مجلس الأمن الدولي

رغم إنفاقها ملاين الدولارات لمكافحة الفقر والمجاعة في البلاد فإن الأمم المتحدة فشلت في الحد من تفشي ذلك في اليمن، بسبب تواصل الحرب يوما بعد آخر، إضافة إلى إنفاق أموال الأمم المتحدة الملايين في الإحصائيات والمسح الميداني، وارتفاع أجور العاملين في المنظمة، إلى مئات الآلاف من الدولارات، ولا يصل إلى المدنيين سوى 30% من المساعدات.

وارتفعت معدلات البطالة والفقر إلى أكثر من 80% خلال الأعوام الماضية، بسبب الحرب المتواصلة التي شهدتها أغلب المدن اليمنية، بالإضافة إلى نهب الحوثيين مقدرات الخزينة العامة للبنك المركزي اليمني، والمقدرة بـ2 ترليون ريال، وهو ما ألقى بظلاله على أسعار العملات الأجنبية، التي تضاعفت أسعارها إلى أكثر من 300%، إذ بلغ سعر الدولار الأميركي الواحد 620 ريالا يمنيا، وما زال الارتفاع مستمرا لعدم وجود أي حلول جذرية تحد من ارتفاعه.

عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع الإنسانية في اليمن بناء على طلب تقدمت به المندوبة البريطانية الدائمة، كارين بيرس. وأكد مارك لوكوك مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، في كلمة له، أن اليمن يشهد أسوأ انتشار لوباء الكوليرا، وأضاف لوكوك "بدأنا نخسر معركتنا ضد المجاعة في اليمن"، مضيفا أن "الوضع قاتم جدا.. نحن نخسر معركتنا ضد المجاعة، والوضع تفاقم على نحو مثير للقلق خلال الأسابيع الأخيرة"، مشيرا إلى أن الوضع الإنساني ثابت في اليمن رغم كل شيء، مبينا أن الأمم المتحدة تسعى إلى إيصال المساعدات إلى 8 ملايين يمني.

وتابع "إننا نقترب من نقطة اللاعودة التي سيكون بعدها مستحيلا تجنُّب العديد من الخسائر في الأرواح البشرية بسبب المجاعة الواسعة النطاق في البلاد"، وأشار لووكوك إلى أنّ اليمن يشهد "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، موضحًا أنّ "هناك أكثر من 22 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة في اليمن، منهم 18 مليونًا يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

ولفت المسؤول الأممي إلى أنّ أكثر من 8 ملايين يعانون من انعدام خطير للأمن الغذائي، وهذا يعني أنهم لا يعرفون متى سيتناولون وجبتهم الغذائية التالية، مشددًا على أنهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة للبقاء على قيد الحياة، واعتبر لووكوك أنه لتجنّب الانهيار الكامل والحفاظ على حياة ملايين الناس، يجب على مجلس الأمن دعم إجراء مفاوضات سياسية واتخاذ إجراءات فورية لتحقيق استقرار اقتصادي.

وحملت الحكومة اليمنية جماعة الحوثيين، ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد بن مبارك، إن معاناة آلاف الأسر في مناطق سيطرة الانقلابيين تكمن بصورة رئيسية إما في غياب عائلها في سجون الحوثي، أو في انقطاع دخلها بسبب مصادرة الحوثيين لـ70% من موارد الدولة، وأضاف خلال كلمته في مجلس الأمن أن الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بلغت ذروتها في الانقلاب على الشرعية وتدميرِ الدولة.

