عدن - حسام الخرباش
يتجه اليمن نحو حل سياسي قريب، يوقف الصراع المسلح في البلاد، وسيأخذ الحل السياسي ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر نقطة بداية له، حيث وصلت عدة وفود أممية مؤخراً إلى البلاد في زيارة فريدة ونادرة من نوعها لكنها تحمل في طياتها التحضير إلى مرحلة الحل السياسي وتبشر باقترابه.
وأعلن مجلس النواب اليمني في صنعاء والذي يحظى بغالبية موالية للرئيس اليمني السابق علي صالح عن مبادرة لوقف الحرب مراعاة للوضع الإنساني، وتؤكد على الحوار ووقف العمليات العسكرية وإشراف أممي على المنافذ البحرية والبرية والجوية في اليمن، وتتكون المبادرة من اربع نقاط ، تتصدرها دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع ما أسماه المجلس " الحصار" البري والبحري والجوي المفروض على اليمن.
وطالبت المبادرة الأمم المتحدة بوضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء، لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني ، وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية من صرف مرتبات موظفي الدولة، ووفقاً للمبادرة فأنه يجب على جميع الاطراف المعنية الدخول بحوار بناء وشامل بدون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام والإستقرار لليمن والمنطقة والوصول إلى شراكة وطنية وسياسية حقيقية والتصالح والتسامح.
وسلم رئيس البرلمان اليمني يحيى الراعي روسيا الاتحادية، نص وثيقة مبادرة مجلس النواب لحل الأزمة ووقف الحرب ،وناقش رئيس البرلمان، مع مستشار السفارة الروسية في صنعاء، الكسندر باليانين جوانب المبادرة وطالب الراعي من المستشار الروسي إشعار بلاده بضرورة دعم مبادرة البرلمان في والأمم المتحدة ومجلس الأمن لتحقيق حل سياسي يوقف الحرب.
وتبذل روسيا وإلى جانبها الصين جهوداً في سبيل إنجاح عملية تسوية سياسية ووقف الحرب باليمن بحل سياسي وتحظى روسيا والصين باحترام لدى طرفي الصراع اليمني، وصرح ابو بكر القريي وزير الخارجية اليمني السابق الأمين العام المساعد للمؤتمر وكبار مفاوضي حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس السابق علي صالح في المفاوضات السياسية، أن وفد صنعاء جاهز للمفاوضات في أي وقت حرصاً منه على تحقيق السلام وحقن الدم اليمني الغالي ومن أجل ذلك قدم المبادرات والتنازلات ومشاريع لحل الأزمة اليمنية.
وأكد القربي ان تحقيق السلام مرتبط بوقف التحالف للحرب وقناعتهم بأنه لا يوجد حل للأزمة اليمنية غير الحل السياسي والسلمي خاصة بعد أن أكد وفد صنعاء أكثر من مرة أن اليمن لن تكون مصدر تهديد لأمن أشقائها وأن أي اتفاقية للسلام ستراعي مبدأ حسن الجوار واحترام السيادة وأن التفاوض المباشر سيقود إلى حلول تحمي مصالح الجميع، وعن مبادرة المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد حول الحديدة ،أوضح القربي أن المبادرة لم تقدم بشكل رسمي ومكتوبة لتتمكن الأطراف من دراستها وطرح وجهة نظرها حولها وأنه لن يتم التعامل مع أي مشروع أو مبادرات إلاّ بعد تقديمها بشكل رسمي، وبشأن مبادرة البرلمان، لحل الأزمة، قال الدكتور القربي "إنها متوازنة وتمثل أرضية للتفاوض لتحقيق السلام العادل والدائم، داعياً الأمم المتحدة ومبعوثها وسفراء الدول الخمس الى التقاط هذه المبادرة، وإقناع التحالف بوقف الحرب والعودة إلى طاولة الحوار.
وخلال الأسبوع الجاري وصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إلى اليمن والتقى برئيس الوزراء اليمني احمد عبيد بن دغر لبحث الوضع الإنساني وعمليات تبادل الأسرى والإفراج ومناقشة ملف المحتجزين ، حيث ستلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر دور الوسيط بهذه الملفات ،كما قام رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير بزيارة إلى محافظة تعز اليمنية التي تشهد وضع إنساني بالغ الصعوبة بسبب الحرب التي اندلعت في معظم مناطقها ولاتزال مستمرة ،وينوي ماروير زيارة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين والاطلاع على الوضع الإنساني وبحث ملفات الأسرى والمحتجزينن واستقبل رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدرس غيبريسوس ، والمدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف أنتوني ليك والمدير التنفيذي لمنظمة الغذاء العالمي ديفيد بيسلي والوفد المرافق لهم الذين يزورون اليمن حالياً لتنظيم جهود المساعدات الإغاثية والإنسانية والصحية، وكانت من ابرز الملفات التي ناقشها اللقاء الوضع الإنساني والصحي وعملية صرف الرواتب المنقطعة منذ عشرة أشهر في عدد من المحافظات ،واتهم بن دغر الحوثيين بالتسبب بانقطاع الرواتب في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم لرفضهم توريد عائدات ميناء الحديدة وإيرادات المؤسسات الحكومية بمناطقهم للبنك المركزي بعدن ،وانتقل وفد الأمم المتحدة إلى صنعاء لإجراء محادثات مع الحوثيين وصالح في محاولة للدفع نحو القبول بحل سياسي برعاية الأمم المتحدة.
