صنعاء -خالد عبدالواحد
ما زال مسلسل الاغتيالات في مدينة عدن جنوب اليمن مستمرّا رغم الهدوء الحذر الذي تشهده المدينة منذ مطلع شهر يناير/ كانون الثاني الماضي عقب الاشتباكات التي شهدتها المدينة بين قوات الحكومة الشرعية ومسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الإمارات، ورغم الاتفاقات والهدنة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي فإن عمليات التصفيات السياسية عادت إلى المدينة بوتيرة أعلى من الوقت السابق، وسط اتهامات للإمارات العربية المتحدة بالوقوف وراء اغتيالات رجال الدين في المدينة.
وتشهد العاصمة اليمنية المؤقتة عدن سلسلة اغتيالات منذ مطلع العام 2015 طالت العشرات من المدنيين والمسؤولين العسكريين والسياسيين ورجال الدين في عمليات منظمة للفتك بالضحايا دون ترك آثار في وقت ينتشر السلاح في أوساط المدنيين.
واغتال مسلحون مجهولون هذا الأسبوع قياديا في حزب الإصلاح في مدينة عدن جنوبي اليمن، أمام ثانوية مأرب في مديرية المعلا، وقال مصدر محلي إن مسلحين مجهولين اغتالوا رئيس دائرة التدريب والتأهيل في إصلاح عدن وإمام وخطيب جامع الثوار الشيخ شوقي كمادي أمام ثانوية مأرب في المعلا، والشيخ شوقي كمادي هو أستاذ في ثانوية مأرب بالمعلا وشخصية اجتماعية معروفة، ولم تكن الحادثة هي الأخيرة التي تشهدها المدينة.
وقُتل عدد من خطباء وأئمة المساجد في مدينة عدن في عمليات اغتيال منظمة طيلة الشهور الماضية، وينتمي أغلبهم إلى حزب الإصلاح الذي يشهد حملات تحريضية ضده من قبل القوات الموالية للإمارات بسبب الخلافات الدينية بين الطرفين.
ورغم الاتفاق بين حزب التجمع اليمني للإصلاح والإمارات عقب اللقاء الأخير الذي جمع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ورئيس الحزب محمد اليدومي، على توحيد الصفوف وتكريس الجهود لمواجهة الحوثيين فإن عمليات الاغتيال لم تتوقف.
ولم تستطع الأجهزة الأمنية وقف مسلسل عملية الاغتيالات التي تطال أئمة المساجد في عدن، كما لم تفصح عن الجهات التي تقف وراء هذه الاغتيالات الآثمة.
من جانبها أدانت الحكومة اليمنية جريمة قتل أئمة المساجد في عدن جنوب اليمن، وشددت الحكومة خلال اجتماع لها برئاسة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر في العاصمة المؤقتة عدن على ضرورة ملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة والوقوف في وجه كل من يريد العبث بأمن الوطن والمواطن وإثارة القلاقل والفتن.
وأكدت الحكومة على ضرورة توحيد القرار العسكري والأمني، والذي لن يتحقق إلا من خلال دمج كل الوحدات العسكرية والأمنية تحت مظلتي وزارة الداخلية والدفاع، وشدد رئيس الحكومة اليمنية على رفع مستوى الحيطة والحذر لمكافحة التطرف وكل ما يقلق السكينة العامة للمجتمع.
من جانبها، اتهمت وزارة الداخلية اليمنية تنظيم القاعدة باستغلال الأحداث الأخيرة في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب) لتنفيذ عمليات متطرفة استهدفت القيادة الأمنية.
