صنعاء _ عبد الغني يحيى
عمل "محمد الأهدل" مدرسًا ومديرًا بمدرسة المعتصم الأساسية بمديرية بيت الفقيه بمحافظة الحديدة، منذ أكثر من 26 عامًا، وتخرّج على يديه خلال هذه الأعوام آلاف الطلاب، وظل طوال هذه الفترة وفيًا لمهنته التعليمية، رغم الراتب الضئيل الذي يتلقاه. فلم يبحث عن عمل آخر لزيادة مدخوله، حتى إن بيته ما زال مبنيًا من القش أو "العشش"، كما تُسمى في تهامة.
عملت مليشيا الحوثي منذ اجتياحها لمديرية بيت الفقيه وكل مديريات تهامة، على تدمير العملية التعليمية ومحاربة المدرسين، وتحويل كبريات المدارس إلى ثكنات عسكرية لمقاتليها، وكان للأستاذ محمد الأهدل نصيبه من كارثة حرب الانقلاب، فقد عرفت المليشيا بمدى تأثيره في الطلاب ومعارضته لمشروعها الإرهابي، فبدأت منذ اليوم الأول لوصولها، مضايقته ومحاولة فرض منهجها الخاص على المدرسة التي يدرّس فيها، لكنه ظل ثابتًا على موقفه من المليشيا، وبقي ينشر الوعي بين طلابه وفي أوساط مجتمعه، بخطورة هذه الجماعة الإرهابية الطارئة على المجتمع، وفي كل مرة كانت المليشيا تكثف من ملاحقتها له، وتهديده بالقتل أو الاعتقال، إن لم ينصع لرغباتها.
اقتحام البيت
في الأول من أبريل/نيسان 2015، امتنع الأستاذ الأهدل عن الذهاب للدوام، بعد تلقيه مكالمة من أحد زملائه تفيد بوجود مكثف لعناصر مليشيا الحوثي الإيرانية في المدرسة، حيث جاؤوا للبحث عنه واعتقاله.
وحين علمت المليشيا بأنه لن يأتي للمدرسة، اتجهوا صوب بيته في إحدى قرى بيت الفقيه النائية، وعندما وصلوا البيت، كان الأهدل قد غادر متخفيًا إلى مدينة عدن، تاركًا زوجته وأطفاله، حيث يحكي قصته بالقول: لم تتورع المليشيا عن اقتحام بيتي وترهيب أطفالي وزوجتي، حينما علموا بمغادرتي، كانت زوجتي تصرخ فيهم دون جدوى، ولم يرحموا دموع أطفالي، فقاموا بعد اقتحام البيت المتواضع المكون من القش والخشب، بتدميره كليًا، وإتلاف كل ما فيه، وحينها عانت أسرتي من التشرد، حتى تمكنت من أخذهم إلى عدن، كما يشير إلى أن زوجته تعرضت لانهيار عصبي بعد اقتحام الحوثيين لبيته وتدميره، ما تسبب لها في حالة نفسية سيئة، وكذلك أطفاله الذين يحاول جاهدًا إخراجهم من آثار الصدمة والرعب الناتج عن إرهاب مليشيا الحوثي لهم.