مدينة تعز اليمنية

تعاني تعز اليمنية من وضع إنساني وصحي كارثي، في ظل الحرب المتواصلة منذ عامين فيها، بين القوات الموالية للرئيس اليمني المعترف به دوليًا عبد ربه منصور هادي، مسنودًا بالتحالف العربي، وميليشيات "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح.

ولم تستثن نيران الحرب المستشفيات والمنازل والأبرياء، ولم تترك أي منطقة في مدينة تعز، أو ريفها، من دون أن تخلد جرحًا أو دمار فيها، وتشهد تعز وضعًا صحيًا وإنسانيً كارثيًا، نتيجة النزوح والدمار وحالة من الشلل في القطاع الصحي، وتوقف المستشفيات أو تدميرها، ونقص دعم المستشفيات التي تعمل ما ينعكس سلبًا على خدماتها ويقلص من دورها وقدراتها. وبات الحصول على خدمات طبية أو أدوية في تعز، أمر في غاية الصعوبة، لاسيما على فئة الفقراء التي اتسعت وبشكل كبير، نتيجة الحرب في محافظة تعز. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن محافظة تعز من أكثر المحافظات، التي تحتاج إلى مساعدات طبية في اليمن، ويحتاج أكثر من 350 ألف شخص من سكانها إلى مساعدات طبية عاجلة.

وأعلن الدكتور عبدالرحمن الصبري، مدير مستشفى خليفة الحكومي في مدينة التربة في تعز، أن الوضع الصحي في تعز دخل مراحل الخطر، وتوقفت معظم المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية التي توفر على المواطن النفقات الكبيرة، التي تاخذها منه المستشفيات الخاصة في ظل انهيار الوضع الإنساني والاقتصادي لدى المدنيين. وبيّن الصبري أن مستشفى خليفة ظل يعمل منذ اندلاع الحرب وحتى اليوم، ويستقبل يوميًا في العيادات الخارجية، مابين 250-300 حالة بالطوارئ60-100 يوم، ويجري 5-10عمليات يوميًا بينما يصل عدد العمليات الصغرى إلى15- 20في اليوم الواحد.

وأشار الصبري، إلى أن جهاز الأشعة قد توقف في المستشفى، وأصبح يتطلب توفير جهاز أشعة جديد، كون الذي تعطل قديمًا للغاية، ويتطلب إصلاحه وبرمجته إلى 2250$. وبحسب الصبري فإن جهاز الأشعة يعدّ من أهم الأجهزة وأكثرها استخدمًا، وتوقفه يعيق تشخيص الكثير من الحالات وحوالي 100-150 مدنيًا يوميًا يحتاجون إلى جهاز الأشعة. ووفقاً للصبري فأن الميزانية التشغيلية للمستشفى متوقفة منذ وقت طويل، كما لم تصرف رواتب كادر المستشفى منذ 6أشهر، ونفذ الكادر اضرابات جزئية، للمطالبة برواتبهم من دون استجابة من الحكومة، منوهًا إلى ضرورة تقدير الكوادر الطبية التي فضلت خدمة تعز، وتبذل جهدها في المستشفيات لخدمة المدنيين، رغم أن مستشفيات خاصة بتعز ومحافظات أخرى، تعرض بشكل متكرر العمل لكوادر مستشفى خليفة، لكن الكادر يرفض العروض ويفضل خدمة المدنيين، في مستشفى خليفة الحكومي.

ولفت الصبري إلى أن الدعم من قبل المنظمات للمستشفى بسيط، رغم أن المستشفى يتولى علاج المدنيين، لشريحة واسعة من المدنيين والنازحين في المديريات الجنوبية للمحافظة. وقال الدكتور عبدالودود العامري وهو نائب مدير مستشفى المسراخ في تعز، إلى إحراق ونهب مستشفى المسراخ في تعز من قبل مسلحي الحوثيين، قبل أن تسيطر القوات الموالية للرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي على المنطقة التي فيها مبنى المستشفى، منوهًا أن الأجهزة والتي نهبت من المستشفى ذا قيمة عالية ماديًا وصحيًا، وبحسب العامري فقد كانت مستشفى المسراخ، تمتلك إمكانيات كبيرة بجميع أقسامها حتى أنها تمتلك الحاضنات للأطفال، ويستفيد منها عشرات الالاف من الناس بعدد من المديريات الريفية المجاورة لها. وأوضح العامري أن الوضع الصحي في تعز بلغ مستويات الخطر، وذلك بسبب الاستهداف العسكري للمستشفيات أو انقطاع دعمها الحكومي وشحة الدعم الخارجي، معتبرًا أن الوضع الصحي في اليمن كان متدهورًا، قبل الحرب لكن بعدها انهار بشكل شبه كامل لاسيما في مناطق الصراع.

ودعا العامري المنظمات الدولية إلى مساعدة تعز بشكل عام وتوفير المتطلبات التشغيلية للمستشفيات وإصلاح مادمرته الحرب في القطاع الصحي، كون المواطن لم يعد يمتلك أدنى قدرة على دفع تكاليف الخدمات الطبية في المستشفيات الخاصة، كما أن المواطن أصبح عاجزًا عن توفير مبلغ نقله إلى المستشفيات التي لازالت تعمل في تعز، ولايمتلك كلفة شراء العلاج، وينبغي توفير الخدمات الطبية، في جميع المستشفيات والمراكز الحكومية مع توفير الأدوية الضرورية، وأهمها الأدوية التي يتناولها أصحاب الأمراض المزمنة، أو الدائمة، مثل القلب والسكري وبعض الأمراض التي ترافق المصاب بها لفترة طويلة، وانقطاعه عن تناولها يهدد حياته.

وأكدت أحلام محمود، وهي طبيبة من تعز، أن عدد كبير من الأطباء خرجوا إلى المحافظات الأمنة، نتيجة عروض مغرية قدمت لهم من المستشفيات الخاصة، هناك وكان النزوح بالمثابة لهم فرصة عمل وتأمين لأسرهم من قذائف الحرب. وأوضحت أحلام محمود، أن شركات الأدوية معظمها، أغلقت في تعز بسبب الفوضى والحرب، وأصبحت الأدوية مرتفعة تباع بأسعار مرتفعة في ظل تدني الوضع الاقتصادي للناس، وعدم قدرتهم على شراء علاج أو إجراء عمليات في المستشفيات الخاصة، التي تقدم خدماتها بمبالغ خيالية للناس.  واعتبرت أن تنصل المنظمات الدولية والحكومة عن واجبهم في تعز، يعدّ بمثابة تشريع للمعاناة والموت مرضًا أو جوعًا في المدينة المنكوبة.