صنعاء - خالد عبد الواحد
يزداد الوضع في اليمن، كارثية، يومًا بعد آخر وسط تحذيرات أممية، من زيادة حدة المجاعة، في وقت تقف المنظمات الإنسانية والإغاثية، الدولية والمحلية، عاجزة أمام موجات الموت بسبب سوء التغذية ، وتفشي الأوبئة والأمراض.
في احد القرى الريفية اليمنية، التابعة إلى محافظة الضالع جنوب اليمن، توفيت الطفلة غدير عامر في عامها الثاني، بسبب سوء التغذية الحاد الذي بات يحصد العديد من الأطفال في البلاد، بشكل شبه يومي.
وقال والد غدير، إنه لم يتمكن من إسعاف طفلته من قريته النائية إلى المدينة، بسبب الفقر الذي يعيشه مع سكان القرية، ويضيف عامر محمد الذي يعاني من أمراض الكبد، بقولة "بدأت على طفلتي أعراض سوء التغذية وكنت أريد أن أسعفها لكن لم يتوفر لدي المال، وبعد محاولات حصلت على القليل من المال لكن كانت غدير قد توفيت"، وأشار عامر إلى أن الفرق الميدانية التابعة إلى المنظمات الدولية والمحلية لم تصل إلى المنطقة، عدا مرة واحدة وصل فريق تابع إلى أحدى المنظمات المحلية، ووزعت على الفقراء أجزاء قليلة من القمح فقط.
وتواجه اليمن، أزمة الإنسانية، هي الأكبر في العالم، وبات الموت يطرق باب طفل ، كل عشر دقائق، لأسباب يمكن تجنبها .
وحذر مارك لوكوك، مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن من أن 14 مليون شخص، قد يجدون أنفسهم قريبًا على حافة المجاعة ويعتمدون كليا على المساعدات الإنسانية، وقال لوكوك، "يوجد الآن خطر واضح من مجاعة وشيكة واسعة النطاق تطبق على اليمن، أكبر بكثير من أي شيء شاهده أي عامل في هذا المجال طوال حياته العملية".
ووصف حجم ما يواجه اليمن الذي تمزقه الحرب بأنه صادم، في ضوء أنه تم إعلان المجاعة مرتين فقط في العالم خلال العشرين عامًا الماضية، في الصومال في 2011 وفي مناطق بجنوب السودان في العام الماضي.
وأكّد أن الأمم المتحدة تنسق حاليًا لتسليم المساعدات لنحو ثمانية ملايين شخص في اليمن، وأن الأزمة الإنسانية تفاقمت بسبب الأزمة الاقتصادية واستمرار القتال حول ميناء الحديدة الرئيسي، ودعا لوكوك إلى وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية، وحماية إمدادات الغذاء والسلع الأساسية في أنحاء البلاد، وزيادة سرعة ضخ العملة الصعبة في الاقتصاد من خلال البنك المركزي إلى جانب زيادة تمويل المساعدات الإنسانية، كما ناشد الأطراف المتحاربة الدخول في محادثات سلام، وقال لوكوك، "بينما يعيش ملايين الأشخاص منذ سنوات على المساعدات الغذائية الطارئة، فإن المساعدة التي يحصلون عليها تكفى بالكاد للبقاء على قيد الحياة، وليس النمو“\".
ويواصل الدولار ارتفاعه الجنوني، أمام العملة المحلية، رغم الجهود الحكومية والدولية للحد من تدهور العملة اليمنية، وبلغ سعر الدولار الأميركي الواحد أكثر من 750ريال يمني، ولازال يواصل ارتفاع يوما بعد أخر.
وقال المحلل الاقتصادي صدام محسن، إن اليمن، يعتمد على الواردات التجارية ، لتغطية الأسواق، مؤكدًا أن اليمن، يستورد اليمن، 90% من المواد الأساسية والغذائية، وغيرها".
وقال إن ارتفاع أسعار الدولار، و العملات الأجنبية سبب ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، والضرورية، مؤكدًا أن أسعار المواد الأساسية، ارتفعت بنسبة 30%منذ مطلع الشهر الجاري ، مشيرًا إلى أن بعض الأسر ذات الدخل المحدود، لم تعد تستطيع توفير الغذاء، وأنه يجب توفير الدولار للتجار بأسعار منخفضة، لكي يتمكنوا من توفير السلع الأساسية والاستهلاكية للمواطن بأسعار مناسبة.
وأكدت منظمة "أوكسفام" مقتل أحد المدنيين كل ثلاث ساعات، بسبب القتال الدائر في اليمن منذ بداية شهر آب / أغسطس، وقالت المنظمة إن الوضع الإنساني في اليمن بات بالفعل في نقطة حرجة بعد مضي أكثر من عامين من الحرب، مشيرة إلى أن انتشار الكوليرا في اليمن أدت إلى أسوأ تفشٍ للكوليرا في العالم.
وأضافت المنظمة في تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني، أن الوضع العام الكارثي في اليمن، يعني زيادة خطر تفشي أمراض أخرى، كما أشارت الحالات الأخيرة لتفشي مرض التهاب "السحايا".
وقال شين ستيفنسون، مدير مكتب "أوكسفام" في اليمن، "إن كل يوم يمر يأتي بالمزيد من المعاناة على الشعب اليمني والذي أصبحت حياته لا تطاق، لقد خذلهم العالم بشكل مخزي، وتبين الكارثة تلو الأخرى أن هذه الكوارث مفتعلة ومن من صنع الإنسان، يواجه بسببها كل يوم الآلاف من الناس خيارات قاسية بين الحياة أو الموت"، مضيفًا "إن الوقت لعودة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات هو الآن، كما يجب تمويل الاستجابة الإنسانية بشكل كامل، فالانتظار لفترة أطول سيؤدي إلى المزيد من الموت والدمار الذي سيشهده العالم بتواطؤ مخجل".
وذكرت المنظمة أن العديد من الأسر اضطرت لبيع ممتلكاتها الشخصية والاقتراض لشراء الطعام أو لدفع تكاليف علاج الكوليرا، مشيرة إلى أن الملايين من الناس يكافحون لشراء ما يكفي من الطعام ولا يستطيع من يصاب منهم بالكوليرا تحمل تكاليف النقل والدواء ورسوم الطبيب سوي بتقليل كمية الطعام الذي يشترونه.
وأوضح التقرير أنه منذ مارس/آذار 2015 الماضي، دمرت الحرب البلد، وقتلت أكثر من خمسة آلاف مدني، ودفعت سبعة ملايين شخصًا نحو المجاعة، مخلفةً نحو نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية.
وقالت المنظمة في تقريرها إن انتشار الكوليرا في اليمن أدت إلى أسوأ تفشٍ للكوليرا في العالم، سُجل في عام واحد، ليصل عدد الحالات التي يشتبه في إصابتها بالكوليرا إلى أكثر من نصف مليون شخص وذلك منذ أبريل/نيسان الماضي، وتوفي ما يقرب من ألفي حالة.
ودعت أوكسفام جميع أطراف النزاع، وكل من يدعمونهم، إلى الالتزام بوقف فوري لإطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، من أجل إنهاء سفك الدماء وتيسير المساعدة الإنسانية.
وطالبت المجتمع الدولي أن يضمن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2017 بشكل كامل، وأن يتم التعامل مع أزمة الكوليرا والأمن الغذائي بشكل متسق وعاجل وبأموال كافية.