دمشق - نور خوام
شهد ريفا حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، عمليات قصف مستمرة، تزامنًا مع قصف على مناطق أخرى في المحافظتين، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان إلقاء الطائرات المروحية براميل متفجرة عدة على مناطق في بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة.
وأضاف المرصد أنه تزامن مع قصف الطائرات الحربية لمناطق في البلدة، ومناطق أخرى في بلدة كفرنبل بريف معرة النعمان الغربي، وبلدتي ترمال والهبيط في الريف الجنوبي لإدلب، ما أسفر عن سقوط جرحى في بلدة كفرنبل بينهم طفل وطفلة، كذلك استهدفت الطائرات المروحية بالبراميل المتفجرة مناطق في قرية بريغيت ووادي الجيسية بريف حماة الجنوبي، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية حتى اللحظة، كما قصفت قوات النظام بقذائف مدفعية عدة، مناطق في الأراضي الزراعية لبلدة كفرزيتا الواقعة في ريف حماة الشمالي، ما أسفر عن نشوب حرائق في الأراضي الزراعية.
ونشر المرصد السوري منذ صباح اليوم أنه رصد قصفًا من قبل الطائرات الحربية طال مناطق في قرية الحماميات وقرية الزكاة، الواقعة في ريف حماة الشمالي، كما استهدفت الطائرات الحربية مناطق في قريتي الصخر والأربعين، في حين استهدفت قوات النظام مناطق في بلدة اللطامنة، بشمال حماة، بالتزامن مع قصف من قبل قوات النظام، على مناطق في قرية البريسة الواقعة في الريف الشرقي لمدينة معرة النعمان، وسط قصف جوي طال مناطق في قرية أبو عمر بريف إدلب الجنوبي، فيما استهدفت قوات النظام مناطق في بلدة الهبيط وأطراف مدينة خان شيخون بالريف ذاته، حيث تسبب القصف المكثف بعشرات الصواريخ والقذائف، باستشهاد سيدة ورجل في جنوب إدلب، فيما قضى مقاتل في منطقة اللطامنة بالقصف ذاته، وعدد من استشهدوا وقضوا مرشح للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة.
ويأتي هذا التصعيد، على خلفية تحشدات لفصائل عدة وهي جماعة حراس الدين المنشقة عن هيئة تحرير الشام والمبايعة لتنظيم القاعدة، وجماعة أنصار التوحيد المنتمين سابقا إلى تنظيم جند الأقصى، وجيش البادية وجند الملاحم وجيش الساحل وفصائل مقاتلة أخرى، حيث استقدمت هذه الفصائل على مدى الأيام الأربعة الماضية تعزيزات عسكرية، رصدتها طائرات الاستطلاع، في مقدمة منها لهجوم على تمركزات لقوات النظام في الريف الشمالي الغربي لحماة.
وعاشت منطقة عفرين توطين مدروس بعناية، ويد طولى للقوات العسكرية، على أرض هجِّر سكانها منها، ومن بقي منهم لم ترحمه التبعات الأمنية والعسكرية، فتبدلت المنطقة إلى مجرد بيوتات فارغة وأبنية تحولت بين اللحظة والأخرى، من ملك صاحبها، إلى أملاك خاصة تتبع لمقاتل أو فصيل، وكأنه رعبون الولاء المطلق، من قوة راعية، إلى أخرى ساهمت في عملية ضخمة كانت نتائجها وبالاً على أهلها الرازحين، تحت قبضة عسكرية وأمنية متشددة، فيما تجري على مقربة منهم، عملية تغيير ديموغرافي، تقودها قوى عسكرية ادعت حماية السوريين، فجاءت نتيجتها بتغريبة لمئات الآلاف من سكانها، مصطحبين معهم من نزحوا إليهم فرارًا من قصف نظام بشار الأسد على مدنهم وبلداتهم وقراهم، فكان النزوح الأول لسكان عفرين، والنزوح الثاني وربما الثالث والرابع للنازحين إليها والقاطنين فيها من مناطق سورية أخرى، قبل “غصن الزيتون”، التي تركت أرضاً يزرع فيها الزيتون وأخريات، لبلاد مستباحة، حيث تكفي علبة صباغ واحدة، أن تصير بناءاً أو مزرعة أو قرية بحالها، إلى ملك خاص لفصيل عسكري.
