عدن - حسام الخرباش
برزت الصين مؤخراً في المساعي الجارية في الملف اليمني. وسجلت حضورًا لافتًا على المستوى السياسي والإنساني. وفي الأسبوع الماضي ترأست الصين جلسة مجلس الأمن لمناقشة تطورات الوضع في اليمن ،وتحدث المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في إحاطته لمجلس الأمن عن وساطة صينية لاقناع الحوثيين بالقبول بمقترح بخطته بتسليم ميناء الحديدة لطرف محايد وتهدف الخطة إلى تأمين وصول المواد الأساسية والتجارية عبر الميناء، ووضع برنامج عمل لجباية الضرائب والعائدات، واستعمالها لدفع الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية، بدلا من تمويل الحرب. وكشف ولد الشيخ عن اتصالات أجراها مع الحوثيين، الذين كانوا قد أعلنوا عدم التعاطي معه بشكل نهائي، قبل "جهود بذلتها الصين"، ساهمت في عدولهم عن قرارهم.
وقبل أيام، أعلنت الصين عن تقديم مساعدات إنسانية لليمن عبر الأمم المتحدة .وقال السفير الصيني لدى اليمن تيان تشي "إن الجانب الصيني يشارك الشعب اليمني في معاناته"، معلنًا عن تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة قدرها 150 مليون يوان صيني، وبالإضافة إلى ذلك، قدمت الصين 5 ملايين دولار لبرنامج الغذائي العالمي ومليونين دولار لمنظمة الصحة العالمية. وأضاف " أن الجانب الصيني على استعداد للتواصل والتنسيق مع الجانب اليمني والأمم المتحدة لتنفيذ هذه المساعدات بشكل جيد لكي يستفيد كل الشعب اليمني منها وتخفيف الأزمة الإنسانية وتفشي وباء الكوليرا.
وأشار السفير تيان تشي إلى أن الجانب الصيني ظل يدعم بثبات سيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه ويدعم الحل السياسي للقضية اليمنية ووساطة الأمم المتحدة، كما أن الجانب الصيني يلعب دورها الإيجابي للنصح بالتصالح والحث بالتفاوض .وأعرب السفير الصيني عن امل الصين أن يعيد السلام والاستقرار الى اليمن وعلى استعداد للتعاون مع الجانب اليمني لبناء "الحزام والطريق"، بما يعود بالخير إلى الشعبين.
وفي مايو/ايار من العام الجاري،أبدت الصين، استعدادها لمساعدة اليمن في بناء اقتصاده المنهار جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين. وقال السفير الصيني تيان تشي إن" بلاده مستعدة للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد اليمني وتعزيز التواصل مع الجانب اليمني".وأشاد بعمق علاقات الصداقة اليمنية الصينية ، التي تتمتع بتاريخ طويل يمتد إلى ما قبل 2000 سنة.
وأضاف أن " الصين تدعم وقف الحرب في اليمن، التي أثرت على التطور الاجتماعي والاقتصادي، مشيرا إلى أن بكين مستعده لتعزيز التعاون في مجال السكك الحديدية والطرق العامة والموانئ وغيرها من البنية التحتية، وتعزيز التعاون في القدرات الإنتاجية لمساعدة اليمن على تسريع عملية التحديث ورفع القدرة للتنمية الذاتية، إضافة الى تعزيز التعاون في المجال الثقافي والإنساني ".
أما روسيا ،فتلعب دوراً سياسيًا وإنسانيًا بالملف اليمني ،وقد اعلنت روسيا عن تقديم مساعدات إنسانية لليمن مؤخراً،حيث تحمل الشحنة أكثر من 20 طناً من المواد الاغذائية، وخياما متعددة المقاعد للمدنيين المتضررين من الصراع العسكري وستصل الشحنة إلى مطار صنعاء. وأشارت وزارة الطوارئ الروسية، أن الطائرة ستنقل من اليمن إلى روسيا مواطنين روساً وحاملي جنسيات بعض دول رابطة الدول المستقلة، يرغبون في مغادرة البلاد. وقد نفذت روسيا عملية مماثلة في عام 2015، عندما ارسلت روسيا نحو 23 طنا من المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
ولا تزال السفارة الروسية تعمل في مدينة صنعاء، في حين أغلقت غالبية الدول سفاراتها بعد سيطرة الحوثيين عليها، ويلتقي دبلوماسيون روس قيادات في حزب صالح ومن الحوثيين أحيانًا في صنعاء، وتحتفظ روسيا بعلاقات دبلوماسية جيدة مع طرفي الصراع في اليمن. وكان لروسيا موقف لافت من محاولات أقتحام ميناء الحديدة من قبل التحالف العربي ،وأكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن أهم ما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي لليمن هو وقف هذه "الحرب المجنونة". ودعا غاتيلوف إلى وقف ما أسماه الحصار وطرح مبادرة لتحسين الوضع الإنساني.
