عدن - اليمن اليوم
أعلنت إذاعة حوثية السبت، تمكنها من جمع ملايين الريالات تبرعا لـ«حزب الله» اللبناني الذي بدأت تتقلص موارده منذ إعلان العقوبات الأميركية على النفط الإيراني، وسط سخط شعبي متصاعد ضد تهميش الجماعة الحوثية لمعاناة اليمنيين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.
وذكرت إذاعة «سام إف إم»، وهي الإذاعة الرسمية للجماعة، أنها نجحت في جمع 73 مليون ريال من عناصر الجماعة وأتباعها، وهو ما يعادل نحو 132 ألف دولار، وذلك عقب حملة للتبرعات نفذتها على مدار 10 أيام، وشملت التبرع النقدي والتبرع العيني لمصلحة عناصر «حزب الله» اللبناني المصنف على قوائم الإرهاب العالمية والمدعوم من نظام طهران.
وأعلنت الإذاعة الحوثية أن الأموال التي جمعتها كانت نتيجة للحملة التي أطلقتها في 25 مايو/ أيار الماضي، واستمرت حتى 4 يونيو/ حزيران، في سياق تأكيد قادة الجماعة الحوثية على صلتهم بالحزب، وانخراطهم في خدمة أجندة طهران في المنطقة.
اقرا ايضا:
إيران وحزب الله ضيوف "عرض عسكري" للحوثيين وقصف جوي على ريف الحديدة
وأثارت الحملة الحوثية لجمع التبرعات لإيران سخط سكان العاصمة صنعاء، إذ عبر كثير منهم عن ازدرائهم لسلوك الجماعة الذي يحرص على مصالح «حزب الله» اللبناني أكثر مما يحرص على مصلحة اليمنيين والتخفيف من معاناتهم.
ويقول سعيد الخولاني، وهو ناشط يمني في صنعاء، تعليقاً على التبرعات الحوثية لـ«حزب الله»: «لا نستغرب سلوك الجماعة القائم على مشاعرها الطائفية تجاه حلفائها في المنطقة، ما نستغربه أن مثل هذه الحملات للتبرع لـ(حزب الله) تأتي في ما غالبية اليمنيين يتضورون جوعا في مناطق سيطرة الجماعة التي ينعم قادتها بالأموال والمناصب من موارد الدولة ومن الإتاوات المفروضة على التجار».
ويتابع الخولاني حديثه بقوله: «كان الأحرى بإذاعة (سام) ومن يقوم عليها جمع التبرعات لمصلحة آلاف الأسر التي فقدت مصدر رزقها، أو لموظفي الحكومة المتوقفة رواتبهم بسبب رفض الجماعة دفعها للسنة الثالثة على التوالي».
وعبر الموظف في التربية والتعليم نافع الصبري عن سخريته مما تقوم به الميليشيات الحوثية من تبرعات لـ«حزب الله»، مشيراً إلى تجاهل الميليشيات لعشرات آلاف المعلمين الذين فقدوا رواتبهم بسبب انقلاب الجماعة، ولا يستغرب سمير يحيى، أحد موظفي الإغاثة في صنعاء، هذا الصنيع الحوثي، حيث قال إن «المبلغ الذي أعلنت الميليشيات الحوثية عن جمعه مبلغ ضئيل، لكنه كشف عن عدم ارتباط وعي الجماعة بمشاكل وكوارث المجتمع اليمني، وحرصها على إرضاء المشروع الطائفي الإقليمي الإيراني».
وذكر الموظف الإغاثي بشحنة المساعدات الإيرانية للشعب اليمني التي قدمت مع بداية الحرب، والتي كانت عبارة عن شحنة من المياه المعدنية غير الصالحة للشرب، وهي قصة يعرفها حتى قادة الجماعة الذين قاموا بالتخلص منها لعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
ويتعجب أحد أعيان الأحياء في صنعاء من تبرعات الجماعة الحوثية لـ«حزب الله»، ويقول: «ليتهم يسمحون لنا بجمع التبرعات لمصلحة الفقراء والمعدمين في أحياء المدينة دون تدخل، وليتهم يكفون أذاهم عن العمل الخيري، وأداء المنظمات الإنسانية التي تحرص على إغاثة اليمنيين، لكنهم لا يبالون بجوع اليمنيين ولا معاناتهم، فهم عبارة عن عصابة طائفية، وليسوا مسؤولي دولة، ولا يمكن أن يكونوا في يوم من الأيام بحجم المسؤولية».
