جماعة الحوثيين

يزداد التوتر بين جماعة الحوثيين وحزب الرئيس اليمني السابق علي صالح في صنعاء قبل يوم الخميس، 24 من أغسطس/آب الجاري، حيث يعتزم الرئيس السابق علي صالح إقامة احتفال وحشد عملاق  في ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، ويحضر حزب المؤتمر منذ أسابيع للفعالية المرتقبة التي من المتوقع أن تكون الاستعراض الشعبي الأكبر للرئيس اليمني السابق والذي يسعى من خلالها لتقديم رسائل للداخل والخارج عن مدى قوته الشعبية ويعزز من حضوره في أي حل سياسي في اليمن .

وسارعت جماعة الحوثيين التي ترى ملامح انقلاب عسكري يستهدفها بصنعاء من قبل علي صالح في يوم الاحتفال، إلى الإعلان قبل أيام على لسان رئيس لجانها الثورية محمد علي الحوثي ،عزمها إقامة فعاليات عسكرية للحشد لجبهات القتال في مداخل صنعاء الأربعة في 24 من أغسطس/آب الجاري نفس تاريخ الاحتفال الذي ينظمه حزب صالح،في مؤشر عسكري نحو منع الحشود القبلية الموالية لحزب صالح من دخول صنعاء والصدام معها وإجراء عسكري في ذات الوقت تحسباً لأي عمل عسكري يستهدف الجماعة الحوثية.

وزار رئيس اللجان الثورية للحوثيين محمد علي الحوثي،المدخل الجنوبي لصنعاء في منطقة حزيز القريبة من سنحان مسقط رأس علي صالح واطلع على الترتيبات الأمنية والعسكرية لاستقبال الحشود المسلحة التابعة للحوثيين ،ويعد ظهور محمد علي الحوثي بالمدخل الجنوبي لصنعاء القريب من مسقط راس صالح ومعسكر السواد التابع للحرس الجمهوري الموالي لصالح رسالة تحمل في طياتها الكثير.

وخرج رئيس اللجان الثورية التابعة للحوثيين محمد علي الحوثي بتصريحات نارية تستهدف حزب صالح،وسخر الحوثي من الاتهامات الموجهة للحوثيين بالفساد وقال ان جماعته  حاضرة لتقديم حساب بدءا من 2015م وحتى اليوم ملمحاً أن عليهم تقديم حساب 33 عام في إشارة لفترة حكم صالح،مضيفاً"الشعب يعرفهم حين حكموا البلاد لفترة طويلة، ولا حاجة لهم لأن يُلمِّعوا أنفسَهم من جديد"، وقال الحوثي "لسنا من نُسأل عن المرتبات، وإنما من بيده الوزارات الإيرادية، وإذا لديكم شيء عنا فقدموه"، في إشارة إلى وزارات حزب المؤتمر بصنعاء حيث يحاول الحوثي تحميل المؤتمر مسؤولية الرواتب المنقطعة منذ أشهر.

ولفت الحوثي إلى أن جماعته لوكانت اعتمدت على حزب صالح في المعارك لكانت صنعاء سقطت عسكرياً بيد التحالف، مخاطباً حزب المؤتمر بأن استعراض العضلات والتصعيد يكون في جبهات القتال وليس ضد الشعب في تلميح لحشد صالح للاحتفال بالذكرى الـ 35 لحزبة بصنعاء المقرر في 24 من الشهر الجاري، ورد على اتهامات الحوثيين وزير الاتصالات جليدان محمود جليدان، الموالي لحزب صالح، بأن وزارته وردت إلى الخزينة العامة في البنك المركزي اليمني في صنعاء، أكثر من 98 مليار ريال منذ سبتمبر 2016، ومنذ هذا التاريخ، يعيش مليون و200 ألف موظف يمني، هم موظفو الجهاز الإداري للدولة في اليمن، دون أن يتقاضوا رواتبهم المتوقفة جراء توقف الحوثيين صرف الرواتب بدعوى انعدام السيولة، ونقل الحكومة اليمنية البنك المركزي إلى عدن، وكان صالح قد أكد في خطاب سابق إن هناك موارد تُرفد إلى الخزينة العامة لكنها لا تُصرف، مشيراً أن لدى الحوثيين حكومة فوق الحكومة، تنهب الإيرادات العامة ولا تنفقها على الموظفين الحكوميين، وأضاف "الناس تعبت، وكان من الأولى إنفاق تلك الأموال لهم كرواتب".

وظهر عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين قبل أيام في خطاب متلفز والقى كلمة ،حاول من خلالها التلميح لوجود مخطط يستهدف جماعته في صنعاء من خلال حشد المؤتمر، مشيرًا إلى أنّ "هناك أنشطة كبيرة تستهدف ضرب الداخل من خلال اختراق المكونات، نتلقى الطعنات في الظهر، والبعض جاء يطرح معنا في الموقف "رأس إصبعه" وباقي أرجله في الخلف، البعض فتح رجليه، واحدة في الوطن وواحدة خارج الوطن"، في إشارة للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يقيم في صنعاء، بينما نجله أحمد القائد السابق للحرس الجمهوري وسفير اليمن لدى الإمارات وهو تحت الإقامة الجبرية في الإمارات.