وتجول نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في القطاع الغربي من ريف عفرين، الواقعة في القطاع الشمالي الغربي من محافظة حلب، والخاضعة منذ منتصف آذار من العام الجاري 2018، لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المقاتلة منها والإسلامية، العاملة في عملية “غصن الزيتون”، وأول ما رصدوه في جولتهم هو بلدة جنديرس التي دمر الكثير منها، أبنية جرى الكتابة عليها بأصبغة تعلن البناء بشكل كامل ملكاً لفصائل سورية عاملة في عملية “غصن الزيتون”، إذ يمنع على أصحابها العودة إليها، كما يمنع استعمالها سكناً لغير الفصيل الذي وضع يده على هذه الممتلكات، بالإضافة لتحويل ممتلكات مدنيين من بيوت ومزارع، إلى مقرات عسكرية وأمنية، استوطن فيها مقاتلو الفصائل العاملة تحت راية عملية “غصن الزيتون”، فيما حوِّلت قرية كفر صفرة إلى منطقة عسكرية مغلقة، يمنع دخول غير العسكريين إليها، ويتواجد فيها قوات موالية لتركيا ومقرات للقوات التركية.
ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في الوقت ذاته، وفي الجولة ذاتها، عشرات السيارات والشاحنات المحملة بالمسروقات وما جرى نهبه من قبل الفصائل، على قارعة الطرقات وفي القرى التي تجولوا فيها، حمِّلت بكل ما تحتويه منازل المدنيين من أثاث وتجهيزات ومعدات، وكله جرى نهبه تحت ذريعة واحدة، وهي منازل عناصر من القوات الكردية أو موالين للقوات الكردية، فيما تشهد الحواجز عمليات تدقيق وتفتيش دقيقة، على المواطنين الكرد وسكان منطقة عفرين، وصلت لحد إهانة المدنيين هؤلاء، رغم تسهيل هذه الحواجز مرور المدنيين القادمين من مناطق سورية أخرى
واستمرار هذه العمليات والانتهاكات من قبل قوات عملية "غصن الزيتون"، تأتي بالتزامن مع مواصلة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها والعاملة تحت رايتها، منع المدنيين من سكان منطقة عفرين، من العودة إلى قراهم وبلداتهم، حيث لا تزال مئات العوائل تنتظر منذ قرابة الـ 20 يوماً على حاجز كيمار والحواجز الشرقية لمنطقة عفرين، للسماح لهم بالمرور وسط منع تركي ومن الفصائل للمدنيين من أهالي عفرين من العودة، دون وجود أي مبرر لذلك، في الوقت الذي تجري فيه عملية توطين المهجرين من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي في المنطقة.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان معاناة المدنيين على هذه الحواجز، من قلة للطعام والأدوية وعدم وجود أي مكان يأويهم، فيما لا تزال أوضاع مئات الآلاف من المهجرين من منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي، تزداد سوءاٍ، وتتردى كل يوم أكثر، مع تناقص الخدمات المقدمة لهم من قبل المنظمات الإنسانية والإغاثية، التي أدارت مع الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ظهرها، لاستغاثات أبناء منطقة عفرين، ممن لا يزالون في القطاع الشمالي من ريف حلب.
