صنعاء - خالد عبدالواحد
في كل دول العالم، يذهب الأطفال إلى المدارس والحدائق، ويعيشون واقعًا طفوليًا جميلًا، يملئه التفاؤل بالحياة، والأمل بالمستقبل، ولكن ليس كذلك في اليمن، التي مزّقتها النزاعات الطائفية، وحرب الوكالات منذ أربع سنوات، فالأطفال هنا لا مستقبل لهم إلا في جبهات القتال، أو التشرد، والعمل في الأشغال الشاقة التي لا يستحملها الرجال الأقوياء.
آلاف الأطفال دفعت بهم جماعة الحوثيين الانقلابية، في اليمن، إلى جبهات القتال، ضد القوات الحكومية، في مختلف الجبهات، فالجماعة الشيعية، التي تحمل شعار الموت، لا ترى مستقبلا للأطفال، إلا في الجبهات لحماية مشروعها الطائفي، والدفاع عن سلالتها المقدسة.
لاشيء مدني تحمله الجماعة التي خرجت من كهف مران بمحافظة صعدة أقصى شمال البلاد، سوى ثقافة القتل، وشعار الموت، ومخلفات الاستبداد الأمامي، وتقديس الأشخاص، والأنساب، ونهب الأموال وسلب الحقوق والقضاء على كل شيء جميل في البلاد.
تحذيرات أممية من تجنيد الأطفال
ورغم التحذيرات الأممية، من مخاطر تجنيد الأطفال وتحريم الدفع بهم إلى المحارق، إلا أن الجماعة، تجنّد العشرات وبشكل يومي، من مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت شعار الدفاع عن الوطن، والقضاء على الاحتلال الأميركي، والإسرائيلي، وتحرير فلسطين، وغيرها من المسوغات التي تسوق لها جماعة الحوثي لمشروعها الإيراني، للدفع بأطفال اليمن، إلى جبهات القتال.
وقالت الوزيرة اليمنية، للشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، إن الحوثيين قاموا "بتجنيد ما يزيد عن 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم و2500 طفل منذ بداية العام الحالي 2018"، وأضافت "أن استمرار مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل"، كما أكدت أن الانقلابيين تسببوا في دفع أكثر من مليوني طفل إلى سوق العمل، جرّاء ظروف الحرب.
وأشارت إلى أن جماعة الحوثيين الموالية لإيران "حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل، حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين". واتهمت الوزيرة اليمنية، الحوثيين "بقصف وتدمير ألفين و372 مدرسة جزئيا وكليا، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة أخرى كسجون وثكنات عسكرية".
تجنيد الأطفال خرق القانون الدولي
وأصدر مجلس الأمن الدولي، قرارا، الاثنين، يندد بشدة، استخدام الأطفال في النزاعات. وجاء في القرار "يدين مجلس الأمن بشدة كل الخروقات للقانون الدولي التي تتضمن قيام أطراف بتجنيد الأطفال واستخدامهم في نزاعات مسلحة"، ويشير القرار أيضا إلى التجاوزات بحق الأطفال مثل القتل والاغتصاب والخطف وقصف المدارس والمستشفيات.
السويد تطالب بإنقاذ الصغار
وقال رئيس الحكومة السويدية ستيفان لوففين الذي تترأس بلاده مجلس الأمن لشهر تموز/يوليو "لدينا أرقام مختلفة، إلا أن منظمة أنقذوا الأطفال تقول أن هناك نحو 357 مليون طفل يعانون من النزاعات"، وأضاف "قد نختلف حول مسألة العدد، إلا أن علينا أن نكون متفقين على القول بأن اي طفل يواجه نزاعا او حربا هو دليل فشلنا، وعلينا أن نعمل على تغيير هذا الأمر".
وطالب القرار "الدول ومنظمة الأمم المتحدة بإدخال حماية الطفولة في كل النشاطات البارزة لكيفية الوقاية من النزاعات ومن أوضاع ما بعد النزاعات"، فيما كان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أصدر تقريرا قبل فترة قصيرة حول استخدام الأطفال عام 2017 في النزاعات أعرب فيه عن القلق إزاء تزايد الانتهاكات.
وجاء في هذا التقرير أن "الأطفال لا يزالوا يعانوا من النزاعات المسلحة في العديد من الدول" مضيفا "عام 2017 حصلت زيادة كبيرة في الانتهاكات" لحقوق الأطفال مقارنة بالعام 2016، موضحا أنه "تم تسجيل ما لا يقل عن 6000 انتهاك تم التحقق منها قامت بها قوات حكومية، وأكثر من 15 ألف انتهاك مسؤولة عنه مجموعات مسلحة غير حكومية"، وعدّد غوتيريش في تقريره عددا من الدول التي تشهد نزاعات وانتهاكات كبيرة لحقوق الأطفال بينها بورما ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو واليمن.
التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، من جانبه، أوضح أن مليشيا الحوثي الانقلابية جنّدت 305 أطفال، في 14 محافظة يمنية خلال الفترة من 1 يناير وحتى 15 يونيو من العام الجاري 2018. وقالت المحامية والناشطة الحقوقية هدى الصراري "إن معظم الأطفال الذين جندتهم المليشيا الانقلابية في صفوفها طلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية وتتراوح أعمارهم بين ( 10 – 17) عاما واغلبهم من محافظات صنعاء وذمار وعمران وحجة"، وأضافت "أن المليشيا الانقلابية تقوم بتنظيم دورات من اجل إقناع الأطفال وأولياء أمورهم من اجل الذهاب إلى جبهات القتال كما يتم ترويج الإشاعات والأكاذيب لدى الأطفال بان اليمن محتلة من قبل الأميركان وإسرائيل ويجب علينا مقاومتهم وطردهم وهناك العديد من الأساليب تستخدمها هذه المليشيا للزج بالأطفال إلى جبهات القتال".
التجنيد في الحرب
وفي السياق ذاته، قال مدير مشروع تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن عبد الرحمن القباطي "إن المشروع أعد خطة متكاملة لإعادة تأهيل ألفي طفل من المجندين والمتأثرين بالحرب والممول من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية . وأوضح أن مؤسسة وثاق رصدت أكثر من أربعة ألف طفل جندتهم مليشيات الحوثي خلال الأعوام الثلاث الماضية في مختلف المحافظات.
وفي زمن حكم المليشيات إذا لم تقبل الأسرة بالدفع بأبنائها إلى جبهات القتال، تفرض الجماعة، على مشرفيها، في الأحياء السكنية، والحارات، باستقطاب الأطفال وخطفهم، والزج بهم إلى جبهات القتال.
واعتقلت جماعة الحوثيين العديد من عقال الحارات والمسؤولين الرافضين لعمليات التحشيد لجبهات القتال بمحافظة الحديدة، وتمارس أبشع أنواع القمع والإرهاب ضد اليمنيين ولا تترك لهم خيارا إلا الموت في الجبهات أو الموت فى سجونها، حيث ارتفعت وتيرة التجنيد الاجباري للأطفال، في صفوف الحوثيين، خلال الأيام الأخيرة، بعد مقتل وإصابة الآلاف من مسلحي الجماعة، في مختلف جبهات القتال، وبالذات في الساحل الغربي لليمن، وتسعى الجماعة لتغطية نقص المقاتلين في جبهات القتال بالأطفال، الذي لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات.
التحالف العربي الذي تقوده السعودي لدعم الشرعية، في اليمن، من جهته، أكد أن ما تقوم به مليشيا الحوثي من أعمال غير إنسانية من خلال تجنيد الأطفال واعتداءها على دور الأيتام في العاصمة صنعاء وتجنيد الأطفال في ساحات القتال بالقوة الاجبارية، يتعارض مع القانون الإنساني الدولي، ولفت ناطق التحالف العربي تركي المالكي إلى وجود تقارير بتعرض 200 طفل للقتل في ميدان المعركة بسبب تجنيد المليشيات الحوثية للأطفال الأيتام واستخدامهم كدروع بشرية، مبينًا أن أعداد الأطفال الذين سلموا أنفسهم إلى الجيش الوطني اليمني بلغ 70% تقريبًا .
وفي الجهة الأخرى أشاد الأمين العام للأمم المتحدة في بيان حول الأطفال والنزاعات المسلحة،بجهود الحكومة اليمنية والإجراءات التي اتخذتها لتحسين حماية الأطفال في العام المنصرم 2017، ورحّب في تقريره بالنقاشات الجارية بين الحكومة اليمنية ومكتب المبعوث الخاص للأمين العام بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة الهادفة إلى صياغة بروتوكول حول منع تجنيد الأطفال، مشيدًا بالتوجيهات الصادرة من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في مارس/آذار 2018، القاضية بمنع تجنيد الأطفال في قوام القوات المسلحة اليمنية واتخاذ الإجراءات القانونية ضد أية انتهاكات في هذا الإطار.
أبشع أنواع الجرائم
واعتبر الناشط الإنساني، رياض مصطفى، تجنيد الأطفال أبشع أنواع الجرائم، بحق الإنسانية" وقال لـ"العرب اليوم" : تجنيد الأطفال يعني غرس الموت، وحب سفك الدماء في قلوب الأطفال، وأضاف " أن الاثار السلبية، على تجنيد الأطفال في اليمن، سيستمر لعصور".
وأردف " الأطفال زينة الحياة، وثروة الأسرة، وأصبحت اليوم مجبرة على الدفع بهم إلى جبهات القتال، كما قال " جماعة الحوثيين تزين للأطفال جبهات القتال، وتستغل حماسهم وشجاعتهم، في العداوة للاحتلال الإسرائيلي، للدفع بهم إلى جبهات القتال للدفاع عن مشروعهم الطائفي، مشيرا إلى أنها اختطفت العشرات من الأطفال، وزجت بهم في جبهات القتال دون علم أسرهم.