من قبل ميليشيات الحوثي للمرأة في اليمن”.
وأوضح التقرير أن مواقع الاعتقال والإخفاء للنساء شملت أماكن مهجورة تستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، وأشار إلى أن نساء معتقلات تعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية، مما دفعهن لمحاولة الانتحار.
وحوى التقرير شهادات لضحايا وأقارب ضحايا وشهود عيان تحدثوا عن انتهاكات جسيمة تتعرض لها النساء المعتقلات في سجون ميليشيا الحوثي، بما في ذلك سجون أقسام الشرطة والنقاط العسكرية.
وتقوم ميليشيات الحوثي الانقلابية بتلفيق تهم والتقاط صور ومنتجة أفلام خلال فترة الاختطاف في السجون السرية الخاصة قبل نقلهن إلى السجون العامة لتستمر في عملية التعذيب والابتزاز.
وتؤكد المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن عدد المختفيات، وفقًا للبلاغات التي تلقتها، يصل إلى 120 امرأة من أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وأن أغلبهن معتقلات في البحث الجنائي بصنعاء، فيما رصدت إحصائية لرابطة أمهات المختطفين 144 حالة انتهاك واختطاف تعرضت لها النساء.
وتؤكد رئيس رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج أن “الأعداد الحقيقية لانتهاكات الحوثي ضد النساء في مناطق سيطرته هي أكثر من هذه الإحصائيات بسبب عدم إبلاغ أغلب الأسر اليمنية عن أي انتهاك تتعرض له المرأة في اليمن حتى لا يتم التشهير بها، فتفضل الصمت”.
وأفادت أمة السلام الحاج لـ”الشرق الأوسط” بأن “عمليات اختطاف وسجن النساء والأطفال تشهد ارتفاعًا خطيرًا هذا العام، فقد مارست ميليشيات الحوثي الانقلابية على النساء جميع صنوف الانتهاكات، بدءًا بالاعتداء وصولًا إلى الاختطاف”.
وتتهم الحاج الميليشيات الحوثية بأنها تقوم بـ”تعذيب النساء بشكل ممنهج نفسيًا وجسديًا، وتشويه سمعة كثير منهن، واتهامهن باتهامات غير أخلاقية منافية للأعراف والتقاليد التي تربى عليها اليمنيون”.
وكانت ميليشيات الحوثي قد اعتقلت المئات عبر ما يسمى “جهاز الأمن الوقائي”، الذي أنشأته بهدف تنفيذ أوامر القيادات من الصف الأول للميليشيات، واعتقال كل شخص لا يدين بالولاء المطلق لها ولقياداتها من السلاليين، وتوجيه تهم متعددة لهم.
وطالت الاعتقالات قياديين في حزب “المؤتمر الشعبي” وعددًا من الشخصيات الخاضعة لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء ومحافظتي ذمار وإب، بتهمة “الخيانة والتخاذل” عن حشد المقاتلين إلى الجبهات، حيث تم اقتيادهم إلى جهات غير معلومة، وفق مصادر حقوقية.
وتقول المصادر إن الميليشيات تقوم بمداهمة الناشطين والحقوقيين والصحافيين لعدم تفاعلهم مع الفعاليات والاحتفالات والمسيرات التي تنفذها من أجل الحشد للجبهات، وجذب مصادر تمويل للجماعة.
ولم ينج لموالون للحوثي من الانتهاكات، رغم إثبات ولائهم المطلق في خدمة الميليشيات، إذ شنت قوات الأمن الوقائي التابعة لميليشيات الحوثي الإرهابية حملة اعتقالات طالت عددًا من ضباط وأفراد أقسام الشرطة بصنعاء، واقتادتهم إلى جهة مجهولة خلال هذا العام، واتهمت الضباط بالتخاذل والخيانة وعدم تنفيذ توجيهات القيادات العليا للانقلابيين.
وفسر مراقبون هذا الإذلال الحوثي لحلفائهم بأنه دليل ضعف، وانسداد أفق أمام نظامهم القمعي العنصري الذي ضاق ذرعًا حتى بحلفائه لسنوات.
وكانت ميليشيات الحوثي قد حاصرت أخيرًا منزل النائب الموالي لها عبده بشر، وهو أحد أبرز حلفائهم ومناصريهم منذ انقلابهم على السلطة الشرعية، في العاصمة صنعاء. واختطفت اثنين من مرافقيه، كما هددت بتصفية النائب سلطان السامعي، المعين عضوًا في مجلس حكم الانقلاب.
قد يهمك ايضا:
الأمم المتحدة تكشف عن تواطؤ في قصف مركز إيواء لمهاجرين في ضاحية تاجوراء
قصف مُركَّز يُودي بحياة 46 شخصًا وأكثر مِن 88 جريحًا في طرابلس