وتتوازى الأوضاع الإنسانية المأساوية، التي يعيشها النازحون في ريف حلب الشمالي، مع أوضاع إنسانية صعبة وانتهاكات يومية يعيشها أبناء منطقة عفرين، ممن بقوا في قراهم وبلداتهم، حيث يعاني هؤلاء من عمليات مداهمة واعتقالات بذرائع الانتماء للقوات الكردية وموالاتها، ويجري سوق الشبان إلى معتقلات للفصائل والقوات التركية وتعريضهم للتعذيب والضرب والإهانة، وعدم الإفراج عنهم إلا مقابل مبالغ مادية يجري دفعها كفدية لإخراجهم من المعتقلات التي يسجنون فيها.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر قبل نحو 72 ساعة من الآن، أن قوات عملية "غصن الزيتون" عمدت إلى طرد عدد من العوائل من مساكنها في ناحية شرَّا حيث جرى طرد نحو 10 عائلات من القرية بذريعة ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي والقوات الكردية، وسط استياء من الأهالي المتبقين من هذه الانتهاكات التي تمارس بحقهم من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة.
كما كان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد تعرض المزيد من الشبان والرجال في منطقة عفرين للاعتقال، بالإضافة لتعذيب مدنيين وتوجيه تهم ملفقة لهم، وضربهم واعتقالهم، ومن ثم الإفراج عنهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، كان آخرها ما أكدته مصادر أهلية للمرصد السوري من قيام الفصائل باعتقال شاب والاعتداء عليه بالضرب والتعذيب، ولم تفرج عنه إلا بعد دفعه مبلغ مالي وصل قرابة الـ 700 ألف ليرة سورية، متهمين إياه بالانتماء للقوات الكردية والتعامل معها، فيما رصد المرصد السوري عمليات سرقة ونهب لآليات ومحال تجارية وسيارات من قبل مقاتلين في الفصائل بمنطقة عفرين، وسط استمرار عمليات المداهمة والتفتيش في مدينة عفرين وقراها، ومواصلة القوات المسيطرة على المنطقة بتنفيذ الانتهاكات وعمليات الاعتقال
وكان رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان وصول أكثر من 700 عائلة من مهجري مناطق سيطرة فيلق الرحمن بالغوطة الشرقية، إلى منطقة عفرين وتوطينهم من قبل السلطات التركية بعد تنسيق سابق بين الطرفين، ومن ضمن من استوطن في عفرين قائد فيلق الرحمن عبد الناصر شمير والعشرات من قيادات وعناصر فيلق الرحمن مع عوائلهم، فيما رفضت مئات العائلات من مهجري الغوطة، الانتقال من إدلب إلى عفرين معللين ذلك برفضهم الاستيطان في منازل سكان هجروا من بيوتهم ومناطقهم عنوة، فيما تتزامن عملية نقل المهجرين وتوطينهم في منطقة جنديرس ومناطق أخرى في عفرين، مع معلومات عن عملية تحضير لفتح معبر حدودي غير رسمي بين مناطق سيطرة القوات التركية في عفرين وبين لواء إسكندرون، بعد تأسيس لجنة محلية لإدارة منطقة جنديرس.
ورصد المرصد منذ فرض القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية السورية العاملة معها في عملية "غصن الزيتون"، سيطرتها على كامل منطقة عفرين منذ الـ 18 من آذار / مارس من العام الجاري 2018، تنفيذ اعتقالات بحق أكثر من 80 شخصاً، بينهم العشرات ممن لا يزال مصيرهم مجهولاً، بعد اقتيادهم إلى مراكز اعتقال وتحقيق في منطقة عفرين، حيث كانت تحدثت مصادر للمرصد السوري عن أنه وبعد نهب معظم منطقة عفرين من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن عملية "غصن الزيتون"، فإن عمليات الاعتقال تحول إلى تجارة رائجة لدى الفصائل، حيث تجري اعتقالات بحق مدنيين التحقوا بخدمة التجنيد الإجباري في صفوف القوات الكردية، ومن تطلب مبالغ مالية تصل لملايين الليرات السورية للإفراج عنهم، فيما أكدت المصادر أنه جرت عمليات قتل بحق مدنيين في منطقة عفرين، كان آخرها قتل شاب قالت مصادر أهلية أنه يعاني من اضطرابات عقلية، بذريعة "انتمائه لحزب العمال الكردستاني".