وقال غاتيلوف أنه "في حال استمرار الحرب في اليمن سيستفيد تنظيم "داعش" وتنظيم "القاعدة" وغيرهما من الإرهابيين والمتطرفين" , حسب وصفه . ودعا الدبلوماسي الروسي إلى طرح مبادرة فورية لتحسين الواقع الانساني في اليمن ووقف كل أشكال الحصار البحري والجوي والبري في هذا البلد. وحذر نائب وزير الخارجية الروسي من تصعيد الكارثة الإنسانية في اليمن في حال اقتحام ميناء الحديدة وشن هجوم لاحقا على العاصمة صنعاء، مؤكدا أن ذلك أمر غير مقبول. كما دعا غاتيلوف إلى استئناف عمل مطار صنعاء بشكل اعتيادي من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى البلاد.
وقال الدبلوماسي الروسي إن موسكو تجري اتصالات مع جميع الأطراف المتنازعة في اليمن وشركائها في الخليج، مؤكدا أن الجانب الروسي سيواصل جهوده في مجال تسوية الأزمة اليمنية.
وكان المبعوث الأممي لليمن كشف عن خطة لمعالجة الوضع في ميناء ومدينة الحديدة غرب اليمن .
وقال ولد الشيخ إن الخطة الأممية تتضمن جانبين أحدهما عسكري يتعلق بتشكيل لجنة عسكرية من الطرفين تدير الوضع في مدينة الحديدة، وأخرى اقتصادية لإدارة الميناء وحل قضية الرواتب،مضيفاً" أن معالجة قضية الحديدة هي خطوة للتوصل لحل شامل من أجل الحصول على وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق مفاوضات مباشرة بين الطرفين.
ويرفض الحوثيون خطة ولد الشيخ حول ميناء ومدينة الحديدة في الوقت الذي رحبت الحكومة اليمنية بتلك الخطة التي قال ولد الشيخ أنه لاقى قبولاً واسعاً بها من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية . ويسعى ولد الشيخ إلى جمع الأطراف اليمنية على طاولة جديدة تبدأ بالتوافق على معالجة الوضع في ميناء الحديدة رغم عدم وجود أي تقدم يذكر منذ اختتام مشاورات الكويت في السابع من أغسطس/من العام الماضي.
وقالت حمامة الصنوي وهي ناشطة سياسية يمنية،أن تدخلات الصين باليمن تاتي في سياق الدفع نحو حل سياسي وتستغل الصين الاحترام التي تحظى به لدى طرفي الصراع باليمن واجرت موخراً إتصالات سياسية مع طرفي النزاع وتريد أن يكون لها حضور في الملف اليمني باعتبارها دولة مؤثره بالعالم . واعتبرت الصنوي حضور الصين إيجابي لعدم انحيازها لطرف ومحاولات دفعها نحو حل سياسي .
وترى الصنوي أن روسيا كان لها دور رئيسي في منعطفات تاريخية عدة في اليمن كان أبرزها خلال فترة حكم الحزب الاشتراكي لليمن الجنوبي قبل الوحدة اليمنية عام 1990، حيث كان نظام الحكم في اليمن الجنوبي مرتبط بروسيا بشكل كبير، وفي معظم المجالات، مشيرة إلى أن حلفاء روسيا في اليمن الجنوبي هم حاليًا الحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي ولهما موقف واضح ضد انقلاب الحوثيين ويدعمان الرئيس اليمني عبده ربه منصور هادي.
ولفتت الصنوي، إلى أن روسيا كان لها دورا مهما في اليمن الشمالي قبل الوحدة وكان لها تأثير سياسي بارز، كما أنها تملك علاقات سياسية وتمد ذراعيها في اليمن الآن.
وأشارت إلى أن روسيا تعترف بشرعية الرئيس هادي وسمحت بتمرير القرار 2216 في مجلس الأمن، الذي يدين الحوثيين ويطالبهم بالإفراج عن المعتقلين وتسليم السلاح، بالرغم من ذلك تحتفظ روسيا بعلاقة جيدة مع صالح والحوثيين، منوهة بأن روسيا كانت مؤيدة للحوار الوطني الذي عقد بين القوى اليمنية قبل الحرب.
وأوضحت الصنوي، أن عدم تصادم روسيا مع التوجهات السعودية بخصوص الملف اليمني في المحافل الدولية وعلاقة روسيا الجيدة مع إيران واحتفاظها بعلاقات ممتازة مع القوى اليمنية جنّب اليمن صراعًا دوليًا روسيًا أميركيًا ويزيد من الوضع تعقيدًا ويمكّن روسيا من لعب دور سياسي مهم بأي حل سياسي في اليمن،وتعتقد الصنوي بأن روسيا تهمها سورية وتدخلها الإيجابي في اليمن له مقابل في سورية، موضحة أن هناك تقاربًا روسيًا وأميركيًا وصيني كبير في اليمن وإجماع على حل سياسي يشمل الجميع ويضمن مشاركة الجميع في المرحلة المقبلة.