وفتحت القوات الموالية للحوثيين منفذًا بريًا شرقي مدينة تعز يصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والمناطق التي تسيطر عليها القوات الموالية للحكومة اليمنية ،وقد فتحت قوات الحوثيين المنفذ برعاية ووساطة اللجنة المجتمعية في تعز والتي تضم شخصيات من حزب صالح لم تتورط عسكريا بالحرب وتحظى باحترام لدى الطرفين ،وسيسمح لشحنات الأغاثة وشحنات البضائع والسيارات المدنية بدخول المدينة دون اي عراقيل، وفرضت قوات الحوثيين حصارًا على مدينة تعز وتمنع دخول المساعدات والبضائع وسط دعوات دولية لهم بفك الحصار لكنهم رفضوا كل الدعوات في السابق إلى حين استطاعت قوات الحكومة اليمنية اواخر العام الماضي من السيطرة على المنفذ الغربي لتعز الذي يربط المدينة بالريف الجنوبي لتعز الذي يمتلك طريق يصل إلى بالمحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الحكومة.
وظلت قوات الحوثي تمنع فتح المنافذ الخاضعة لسيطرتها وتصادر شحنات الاغاثة التي تحاول الدخول منها ولم يكن للمدنيين طريق للوصول من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين إلى داخل المدينة الا طريق واحد وعر وطويل عبر مديريتي خدير والمسراخ، لكنه يتعذر مرور الشاحنات عبره، نظرًا لوعورة الطريق، ويستغرق من أربع إلى خمس ساعات لمرور السيارات ولا يمكن المرور منه إلا بسيارات الدفع الرباعي، بينما الطريق الجديد الذي الذي فتحه الحوثيين يمكن لجميع السيارات المرور فيه وشاحنات النقل المتوسطة ويسمح بدخول الإغاثات والبضائع دون أية عراقيل ويستغرق الوصول منه إلى مدينة تعز نحو ساعة تقريبًا .
وكثف المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ من جهوده الدبلوماسية لتعزيز خطته حول الحديدة، وقدم إحاطة بالجامعة العربية الأسبوع الماضي، تضمنت النقاط الرئيسية لخطته حول تسليم ميناء الحديدة لطرف محايد ودفع رواتب الموظفين المنقطعة منذ عشرة أشهر، كما اجتمع ولد الشيخ مع وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، وبحثا الأزمة اليمنية،وناقش مع وزير الخارجية المصري سامح شكري الملف اليمني وسبل التوصل للحل السياسي الذي سيوقف الحرب،ولمح ولد الشيخ بأكثر من مناسبة بأن نجاح تسليم ميناء الحديدة لطرف محايد سيكون مفتاح الحل السياسي والتوصل لاتفاق كامل يوقف الحرب، وكان المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد أكد في إحاطة امام مجلس الأمن قبل أسابيع ،أن الصين دخلت بوساطة لاقناع الحوثيين وصالح بالقبول لاقناع الحوثيين بالقبول بمقترح خطته بتسليم ميناء الحديدة لطرف محايد وتهدف الخطة إلى تأمين وصول المواد الأساسية والتجارية عبر الميناء، ووضع برنامج عمل لجباية الضرائب والعائدات، واستعمالها لدفع الرواتب وتأمين الخدمات الأساسية، بدلا من تمويل الحرب،مشيراً أن اتصالات أجراها مع الحوثيين، الذين كانوا قد أعلنوا عدم التعاطي معه بشكل نهائي، قبل "جهود بذلتها الصين"، ساهمت في عدولهم عن قرارهم.
وبذل المبعوث الأممي لليمن جهود لحشد الدعم للدفع نحو حل سياسي باليمن وتوجه إلى فرنسا حيث التقى مسؤولين في باريس ،عقب اجتماعات مكثفة، مع مسؤولين المان الذي بدورهم. قاموا بعقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين الذين يمثلون الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين وحزب صالح، في مايو/أيار الفائت، في إطار مساعيهم للتوصل إلى حل سلمي وإيقاف الحرب في اليمن،كما أعلنت المانيا حينها استعدادها لاحتضان مشاورات يمنية، وكانت اخر مشاورات يمنية بين طرفي الصراع العسكري قد عقدت بالكويت،قد فشلت في اغسطس اب، من العام الماضي وكانت برعاية الأمم المتحدة وحاولت الكويت وإلى جانبها الأمم المتحدة الدفع نحو اتفاق ينهي الحرب لكن تعنت الاطراف اليمنية حكم على المشاورات حينها بالفشل.
