موسكو - حسن عمارة
وقّعَت روسيـا في خطأ كبير فاضح عقب بث قناتها التلفزيونية الخاصة روسيـا اليوم Russia Today لقطات مصورة تؤكد إستخدامها لأسلحة حارقة في سورية، وهو الخطأ الذي حاولت القناة تداركه فيما بعد من خلال اعادة "المونتاج" التحرير للقطات.
وأنكر الكرملين في السابق حمل أي من طائراته لهذه القنابل المحرم إستخدامها طبقاً لمعاهدة دولية. وقامت المحطة الإخبارية باللغة الإنكليزية والممولة من قبل موسكو ببث لقطات لوزير الدفاع سيرغي شويغو خلال زيارته يوم السبت الماضي إلى قاعدة حميم Hmeymim الجوية التي تقع في محافظة اللاذقية Latakia السورية.
ويمكن رؤية أحد الطيارين المقاتلين بجوار الطائرة المحملة بالذخائر ومحددة بالأرقام. وخلص الخبراء من منظمة حقوق الإنسان "هيومان رايتس ووتش" Human Rights Watch و كذلك فريق إستخبارات الصراع ومقره في روسيـا إلى إظهار القناة التلفزيونية لأسلحة حارقة تحملها طائرة الهجوم الأرضي من طراز "سوخوي 34 " وخاصة قنابل RBK-500 ZAB-2.5SM
وأوضح الخبراء بأنهم يعتقدون إحتواء هذه الأسلحة على وقود من مسحوق المعادن الذي يعرف بإسم "ثيرميت" thermite ويشتعل أثناء السقوط، وهو ما يؤدي إلي وقوع هجمات توصف بالنارية. فهي أشد المواد الحارقة التي قام بصنعها الإنسان، وتتسبب في الإصابة بحروق مؤلمة بشكل لا يمكن تحمله، فضلاً عن إندلاع الحرائق التي يصعب إخمادها.
وتعرف معاهدة جنيف الأسلحة الحارقة بأنها " تلك المصممة في المقام الأول لإشعال النيران في الأشياء أو التسبب في الإصابة بحروق للأشخاص نتيجة التفاعل الكيميائي الناتج عند وصولها إلى الهدف. وتم الإبلاغ عن إستخدام الثيرمايت thermite في المناطق المأهولة بالمدنيين في مدينة حلب Aleppo شمالي سورية، مع قيام روسيـا بشن غاراتٍ جوية مكثفة دعماً للرئيس بشار الأسـد، تمهيداً لهجوم بري من أجل إستعادة المدينة التي يسيطر عليها المعارضون.
وبعد يومٍ من بث تلك اللقطات التلفزيونية على قناة "روسيـا اليوم"، تعرض أحد الأحياء السكنية في حيان Hayan للقصف الذي ظهر وكأنه على ما يبدو إنفجارًا لكرة من اللهب. حيث بدا الأمر وكأن السماء تمطر نيرانا حسب ما قال أحد النشطاء في مدينة حلب لصحيفة "التلغراف". فالقصف الذي جرى تصويره أضاء السماء كلها في تلك الليلة، فيما ظلت النيران مندلعة في الأبنية لعدة ساعات بعدها. وهناك عدد من لقطات الفيديو المصورة التي نشرت على الإنترنت من قبل النشطاء داخل سورية أظهرت هجمات مماثلة الشهر الماضي.
ويشكل إستخدام هذا النوع من القنابل الحارقة التي تسقطها الطائرات على السكان المدنيين إنتهاكاً لمعاهدة جنيف الموقعة عليها روسيـا. وتجاهلت الحكومة السورية لدعوات الإنضمام إلى البروتوكول واستخدمت أسلحة نارية في عدة مناسبات منذ عام 2012. وقامت قناة RT بحذف هذه الجزئية ومدتها خمس ثوانٍ في تقريرها الذي يظهر الأسلحة المحرم إستخدامها بعد نشر المحللين للنتائج التي توصلوا إليها.
وأكد المتحدث بإسم قناة "روسيـا اليوم" أنطون فورونتسيف على أن جزءًا معينا من الفيديو قد تم حذفه، ولكنه قال بأن ذلك يرجع إلى إظهار المخاطر الأمنية التي قد يتعرض لها الطيار الروسي المقاتل كنتيجة لذلك. مضيفاً بأنه لم يكن هناك أي نية لفرض رقابة على الفيديو، وقد أعادت وضع نسخة كاملة غير منقحة في وقت لاحق على الموقع الإلكتروني.
ومع ذلك وجهت غرفة تكنولوجيا المعلومات CIT إتهاماتٍ إلي روسيـا اليوم " بالتستر علي جرائم حرب ". وذكر إليوت هيغنز وهو مؤسس الموقع الإلكتروني بيلنغكات Bellingcat للتحقيق الصحفي الذي ساعد في التعرف علي الأسلحة بأن إستخدام الذخيرة الحارقة بهذه الطريقة " يمثل مشكلة كبيرة جداً لروسيـا ".
وأضاف خلال حديثه إلي صحيفة التلغراف بأنهم شاهدوا هذه الذخائر في الصراع الدائر علي الأراضي السورية منذ أواخر عام 2012، ولكن الجانب المثير للاهتمام هنا هو إستخدامها من قبل روسيـا علي ما يبدو. فيما قالت ماري ويرهام من قسم الأسلحة بمنظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch بأن الطريقة المثلي لتجنب الإضرار بالمدنيين تأتيمن خلال الإلتزام بالقانون الدولي وليسبإستخدام الأسلحة الحارقة في المناطق المأهولة بالمدنيين.