انفجار

شهدت بداية شهر يناير/كانون الثاني من العام 2016 احتجاجات عارمة في عدد من محافظات العراق احتجاجًا على إقدام المملكة العربية السعودية على اعدام رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر، ما أدى الى تأزم العلاقات بين البلدين، خصوصاً بعد انتشار صور في شوارع العاصمة بغداد تدين الإعدام وتصف العائلة الحاكمة "آل سعود" بكل صفات "التطرّف"، واعتبر السفير السعودي في العراق آنذاك، ثامر السبهان هذه التظاهرات تدخلاً في الشأن السعودي، في مقابلة تلفزيونية وصف من خلالها ايضاً الحشد الشعبي بالميليشيات، واتهمه بإراقة دماء السنة، لتؤدي في النهاية الى توتر العلاقات بين البلدين، بعد محاولات عديدة للتقارب، وتبادل السفارات بعد ربع قرن من القطيعة.

واختيرت بغداد في شهر فبراير/شباط، المدينةَ الأسوأ عالميًا بحسب التقرير الذي تعده شركة ميرسر الأميركية، ويضم 230 مدينة من حول العالم، ما اثار ردوداً متفاوتة اتهمت الطبقة السياسية في البلاد بالفساد، وايصالها الى أدنى ترتيب المدن في العالم، وفي الشهر نفسه ايضاً، أعلنت الحكومة المحلية في العاصمة عن نيتها حفر سور حول بغداد، للمساهمة في استتباب الأمن، لكن المشروع قوبل بالرفض، وباتهام الحكومة بالسعي لعزل بغداد عن باقي المحافظات.

وبدأ الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في 18 آذار/مارس، مع عدد من المتظاهرين "المدنيين" الاعتصام وسط بغداد، للمشاركة في التجمع الذي يهدف إلى الضغط على الحكومة للقيام بإصلاحات سياسية، وهذا رغم الإجراءات الأمنية المشددة وقرار الحكومة العراقية بمنع الاعتصام، واستمرت الاعتصامات لعدة أسابيع، بعد أن دعا لها الصدر عبر بيان، على ان يكون الاعتصام سلمياً، وأن يتم الابتعاد خلاله عن أية تصادمات مع القوات الأمنية، وعلى الرغم من منع الحكومة للاعتصام، إلا انها في النهاية وجدت نفسها امام الأمر الواقع، وشارك الصدر في الاعتصامات عبر خيمة خضراء قام بنصبها عند مدخل المنطقة، برفقة عدد من معاونيه، وقيادات التيار الصدري، قبل أن ينسحب منها بعد 4 أيام من الاعتصام، حيث زاره رئيس الوزراء العبادي وطلب الانضمام اليه عدد من السياسيين.

ودخل متظاهرو التيار الصدري، في ابريل/نيسان 2016، بصحبة عدد من المتظاهرين المدنيين، ومن غير المنتمين لأي من الجهتين، مبنى البرلمان داخل المنطقة الخضراء، وصولاً الى رئاسة الوزراء، بعد أن "همز" لهم زعيمهم بالدخول اليها، واقتحم المتظاهرون مبنى البرلمان، قبل أن يخرجوا منه ويبدأون اعتصاماً ثانيا في ساحة الاحتفالات وسط المنطقة، ما أدى الى توقف عمل السلطة التشريعية لعدة أسابيع، قبل ان تعاود أعمالها بخروج المتظاهرين من المنطقة في الأول من شهر أيار.

وهزت سلسلة من التفجيرات الإرهابية العاصمة بغداد، 11 أيار/مايو 2016، وأوقعت 100 شهيد، وما يزيد عن 150 جريحاً، في كل من الكاظمية، وحي الجامعة، ومدينة الصدر، حيث اعتبرت حينها التفجيرات الأعنف في 2016، وأُعلن عن عقد "مؤتمر المعارضة الأول" بقيادة المطلوب للقضاء جمال الضاري، في العاصمة الفرنسية باريس، على الرغم من محاولة بغداد التوسط لإلغاء المؤتمر، وابتعاثها وفداً ترأسه رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وأثار المؤتمر ردود أفعال سياسية عارمة، وصفته بـ "مؤتمر إرهابيين يخططون لعمليات جديدة في العراق"، بالنظر الى الأسماء التي حضرت المؤتمر، والتي كان اغلبها مطلوب للقضاء العراقي، بينهم عدنان مالك "أمين السر" وسرمد عبد الكريم (المتحدث الرسمي)، باسم "المشروع الوطني العراقي، الذي ترأسه الضاري بنفسه، بدعم قطري.