وقال الناشط السياسي اليمني سليمان السقاف بأن اليمن يتجه نحو حل سياسي عناوينه واضحه وتفاصيله لا تزال غير واضحه كلياً حتى الان لكن مفتاحه الحديدة المطلة على البحر الأحمر، وتوقع السقاف بأن الصين وروسيا وعدد من الدول الذي لها اتصال مع الحوثيين وصالح قد اجرت اتصالاتها موخراً معهم وكونها تمتلك علاقات جيده مع التحالف ومعهم ايضاً يبدو انها استطاعت اقناع الحوثيين وصالح بمبادرة ولد الشيخ لكن صالح اندفع بشكل أكبر نحو الحل السياسي وتحرك نحو فك طريق أمن لتعز وإصدار بيان علني عبر مجلس النواب"البرلمان" يقبل تسليم المؤاني والمنافذ الجوية لطرف محايد باشراف أممي ويطالب بالتصالح والتسامح بينما يبدو واضحاً على الحوثيين انزعاجهم من حماس صالح واندفاعه نحو الحل السياسي وعدم تقبلهم تسليم ميناء الحديدة.
ولفت السقاف إلى أن تسليم ميناء الحديدة وبعده مدينة الحديدة سيمثل تحدي كبير ونجاحه يعني نجاح الحل السياسي وسيكون تسليم المحافظات الاخرى خطوه قادمة ويجب التنسيق والاتفاق على الجانب ألامني كون حدوث اي فراغات أمنية بالمحافظات التي سيتم تسليمها سيكون له اثار كارثية قد تعرقل الية سير الاتفاقات المستقبلية وبطبيعة الحال ستخدم التنظيمات المتطرفه وهذا مايخشاه المجتمع الدولي ويتطلب الية واضحة لتسليم المحافظات ودعم الأمن.
واعتبر السقاف فشل الحكومة اليمنية بتأمين المحافظات الخاصعة لسيطرتها وبناء جيش نظامي كامل وعجزها عن تفعيل كافة المؤسسات وتطبيع الأمن قدم صورة سلبية للمجتمع الدولي عن الحكومة وولد مخاوف خدمت الحوثيين وصالح بشكل كبير وقللت من ثقة المجتمع الدولي وحتى المحلي بالحكومة، وأوضح السقاف بأن المرحلة المقبلة تتطلب دعمًا كبيرًا لبناء الجيش والأمن على اسس عسكرية وأمنية ووطنية ليكون قادراً على مواجهة التحديات التي تحدق بمرحلة التحول السياسي وسد الفراغات.
ووفقاً للسقاف فقد انتظر التحالف العربي الإدارة الأميركية الجديدة ليعرف توجهاتها اتجاه الملف اليمني قبل أن يوافق على حل سياسي ويحصل على ضمانات واتضحت الصورة بالوقت الحالي وبكل الأحوال القوى العالمية لا تختلف باليمن وترى بأن الحل السياسي والشراكة الحل الأنسب في حين ترغب السعودية بضمانات لأمن حدودها وعدم حدوث هجمات إضافة إلى عدم محاولة الحوثيين الانقلاب مجدداً ،مشيراً بأن عدم قدرة قوات الحكومة على مدى 3 سنوات على حسم المعارك إضافة إلى الوضع الإنساني الكارثي فرض الحل السياسي والذي لا مفر منه، وحسب السقاف فإن البنك المركزي اليمني استنفذ احتياطاته ومرض الكوليرا انتشر بشكل كبير وقتل أكثر من 1800 حتى الأن والفقر والجوع في كل مكان وحجم الدمار تجاوز 100 مليار دولار كما تقول تقديرات البنك الدولي وهذا الوضع الكارثي يستدعي توحيد الجهود الداخلية ودعم الأشقاء لتخرج اليمن من هذا الوضع الخطير ويجب على القوى السياسية اليمنية التعلم من الأخطاء التي جعلت اليمن يصل لهذا الاقتتال والوضع الماساوي.
وأكد السقاف على أن حضور رئيس لجنة الصليب الأحمر بيتر ماورير إلى اليمن وحضور مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدرس غيبريسوس ، والمدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف أنتوني ليك والمدير التنفيذي لمنظمة الغذاء العالمي ديفيد بسيلي إلى اليمن واللقاءات التي يقومون بها مع الطرفين دليل على ان هذه الزيارات للتحضير للمرحلة المقبلة مرحلة الحل السياسي وسيكون للصليب الأحمر دور فاعل في الإفراج عن الأسرى والقادة المحتجزين والمدنيين الذين احتجزوا لاسباب سياسية بينما دور الأمم المتحدة إنساني وسياسي كونها ستكون الراعية للحل ، وتقول الأمم المتحدة إن الحرب باليمن تسببت بواحدة من "أكبر الأزمات الإنسانية" في العالم، مع ارتفاع اعداد السكان الذين يعانون من "ضائقة غذائية"، إلى نحو 19 مليونا، بينهم حوالى 7 ملايين شخص لا يعلمون من اين سيحصلون على وجبتهم التالية، وتشير تقارير الأمم المتحدة أن الحرب باليمن خلفت 3 ملايين نازح .