الحراك الجنوبي اليمني

نشأ الحراك الجنوبي اليمني مطلع العام 2007، انطلاقاً من جمعية جمعيات المتقاعدين العسكريين التي تضم ضباط وجنود من المحافظات الجنوبية تعرّضوا إلى الإقصاء بعد حرب الوحدة اليمنية في عام 1994 وكانت مطالب الضباط والجنود تتمثّل في استرداد حقوقهم المنتزعة وإعادتهم إلى أعمالهم التي قاعدتهم منها السلطات قبل فترة التقاعد المعروفة. وتوسّع الحراك الجنوبي واكتسب قاعدة شعبية بالجنوب اليمني نتيجة مصادرة بعض الأراضي للجنوب لصالح كبار رجال السلطة في تلك الفترة وتهميش الجنوبيين من الكليات العسكرية والتجنيد وسط مطالبات بالانفصال عن الشمال اليمني.

وكانت القضية الجنوبية إحدى القضايا الأساسية في المبادرة الخليجية والحوار الوطني الذي أقيم في فترة رئاسة الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي في صنعاء وشاركت به كافة المكونات السياسية اليمنية. وأقرّ الحوار الوطني على حزمة من الإجراءات لمعالجة القضية الجنوبية بينها الفيدرالية وبعض النصوص التي تُعطي الجنوبيين حقوقهم في المؤسسة العسكرية والأمنية.

وقام الرئيس اليمني هادي خلال فترة حكمة في صنعاء بإعادة بعض القيادات العسكرية الجنوبية وتشكيل لجان لتعويض الجنوبيين الذين اُنتزعت منهم أراضي بالقوة، وغادر الرئيس اليمني "هادي" إلى الجنوب بعد انقلاب الحوثيين في صنعاء وحرك الحوثيون وحليفهم صالح قوات عسكرية لاقتحام عدن التي كان يقيم فيها الرئيس هادي ولكن التحالف العربي نجح بتحرير عدن في الربع الثالث من العام 2015 وأصبحت عدن وإلى جانبها المحافظات الجنوبية الأخرى تحت سيطرة قوات جنوبية والتحالف، كما أن محافظ عدن الحالي ومعظم قيادات المؤسسات العسكرية والأمنية فيها من قيادات الحراك الجنوبي.

وفي سبتمبر/أيلول من العام 2016 نقل الرئيس اليمني البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في ظل تواجد حكومته بالعاصمة المؤقته عدن، فيما رفض الحوثيون الاعتراف بنقل البنك وظلوا يتعاملون مع البنك المركزي في صنعاء لإدارة الاقتصاد في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في انشقاق اقتصادي يثير العديد من المخاوف. وقالت ليزا الحسني وهي عضوة في الحوار الوطني، أن الجنوب اليوم أصبح يمتلك القوة العسكرية وأخذت القيادات الجنوبية حقها بالسلطة والمؤسسة العسكرية والقضية الجنوبية عبارة عن قضية تبحث عن العدالة والانصاف.

واستبعدت "الحسني"، حدوث انفصال بين الشمال والجنوب كون الرئيس هادي كان أحد أبرز شخصيات الوحدة كما أن التحالف العربي يرفض فكرة الانفصال، مشيرة أن الحلول التي تضمنها الحوار الوطني كفيلة بحل القضية الجنوبية ولابد أن تطبق وتستمر مع كافة الانظمة المقبلة للحفاظ على وحدة اليمن.

وأكدت الحسني أن مخرجات الحوار الوطني تمثّل حلولًا عادلة للقضية الجنوبية ويجب أن تُنفّذ دون أي التفاف يهدد مستقبل الوحدة. ويرى الناشط الإعلامي الجنوبي "أدهم فهد" أن انفصال الجنوب عن الشمال مستحيل كون الشرعية في اليمن وإلى جانبها التحالف يقاتلون الحوثيين للانتصار لمخرجات الحوار الوطني وتطبيق النظام الفدرالي الكفيل بحل القضية الجنوبية والقضايا الرئيسية الأخرى في اليمن.

وأشار أدهم الفهد إلى أن الانفصال شيء مستحيل فتوجه الحكومة الشرعية باليمن والتحالف العربي يدعم وحدة اليمن ويدعم حل قضاياه الرئيسية التي ابرزها القضية الجنوبية. واعتبر أدهم فهد أن الانفصال يخدم الحوثيين وبحال حدث انفصال فإن الحوثيين سيحكمون سيطرتهم على المناطق الشمالية لليمن التي تشهد نفوذًا لهم وبدعم إيراني ولن يقبل الخليج بهذا إطلاقاً.

ومن جهتها تقول الناشطة السياسية في الحراك الجنوبي حنان الأميري إن الجنوب أصبح يمتلك القوة العسكرية والثقل السياسي الذي يسمح له بالانفصال وعلى الخليج أن يرضخ لإرادة الجنوبيين بحق تقرير المصير. وتشير الأميري إلى أن الوحدة اليمنية لم تجلب للجنوب سوى الظلم والقهر المناطقي والحروب والتهميش واصبح خيار الوحدة خيارًا ظالمًا بحق الجنوبيين. وتضيف الأميري بأن خيار الفدرالية والحقوق التي أقرها الحوار الوطني للجنوبيين قد تطبق على المدى القصير لكن لا يوجد ضامن لاستمرار تطبيقها وعدم الالتفاف على الجنوب وحقوقه مرة أخرى.