وأعلن القائد العام للقوات المسلحة في 26 حزيران/يونيو من العام 2016، عن تحرير مدينة الفلوجة بشكل كامل، بعد أسبوعين من انطلاق العمليات العسكرية فيها، وذلك بعد عامين من سيطرة تنظيم داعش عليها، حيث قام العبادي برفع العلم العراقي في المدينة، بعد وعده بذلك، وتمكنت القوات الأمنية أيضاً من تحرير قضاء الشرقاط، والتي اعتبرت بداية انطلاق عمليات تحرير الموصل، وعاد خلال الشهر نفسه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الى منصبه، بعد قرار المحكمة الاتحادية القاضي بعدم دستورية جلستين برلمانيتين عقدتا في الشهر الرابع، تم خلالهما الإعلان عن اقالة رئاسة البرلمان، وتنصيب أكبر نائب في البرلمان محله.

وشهدت منطقة الكرادة، وسط العاصمة، 3 تموز/يوليو، التفجير الأعنف منذ العام 2003، حيث خلف ما يقارب 300 شهيد جلهم من النساء والأطفال، خلال فترة ازدحام السوق في المنطقة، إيذاناً بقدوم عيد الفطر، في حادثة تضامن معها عدد كبير من الدول والمنظمات العالمية، وعرفت باسم "تفجير الكرادة"، وأعلنت عدد من الدول العربية الإسلامية تضامنها مع شهداء التفجير، عبر الغاء مراسم الاحتفال بالعيد، فيما العنت الحكومة الحداد على الضحايا لثلاثة أيام، وبعد الحادثة بأسبوعين، أقامت المؤسسة العسكرية العراقية استعراضها في ساحة التحرير، وسط العاصمة، في المرة الأولى من نوعها، حيث يقام الاستعراض في العادة بساحة الاحتفالات وسط المنطقة المحصنة؛ الخضراء، في خطوة اعتبرها مراقبون "تصعيداً" بالضد من أنصار التيار الصدري، فيما ركز آخرون على الاحتفال، ووصفوه بأنه "الأفشل" في تاريخ المؤسسة العسكرية العراقية، وفي الشهر الثامن من السنة، تلقت العاصمة بغداد صفعة جديدة تمثلت باحتراق 13 رضيعاً في قسم رعاية الخدج، بمستشفى اليرموك، لتُثار بعدها ردود أفعال متفاوتة دعت الى اقالة وزير الصحة عديلة حمود، وذهب ضحيتها مدير صحة الكرخ، مستقيلاً، وصوّت البرلمان على اقالة وزير الدفاع خالد العبيدي، بعد ان صوت على عدم قناعته بأجوبة الوزير خلال عملية استجوابه، بالإضافة الى تصويته على قانون العفو، أحد أبرز القوانين الخلافية في العملية السياسية العراقية، وتخلل جلسة استجواب العبيدي العديد من الاحداث، أبرزها اتهامه لرئيس البرلمان وعدد من النواب بالفساد، وبابتزازه، لتؤدي في النهاية الى قرار صدر من رئيس الحكومة العبادي، يقضي بمنع من وردت أسمائهم في الجلسة، ومن بينهم رئيس البرلمان الجبوري، والنائب محمد الكربولي، من السفر، لحين انتهاء التحقيق، وانضم خمسة وزراء جدد للحكومة العراقية، في وزارات (الموارد المائية، النقل، التعليم العالي، الاعمار والإسكان، ووزارة النفط)، فيما بقي منصب وزيري الداخلية والدفاع شاغراً.