وقال رئيس الحكومة، اليمنية، أحمد بن دغر، إن ميليشيا الحوثيين نهبت احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وما يقرب من اثنين ترليون ريال يمني من العملة المحلية، واكتنزتها في مخازنها، قبل أن تضخها مجددا في السوق ليوجهوا طعنة قوية لخاصرة الريال اليمني، وأضاف "في الواقع لم نكن نحن في الحكومة نفكر ولن نفكر في هذا الأمر لإدراكنا ما يعنيه ذلك"، وكان بن دغر يتحدث في ورشة العمل المخصصة لمناقشة وشرح الإجراءات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء رقم 75 لسنة 2018، بشأن حصر استيراد المشتقات النفطية عن طريق الاعتمادات أو الحوالات أو التحصيلات المستندية، وتأهيل الموردين للعمل في هذا القطاع، المنعقدة في العاصمة المصرية القاهرة، وتابع أن "الحوثيين جبو 846 مليار ريال يمني من موارد مختلفة في العام الماضي، وهم في سبيل الحصول على الدولار الأميركي يضخون المزيد من الريالات

اليمنية التي جنوها من الضرائب والجمارك والإتاوات، والتي جعلوا لبعضها صفة دينية عقائدية، كالخمس"، وأضاف "قيادات ميليشيا الحوثيين الانقلابية دفعت بنحو مئتي مليار ريال يمني دفعة واحدة للسوق ليستبدلوها بالطبعة الجديدة، وليتخلصوا ويستبدلوها بعملات أجنبية، بعد علمهم بأن الحكومة بصدد إصدار قرار يلغي بعض الطبعات القديم"، وأشار إلى أن حكومته مستعدة لدفع مرتبات الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين، بشرط أن يقوم الحوثيون

بتوريد الأموال التي يتم تحصيلها من الضرائب وغيرها من موارد الدولة، إلى البنك المركزي.
وحمّل مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي الحوثيين تدهور الأوضاع الإنسانية، بسبب إفشالهم المسار السياسي وتعطيلهم المفاوضات وتجاهلهم القرارات الدولية، مؤكدا أن إحاطة "مارك لوكوك" وكيلِ الأمين العام للشؤون الإنسانية بشأن اليمن تدل على مدى سوء الأوضاع الإنسانية في اليمن والحديدة بشكل خاص بسبب الميليشيات الحوثية، وأوضح أن القوات اليمنية مدعومة بالتحالف العربي، لدعم الشرعية قامت بإغلاق مؤقت للطريق الرئيسي بين صنعاء والحديدة بالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة وإبلاغهم عن الطرق البديلة لوصول المساعدات الإنسانية من الحديدة إلى صنعاء.

وتفاقم الوضع الإنساني في اليمن يوما بعد آخر، وأضحت العديد من الأسر اليمنية في محافظتي حجة والحُديدة غربي اليمن، تتغذى على أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة.
وحثّ المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيسلي، جميع الأطراف في اليمن على إنهاء القتال ودعم الجهود الرامية إلى بناء السلام"، وأضاف بيسلي أن "الوقف الفوري للأعمال القتالية سيعطي المجتمع الإنساني الوصول المستمر الذي يحتاجه لتوفير الغذاء وغيره من المساعدات الحيوية الضرورية لإنقاذ الأرواح اليمنية".
وقال برنامج الغذاء العالمي، في موقعه الإلكتروني عبر الإنترنت، إن المساعدات الغذائية الدولية، التي كان يقدمها في معظمها من 6 إلى 7 ملايين شخص كل شهر في جميع أنحاء البلد، حاسمة في منع البلد من الانحدار إلى مجاعة كاملة، ورغم أن الوكالة تعتزم زيادة قدرتها على الوصول إلى 8 ملايين شخص شهريًا، يحذر رئيس برنامج

الأغذية العالمي من أنه "إذا استمر الصراع في التفاقم وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية، يمكننا أن نرى عددًا كبيرًا من الأغذية"، وقال إن اليمن غير الآمن يزداد إلى 12 مليون نسمة، وأوضح أنه "مع محدودية الوصول، وتفاقم حالة انعدام الأمن والمزيد من الضرر بالبنية التحتية للبلاد، فإن قدرة المنظمة على تقديم المساعدة إلى هذا العدد من الأشخاص ستكون صعبة للغاية".