طرابلس ـ فاطمة السعداوي
اشتعلت جميع محاور القتال اليوم الخميس في مدينة سرت، بعد القصف المكثف الذي شهدته المدينة من قبل مسلحي تنظيم "داعش". وقال المصدر، إن قوات "البنيان المرصوص" حاولت إحراز التقدم في المحاور والسيطرة على كافة أرجاء المدينة. وأضاف أن جماعة تنظيم “داعش” قامت باستهداف تمركزات "البنيان المرصوص" بقذائف هاون.
وأعلن مستشفى مصراتة المركزي وصول قتيلين اليوم الخميس، من قوات "البنيان المرصوص" قضيا في الاشتباكات ضد تنظيم "داعش" في مدينة سرت. وأضاف مصدر طبي في المستشفى أنه استقبل 8 جرحى من ذات القوات وصلوا إلى قسم الحوادث والطوارئ، وإصاباتهم بسيطة، موضحة أن اثنين من الجرحى من الجفرة، وواحد من زليتن، وخمسة من مصراتة.
وقُتل اليوم الصحفي والمصور عبد القادر فسوط برصاص قناص من تنظيم "داعش" أثناء تغطيته للاشتباكات الدائرة في سرت الليبية مع قوات البنيان المرصوص. وعمل فسوك مراسلا لموقع "ليبيا الخبر" منذ ثلاثة أشهر في مدينة مصراتة شرق العاصمة طرابلس، إضافة لعمله مراسلا سابقا لعدة قنوات محلية ليبية.
وغطى فسوك صحفيا الحرب الدائرة في بنغازي بين قوات "عملية الكرامة" و"مجلس شورى ثوار بنغازي"، إضافة الى تغطيته الحرب الدائرة في سورية منذ خمس سنوات لصالح وكالات أنباء عالمية، منها وكالة رويترز.
وأكد آمر تحريات القوات الخاصة "الصاعقة" فضل الحاسي، الخميس، أن "سرايا الدفاع عن بنغازي" تقهقرت أمام تقدم قوات الجيش، من أربعة محاور بمعركة المقرون (75 كلم غرب بنغازي).
وقال الحاسي، إن "سرايا الدفاع" عن بنغازي تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، جراء قصف السلاح الجوي والمواجهات المسلحة مع القوات البرية، مؤكدًا العثور على 30 جثة لقتلاهم في بلدة المقرون فقط، وجثث أخرى عثر عليها في "خشم الكبش" قرب المقرون، كما غنم الجيش عربات وسيارات مسلحة.
وأوضح الحاسي أن سرية تحريات القوات الخاصة المقاتلة تقدمت من محور الساحل، إذ سيطرت على منطقة الرقطة، وقامت بالتفاف من الخلف، وتقدمت الكتيبة الثانية صاعقة سرية الاقتحام من جهة محطة وقود المقرون، وكتيبة الجويفي وشهداء سلوق والكتيبة 302 وقوات أخرى تابعة لإدريس بوالغليظة من جهة بوابة المقرون، كما تقدمت الكتيبة السلفية والكتيبة 133 من الخلف، وفرضت سيطرتها على بلدة المقرون.
وأضاف الحاسي أن قوات الجيش عثرت على 28 جثة تعود لجنود تابعين للجيش الليبي والوحدات المساندة ولمواطنيين مدنيين في بلدة المقرون، تمت تصفيتهم على أيدي "قوات سرايا الدفاع عن بنغازي"، فضلاً عن العثور على تسع جثث بينهم رجال كبار في السن في منطقة الرقطة.
ولا تزال قضية الوجود العسكري الفرنسي في ليبيا تتفاعل ، في ضوء مقتل 3 جنود فرنسيين بإسقاط طائرتهم فوق بنغازي، واعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالحادثة وبوجود قوات فرنسية في ليبيا تعمل في إطار جمع المعلومات الاستخباراتية.