وقال محمد مساعد وكيل الوزارة في تصريح صحافي إن "التنظيم الإرهابي متورّط في اغتيال ضابط الشرطة فهمي الحكمي في أحد شوارع مديرية المنصورة في محافظة عدن الأسبوع الماضي"، وأضاف أن "مسلسل الاغتيالات مرتبط بالعناصر المتطرفة التي لا تريد لعدن أن تستقر رغم عودة الحياة إلى طبيعتها وقيام الأجهزة المعنية بواجبها في ضبط الأمن"، لافتا إلى أن "تلك العناصر تحاول استغلال الأحداث التي شهدتها عدن أخيرا لتنفيذ اغتيالات واستهداف رجال الأمن خصوصا من القيادات".
وطالب وزير الأوقاف والإرشاد اليمني القاضي أحمد عطية، وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التحرك السريع لإنقاذ علماء ودعاة عدن.
وقال الوزير في تصريح له نشره عبر صفحته على "فيسبوك": "كل يوم نصحو على جريمة اغتيال لإمام أو خطيب أو داعية، ولذا فإننا نناشد وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بالتحرك السريع لإنقاذ ما تبقى من الخطباء والعلماء"، واعتبر الوزير هذه الاغتيالات التي تطال العلماء والدعاة بأنها "جرائم بحق الدين والوطن والإنسانية، يُراد منها بقاء المجتمع مظلم من علمائه ودعاته".
وقتل 16 خطيبا وداعية وعالما من أبناء مدينة عدن في عمليات متفاوتة وهم في طريقهم إلى مساجدهم لإمامة الناس، أو إلى مقار أعمالهم لتدريس العلم الشرعي، والذي كان آخرها اغتيال خطيب جامع الثوار بالمعلا الشيخ شوقي كمادي حسب وزارة الأوقاف اليمنية.
وحذر وزير الداخلية اليمني أحمد المسيري إدارة أمن عدن التي يقودها شلال شائع، في حالة لم يتم التعامل بجدية مع حوادث الاغتيالات من قبل الأمن، سيتم توجيه الاتهام للأمن بالضلوع وراء عمليات الاغتيال وفتح التحقيقات، وأكد وزير الداخلية أن مزاولة العمل بكل جدية هو ما سيجلي الغبار عن الشمس المُشرقة في وضح النهار.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية إنه يجري الإعداد لتشكيل "قوة جنوبية خاصة بالتصفية الجسدية وكذلك بالرصد والمتابعة لبعض قيادات ورموز جنوبية"، وقال القيادي في المقاومة غسان السعدي في تدوينة له على موقع "فيسبوك"، إن جهة ما تعد لتشكيل تلك القوة المتخصصة بالاغتيالات، و"أتحمل العواقب والمسؤولية القانونية الكاملة أمام الشعب لثقتي الكاملة بمصدر تلك المعلومات"، وأضاف "أرسل رسالتي هذه إلى قيادات تلك القوة الموكل إليها عمليات الرصد والتصفية، بحرمة سفك الدم الجنوبي. وحرمة إذكاء الفتنة، وحرمة جر الوطن إلى مربع سيصعب علينا إغلاق ذلك الباب"، وأشار إلى أن تفاصيل إنشاء تلك القوة مع أسماء من يقومون عليها، "قد تسربت لي عبر صديق غيور على وطنه"، وهدد السعدي بكشف الأسماء إن استمرت الاغتيالات، وأنه يمتنع عن نشرها الآن لأنه يعلم أنه لن يتم التحقيق معهم أو محاكمتهم في ظل الوضع التي تمر به البلاد.
وقال الكاتب الصحافي اليمن ماهر محسن إن الهدف من الاغتيالات هو خلق تبادل للاتهامات بين الأطراف اليمنية المتنازعة في العاصمة المؤقتة لعودة التوتر والاحتقان المسلح فيها، وأضاف أن المستفيد الوحيد من عمليات الاغتيالات التي تشهدها المدينة في اليمن هو الحوثيون.
يذكر أن قوات الحزام الأمني الموالي للإمارات هددت في وقت سابق بتصفيات قيادات في حزب الإصلاح اليمني بسبب آرائها المناهضة لسياسة الإمارات في الجنوب اليمني.