عدن - حسام الخرباش
تعيش اليمن الذكرى السادسة لثورة 11 فبراير / شباط 2011، وسط وضع إنساني وعسكري مترد للغاية، حيث مئات الآلاف من اليمنيين إلى ساحات الاعتصام، في عدد من المحافظات، للمطالبة بإسقاط النظام وتحسين الوضع الاقتصادي، ومعالجة القضايا الرئيسية للبلاد، والعدالة الاجتماعية والوظيفية، وتوفير الخدمات، وكان قوات "الحوثيين"، المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح حاليًا، ضمن مكونات الثورة التي طالبت بإسقاط حكم "صالح"، كما كانت أحزاب اللقاء المشترك، التي تقف إلى صف الرئيس اليمني الحالي، عبده ربه منصور هادي، ضمن مكونات القوى المطالبة بإسقاط النظام.
وتدخلت دول الخليج، وقدمت مبادرة لحل الأزمة في اليمن. ووقعت أحزاب اللقاء المشترك، والرئيس اليمني السابق، على المبادرة الخليجية، التي نصت على تعيين عبده ربه منصور هادي، الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس الجمهورية، رئيسًا لليمن، وتشكيل حكومة وفاق بالمناصفة بين حزب الرئيس اليمني السابق وأحزاب اللقاء المشترك، بينما كانت رئاسة الوزراء من نصيب اللقاء المشترك.
واستُبعد "الحوثيون" من المبادرة الخليجية، ولم يكن لهم نصيب في التشكيلة الحكومية، التي أقرتها المبادرة. ونصت المبادرة على هيكلة الجيش، واستبعاد أقارب وأسرة "صالح" من المناصب العسكرية، وإجراء حوار وطني لحل كل القضايا الداخلية، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وهيكل الرئيس "هادي" الجيش، ونجح الحوار الوطني الشامل في رسم المستقبل، وحل قضايا اليمن، والاتفاق على الحلول من جميع المكونات اليمنية، بما فيها "الحوثيين"، الذين انقلبوا على الرئيس "هادي" بعد انتهاء الحوار، واقتراب اللمسات الأخيرة للمرحلة الانتقالية، التي سيتبعها عقد انتخابات.
وشهدت مرحلة مابعد الثورة العديد من العقبات والتدهور في الأمن والخدمات، وارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الأداء الحكومي، إضافة إلى سلسلة من فضائح الفساد، من وزراء محسوبين على الثورة، الأمر الذي مهد الطريق لـ"الحوثيين" والرئيس اليمني السابق لتنفيذ الانقلاب، مستغلين تدهور الاوضاع الاقتصادية والأمنية والخدمية.
وقال العميد عدنان الحمادي، قائد "اللواء 35 مدرع"، في تعز، إن الثورة كانت حدثًا عظيمًا، فقد قرر الشعب أن يخرج خروجًا سلميًا للمطالبة بإزاحة النظام، وتحسين الوضع الاقتصادي، واجتثاث الفساد، والنهوض باليمن، ووجود ديمقراطية حقيقية تضمن للشعب اختيار من يحكم بلده.
وأشار "الحمادي" إلى أن الثورة شاركت فيها مختلف مكونات الشعب وطبقاته الاجتماعية، في سبيل نقل اليمن إلى مكان يليق بإرادة شعبه وتاريخه وثرواته، ونيل الشعب حقوقة في التعليم، والوظيفة، والصحة، والخدمات، وبناء مؤسسات قادرة على خدمة الشعب كما يجب، وتمكين النخب المؤهلة من مهامها، بعيدًا عن المحسوبيات.
وأكد "الحمادي" أن تعز كان لها دور ريادي في الثورة، كونها المحافظة التي تمتلك جيوشًا من المثقفين ورجال العلم والنخب، في مختلف المجالات، كما أنها صاحبة التضحيات المشرفة في ثورة 26 سبتمبر / أيلول، الذي قدم فيها أبناء تعز أنبل التضحيات، وقدموا أرواحهم وأموالهم في سبيل التخلص من نظام الإمامة المستبد، الذي استبد بالشعب اليمني، وصادر حقوقه، وبدماء وتضحيات الشرفاء نجحت الثورة، وتكونت الجمهورية اليمنية، التي نقلت الشعب إلى الديمقراطية، وفتحت أبواب العلم، وأوجدت الخدمات، ومنحت الشعب الحقوق التي كان يصادرها النظام الإمامي.
وأشار "الحمادي" إلى أن ثوار أيلول ظلوا يكافحون لتحقيق أهداف الثورة وحفظ إنجازاتها، من خلال خدمتهم للوطن، والتصدي لجميع محاولات الالتفاف على أهداف ومنجزات الثورة. وساند الشعب اليمني الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، الذي أهَّل كوادر يمنية في جميع المجالات، ودعم الجمهورية اليمنية بجميع الإمكانات المتاحة له، ولازال وقوف مصر إلى جانب اليمن في تلك الفترة العصيبة محفور في قلوب وتاريخ اليمنيين.
ولفت "الحمادي" إلى أن ثورة 11 شباط كانت نتيجة فشل ذريع للنظام، الذي كان يرأسه علي عبدالله صالح، وعدم القدرة على توفير الخدمات الأساسية للشعب وبناء بنية تحتية، وتفشي الفساد الإداري والاقتصادي والسياسي، وتهميش النخب، وتمكين الفاسدين، والتعيين بالمحسوبيات المناطقية والسياسية، والولاء.
ويرى العميد مفرح بحيبح، قائد "اللواء 26 مشاة"، المرابط في محافظة شبوة، أن ثورة 11 شباط امتداد طبيعي لتضحيات الشعب اليمني العظيم، أتت كتصحيح لثورة 26 أيلول وأهدافها العظيمة، وما يميز هذه الثورة أنها ثورة فضحت وكشفت الكثير من الأقنعة المتلبسة بالوطنية الزائفة. وأظهرت للشعب اليمني نوع العقلية التي حكمت البلاد طيلة 33 عامًا، ورغم سلميتها، إلا إنها أظهرت داء اليمن على السطح، وأبرزت للجميع حجم الكارثة، المتمثلة في عقلية من يحكم البلاد.
وأشار "بحيبح" إلى أن المبادرة الخليجية كانت حلاً يمنع احتمال حدوث حرب. وتضمنت حلول من ضمنها مغادرة "صالح" الرئاسة، وانتخاب نائبة، الرئيس الحالي "هادي"، لحكم اليمن خلال فترة انتقالية، وهيكلة الجيش، وأجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع، لحل كل القضايا اليمنية. ونجح الرئيس في إجراء الحوار، بتوقيع كل المكونات على مخرجاته، وهيكل جزءًا كبيرًا من الجيش، فانقلب "الحوثيون" في آخر مراحل الفترة الانتقالية، وبعد تجاوز الجميع للصعوبات. وفرض قوات "الحوثيون" وحليفهم "صالح" الحرب، بعد أن استخدموا سلاح الجيش لقتل الشعب، وزرعوا الألغام، وفجروا المنازل، ونسفوا الإنجازات السياسية.
ويؤكد "بحيبح" أن المعركة التي تدور في اليمن هي معركة دفاع عن إرادة الشعب وثوراته وديمقراطيته وحريته، وتستمد العزيمة من ثورة أيلول ضد النظام الإمامي، وثورة أكتوبر / تشرين الأول، التي طرد فيها اليمنيون الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن، لافتاً إلى أن الثورة لازالت تصارع دفاعًا عن اهدافها وطموحاتها.