ورغم أن الأوساط الفرنسية والأوروبية تلتزم الحذر التام حول حقيقة الانتشار الأمني أو العسكري الأوروبي والغربي في ليبيا وطبيعته، الا أنها تقر بلعب دور ضمن الحرب المعلنة من قبل الكثير من الأطراف، وبشكل رسمي ضد تنظيم "داعش" والمجموعات التي تدور في فلكه.
وكشف مصدر فرنسي لصحيفة "لوموند" أن الهدف من وراء الوجود في ليبيا هو معرفة ما يجري على الأرض، واحتواء "داعش" وحلفائه في بنغازي ودرنة. وأضاف أن الفرنسيين موجودون على الأرض منذ حوالي ستة أشهر ويراقبون ما يجري وقريبون من أرض المعركة لكن لا يشاركون في القتال.
وقالت الصحيفة نقلا عن المصدر ذاته أن الدعم الفرنسي للفريق خليفة حفتر يثير ظاهريًا الاستغراب لأنه يعارض المجلس الرئاسي الذي يدعمه الغرب، ولكن باريس مثلها مثل واشنطن أرسلت عناصر خاصة إلى ليبيا لمعرفة ما يجري على الأرض، وأن الولايات المتحدة أرسلت عملاء مخابرات فيما يعمل أفراد القوات الخاصة البريطانية في البلاد أيضًا.
ورأت الصحيفة أن حادث مصرع الفرنسيين الثلاثة يكشف النقاب عن التعاون بين حفتر والدول الغربية عسكريًا. وأشارت إلى أن الدعم الغربي للفريق حفتر يثير تحفظات أوساط أوروبية خاصة التي تردد أن الأمر قد يعيق العملية السياسية ويؤثر على تصويت البرلمان في طبرق.
وتقول "لوموند" إن المعضلة تتعلق باتفاق الصخيرات الذي يتضمن بندًا ينص صراحةً إلى إمكانية إزاحة حفتر، وهو البند الذي انتزعته الأمم المتحدة لإرضاء غرب ليبيا أي "فجر ليبيا" والجماعات التي تؤيدها والذين يقاتلون الفريق حفتر منذ العام 2014. وشددت "لوموند" على أن رفض حفتر مقابلة المبعوث الأممي كوبلر يعود للنجاحات التي حققها عسكريًا على الأرض، وطرده لجماعة مجلس شورى ثوار بنغازي الذين يحظون بدعم من مصراتة، وأن بعض الدبلوماسيين سجلوا تزايد الثغرات التي حققها حفتر ووصول المستشارين الفرنسيين.
وأكدت الصحيفة أن الفرنسيين ليسوا وحدهم الذين قاموا بنشر عناصرهم في ليبيا، وأن الولايات المتحدة أرسلت قوت خاصة إلى بنغازي وأن عناصر أخرى أميركية وبريطانية موجودة في مصراتة. ورأت أن الحضور الأجنبي في ليبيا يسهم في دحر "داعش"، ولكنه يتسبب في الوقت نفسه في حالة استقطاب بين فرقاء الأزمة الليبية، وتحديدًا تعميق الهوة بين مصراتة والفريق حفتر ووجود مخاطر باندلاع مواجهات عسكرية بين الطرفين.
واستبعد مصدر دبلوماسي أن تكشف السلطات الفرنسية أو غيرها عن معلومات محددة بشأن طبيعة انتشارها في ليبيا، ولكن رسالتها موجهة بالدرجة الأولى إلى الجماعات المتشددة وعدم السماح لها بعرقلة العملية السياسية في البلاد، والتي يحاول المبعوث الأممي مارتن كوبلر بلورتها عبر الحوار السياسي.
وأوضح المصدر أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة لم تتخلَّ عن رهانها بأن يلتحق القائد العام للجيش الفريق أول ركن خليفة بلقاسم حفتر بالعملية السياسية وهو موقف جرى إبلاغه للمعني نفسه.