واتهم زعيم الجماعة حزب صالح، بممارسة نشاط مكثف لتجميد الجبهة الداخلية، "وتبقى الجبهات فارغة حتى يتمكن العدو من اقتحامها، ويعملون لتذليل الصعوبات أمام العدو لتنفيذ أهدافه"، وتبرز ملامح مواجهات عسكرية محتمله بين الرئيس اليمني السابق علي صالح والحوثيين بصنعاء ،والرئيس اليمني السابق يحظى بتأييد قبلي واسع في صنعاء والمحافظات المجاورة لها كما انه لازال قادر على تحريك قوات الحرس الجمهوري التي كان يقودها نجله أحمد علي عبدالله صالح ،وبعض وحدات الجيش اليمني ما يرجح انتصار صالح في أي مواجهات مع الحوثيين، وفي حين تحشد جماعة الحوثيين مسلحيها لسيطرة على مداخل صنعاء، يحشد صالح القبائل الموالية له بصنعاء والمحافظات المجاورة ويكثف الطرفين من الاجتماعات مع القبائل لكن صالح لدية الثقل الأكبر من القبائل.

ودعا الشيخ كهلان مجاهد ابو شوارب شيخ مشايخ قبائل حاشد،اقوى القبائل اليمنية التي لها امتدادات واسعة،القبائل اليمنية وعلى راسها قبائل حاشد إلى المشاركة الفاعلة في مهرجان الـ(24) من أغسطس الجاري الذي سيقام في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، احتفاء بالذكرى الـ(35) لتأسيس المؤتمر الشعبي العام،ويبدو أن دعوة أبو شوارب تأييد واضح للرئيس اليمني السابق وتحمل تحذيرات مبطنه للحوثيين من محاولة ارتكاب أي حماقات عسكرية،الشيخ كهلان أبو شوارب هو اكبر مشايخ محافظة عمران التي تقع شمالي صنعاء وجنوبي صعدة معقل الحوثيين وقبائل حاشد لها قوة عسكرية كبيرة وامتداد في محافظات متفرقة .

ورحبت دولة الإمارات العربية المتحدة بخطاب الرئيس اليمني السابق علي صالح الذي ألقاه الأحد، وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدات على تويتر إن "خطاب صالح ظاهره خلاف مع الشريك الحوثي حول السلطة في مناطق سيطرة الانقلاب، الخطاب يمثل فرصة لكسر الجمود السياسي الذي كرسه تعنت الحوثي، ويبقى المسار السياسي أساس الحل للأزمة اليمنية"، مشيراً إلى أن اليمنيين بإمكانهم تحقيق الاتفاق السياسي الذي لا يستثني أحداً.

وعززت تصريحات قرقاش مخاوف الحوثيين الذين يتخوفون من انقلاب عسكري وشيك ينفذه صالح لطردهم من صنعاء، لكن سارع حزب صالح إلى نفى وجود حوار يجري بين الحزب ودولة الإمارات العربية المتحدة يتعلق بوقف الحرب في اليمن حيث تناولت وسائل إعلام أخبار عن مفاوضات خلف الكواليس بين حزب صالح والإمارات إضافة إلى تصريحات قرقاش التي تلفت الانظار وتحمل الكثير من التفسيرات،ووفقاً لبيان حزب صالح فانه يرحب باي حوار من شأنه وقف الحرب وفك الحصار برا وبحرا وجوا.

وبرزت أخيرا خطة الأمم المتحدة التي تقضي بتسليم الحوثيين لميناء الحديدة لطرف محايد لتفادي الميناء الذي تتدفق عبره نحو80 في المائة من واردات الغذاء والمساعدات الإنسانية، عملية عسكرية وشيكة، وقبلت الحكومة اليمنية بخطة الأمم المتحدة كما رحب بها التحالف العربي وقابلها الرئيس اليمني السابق بالقبول عبر إصداره لمبادرة من خلال البرلمان الذي يمثل حزب صالح اغلبيه فيه وتقضي بإشراف الأمم المتحدة على جميع المنافذ الجوية والبحرية ودفع الرواتب المنقطعة منذ عشرة أشهر للموظفين والدخول بعملية سلام شامل لكن مليشيات الحوثي ترفض مبادرة البرلمان وخطة الأمم المتحدة وتتهم صالح بالخيانة.

وكان الحوثيون وحزب صالح أعلنوا في 28 يوليو/تموز 2016 تشكيل مجلس سياسي يتكون من عشرة أعضاء بالمناصفة، وقالوا إنه يهدف إلى "إدارة شؤون الدولة سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا وإداريًا واجتماعيًا وغير ذلك"، وبحسب الاتفاق الموقع لتشكيل المجلس السياسي فان رئاسة المجلس ستكون دورية بين صالح الصماد الذي يمثل الحوثيين وصادق أمين ابو راس الذي يمثل حزب علي صالح ،ولم يتولى ابو راس راسة المجلس حتى الان وقد تم التمديد للصماد لرئاسة المجلس بينما نال حزب صالح رئاسة الحكومة المشكلة بين صالح والحوثيين بينما تقاسم الحوثيين وصالح المناصب الوزارية.

وبيّن المحلل السياسي عادل الصامت أنه من المتوقع حدوث معارك محدودة على مداخل صنعاء بين القبائل والحوثيين الذين يحاولون منع احتفال حزب صالح، وأن انصار صالح وانصار الحوثيين يخوضون صراع بالشارع فالحوثيين يحاولون إزالة صور صالح وشعارات حزبه بينما انصار صالح يقومون بإزالة لوحات الحوثيين بما عليها من شعارات وصور، مشيرًا إلى أن التوتر بين الحوثيين وصالح بلغ اقصى مستوياته فصالح لن يتنازل عن استعراضه الكبير لشعبيته بينما الحوثيين يحاولون منعه وقد يتطور الوضع إلى صراع عسكري ِ