وسحب  البرلمان الثقة من وزير المال "الكردي" هوشيار زيباري، أيلول/سبتمبر 2016، في نسخة عن جلسة اقالة العبيدي، ليفقد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني واحداً من أهم أعمدته في الحكومة المركزية، بعد ان استجوب البرلمان، الوزير، وصوت على عدم قناعته بأجوبته، وأثار وزير النقل الجديد كاظم فنجان، ردود أفعال ساخرة بعد تصريحه بأن "أول مطار تم إنشاؤه على كوكب الأرض هو مطار ذي قار من قبل السومريين قبل 5 آلاف سنة قبل الميلاد"، متابعاً ان "السومريين أقلعوا بمركبات فضائية نحو الكواكب الأخرى من مطار ذي قار، واكتشفوا الكوكب رقم 12 الذي أعلنت عنه قبل بضعة أيام وكالة ناسا للفضاء"، قبل ان ترد عليه وكالة ناسا العالمية، بأنه "اعتمد مصادر غير معتمدة في حديثه"، بالإضافة الى ان "الكوكب الذي تحدث عنه الوزير لم يُثبت وجوده حتى الآن".

وعادت الخلافات بغداد وأنقرة بالظهور مرة أخرى، في أكتوبر تشرين الأول، بعد عدة محاولات لإنهاء التواجد التركي في مناطق من شمال العراق، عندما صرح الرئيس التركي أردوغان بأن "العبادي ليس نداً له"، في لغة لا تنم الا عن شخص متكبر، ليرد العبادي عليه بأنه "ليس نده فعلاً"، مذكراً إياه بانقلاب شعبه الأخير عليه، وخلّفت التصريحات بين الرئيسين حملة كبيرة، تمثلت بوقوف العراقيين شعباً وكتل سياسية، الى جانب العبادي، ليدافعوا عن رئيس وزارئهم، وسيادة دولتهم، مطلقين هاشتاك قردوغان، في مواقع التواصل، وحتى في بيانات لمنظمات وحركات عراقية، وشهد تشرين الأول/أكتوبر 2016 واحدة من أكثر الجدالات بين برلماني، ومدونو مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن قدم النائب محمود الحسن مشروع قانون يحظر بيع الخمور في البلاد، أدت في النهاية الى إيقاف القانون، لكونه يتعارض مع الحريات الشخصية التي كفلها الدستور العراقي، إضافة إلى انطلاق عمليات تحرير الموصل، بعد ما يزيد عن عامين من سيطرة تنظيم داعش على المدينة، ومباركة عدد من الدول للعمليات، واعلانها استعدادها للمشاركة في العمليات، وتخليص البلاد من التنظيم الإرهابي.

وأثارت صحيفة الشرق الأوسط الراي العام العراقي بعد نشرها تقرير تحدّث عن حالات زواج غير شرعي يتم خلال الزيارة الاربعينية، لتضع نفسها في موضع المساءلة القانونية، بعد ان أقدمت الخارجية العراقية على رفع دعوى قضائية ضدها، واختلفت الردود على الجريدة بين الدعاوى القضائية، والتظاهرات، والتهديد بإغلاق مكتبها في بغداد، بالإضافة الى المطالبة بالاعتذار الرسمي، لكن الصحيفة المتحدثة بلسان الحكومة السعودية لم تقدم اعتذاراً رسمياً، بل نشرت ما اسمته توضيحاً، وألقت باللائمة على مراسلها في بغداد، وفي الشهر نفسه ايضاً، قام البرلمان بتمرير قانون الحشد الشعبي، أحد القوانين الخلافية، وسط اعتراض عدد من الكتل، ومقاطعتها للجلسة، ليصبح بذلك الحشد الشعبي رسمياً؛ جزء من المؤسسة العسكرية العراقية.

وشهدت المحافظات الجنوبية، ديسمبر / كانون الأول، تظاهرات حاشدة على خلفية زيارة رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي لها، مطالبةً إياه بالخروج من المحافظات، لتسببه بضياع ثروات البلاد، وسقوط ثلثه بأيدي التنظيمات الإرهابية، على حد قول متظاهرين، التظاهرات التي خرجت في كل من ذي قار، والبصرة، وميسان، قوبلت برفض قاطع من قبل قياديين في حزب الدعوة، بعد ان وصف الحزب المتظاهرين بالخارجين عن القانون، مهدداً إياهم بـ "صولة فرسان جديدة"، كناية عن الحملة التي شنها المالكي على أنصار الصدر في العام 2007، وعلى الرغم من كون الصدر لم يعلق رسمياً على تصريحات الحزب، الا انه غرد عبر صفحته الرسمية في تويتر، بأن الاحداث التي جرت في الجنوب "مباركة"، وتستحق الإشادة.