وأشار مسؤول محلي في صنعاء، إلى تناقض قادة الجماعة العجيب الكامن في كراهيتهم لليمنيين، وخوفهم على «حزب الله» اللبناني من تقلص موارده.
يضيف المسؤول المحلي العامل تحت سلطة الجماعة: «لا مانع إذا كانت الميليشيات حريصة كل هذا الحرص على مستقبل (حزب الله) اللبناني، فلتجمع له الأموال من عناصرها، لكن عليها أن تكف عن سرقة المساعدات الدولية المقدمة لليمنيين، كما عليها أن تكف في المقابل عن نهب موارد المؤسسات، وتقوم بدفع رواتب الموظفين».
وتعتقد مصادر حزبية في صنعاء مطلعة على ما يدور في دهاليز الجماعة الحوثية، بأن الغرض من جمع التبرعات عبارة عن عملية رمزية لا أكثر من قبل قادة الجماعة، وتحمل دلالات سياسية للتعبير عن الارتباط العضوي بين أدوات المشروع الإيراني في المنطقة، حيث إن كبار القادة الحوثيين المرتبطين بمكتب عبد الملك الحوثي لا يزالون يتلقون رواتب شهرية مصدرها «حزب الله».
وشددت المصادر على أن اليمنيين في صنعاء وغيرها هم الأحق بكل جهد إنساني في هذه المرحلة التي يعاني فيها الملايين من الجوع والمرض، في الوقت الذي لا يحتاج فيه «حزب الله» إلى شيء، نظراً إلى حجم موارده المهولة، سواء من الدعم الإيراني أو من استثماراته الكبيرة، أو من خلال تجارة المخدرات وغسل الأموال.
كانت تقارير أميركية كشفت في وقت سابق عن المصادر التمويلية لـ«حزب الله» التي تتركز على الدعم الإيراني الذي بدأ من الثمانينات من القرن الماضي، قبل أن يتحول الحزب إلى طور آخر مع تقدم مؤسساته، وتسخير الدعم الإيراني إلى استثمارات متعددة، في الداخل اللبناني وفي خارجه.
وذكرت التقارير الأميركية أن مصادر التمويل الرئيسية للحزب الآن تعتمد على دعم المرشد الإيراني والدولة الإيرانية، بالإضافة إلى مصادر الزكاة التي يتم جمعها من المسلمين، إلى جانب المصادر الداخلية في لبنان، من خلال أعمال الحزب ومؤسساته وكل شبكاته المالية الموجودة في الدول والقارات الأخرى، وفي حين تحدثت التقارير عن تقدير ميزانية «حزب الله» السنوية بنحو 700 مليون دولار أميركي، أكدت أن الدعم الإيراني يشكل 8 في المائة منها، وهو ما يعني أن العقوبات الأميركية على النفط الإيراني ستنعكس سلباً على هذا الدعم.
ويعتقد مراقبون يمنيون بأن زعيم الجماعة الحوثية أراد من خلال تنظيم حملة التبرعات الأخيرة في صنعاء إثبات الولاء لزعيم «حزب الله» اللبناني، واستدرار عطفه للإبقاء على عشرات الخبراء اللبنانيين الذين يقومون بأعمال التدريب والتأهيل القتالي لعناصر الجماعة، فضلاً عن تقديم الامتنان لرعاية «حزب الله» لمنظومة الإعلام الحوثية التي تتخذ من الضاحية الجنوبية في بيروت مقراً، لها تحت إشراف الحزب نفسه.
قد يهمك ايضا:
الجيش اليمني يُعلن سيطرته على مناطق جديدة في مديرية "رازح"
18 ألف انتهاك حقوقي لجماعة الحوثي خلال الشهور الستة الأولى من 2019