القاهرة - اليمن اليوم
يعد الجامع العمري بمركز قوص جنوبي قنا، أحد أكبر المساجد الأثرية الموجودة بالصعيد من حيث المساحة؛ حيث تبلغ مساحته 4000 متر مربع، ويحمل العديد من القيم التاريخية والأثرية والمعمارية والجمالية والدينية والاجتماعية.
يرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى عصر الدولة الفاطمية، ومما يزيد من قيمته التاريخية احتواؤه على أقدم منبر بالعالم الإسلامي، والذي يرجع تاريخه إلى عام 550 هجرية في عهد الصالح طلائع.
وقال الدكتور عصام حشمت محمد، أستاذ ترميم الآثار بجامعة جنوب الوادي، إن منبر المسجد العمري على جانب كبير من الأهمية إذ أنه يعتبر من أقدم منابر مصر المؤرخة، وهو مصنوع من الخشب الساج الهندي المحفور حفرا بارزا والمزخرف بالحشوات المجمعة التي بدأت تظهر في أواخر العصر الفاطمي في القرن السادس الهجري.
وأضاف في تصريحات لمصادر إعلامية مصرية: "قد سجل تاريخ المنبر على لوحة تذكارية فوق باب المنبر وهى مكتوبة بالخط الكوفي المزهر وتحتوى سبعة سطور نصها الأول: "بسم الله الرحمن الرحيم.. ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة أمر بعمل هذا المنبر المبارك الشريف مولانا وسيدنا الإمام الفائز بنصر الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المنتظرين على يد فتاه وخليله السيد الأجل الملك الصالح ناصر الأئمة كاشف الغمة أمير الجيوش سيف الإسلام غياث الأنام كافل قضاة المسلمين وهادى دعاة المؤمنين عضد الله به الدين وأمتع لطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلا كلمته في سنة خمسين وخمسمائة".
الباحث الفرنسى جان كلود جرسان، فى كتابه "قوص مركز إسلامى لصعيد مصر"، يذكر بالتفصيل كم اللوحات والكتابات التى يعج المسجد بها، بل إن متحف الفن الإسلامى يمتلك لوحة من الخشب من بقايا لوحتين كانتا بالمسجد مثبتة على جدران المحراب الجصى المملوكى وكانت مكتوبة بالخط الكوفى ومؤرخة بسنة 473 هـ، ونصها الآية الشريفة "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر".
وأوضح أن مدينة قوص كانت تضاهى كبريات مدن العالم بغداد والقاهرة وقرطبة ووظيفة المسجد فى وقت بنائـه كان جامعا ومسجدا، لذلك أطلق عليه أزهر الصعيد بل إن طلاب الأزهر لم يرحلوا من تحت أعمدته إلا بعد بناء المعاهد الدينية وانتشارها في محافظات الصعيد فى سبعينيـات القرن الماضي، مؤكدا أنه فى العصر الفاطمى تتداعى بناء الجامع العمرى فقام بتجديده أمير المؤمنين الفائز بنصر الله وأقام فيه منبرا وفى العصر المملوكى أُطلق عليه مسجد جامع قوص حيث كانت قوص فى ذلك العصر ملتقى التجار من الشرق العربى (من بلاد الحجاز وإفريقيا).
وتابع: كما يوجد به محراب يرجع تاريخه إلي العصر المملوكي ،كما يؤكد الدكتور عصام حشمت، مضيفاً أن هذا المحراب يحمل العديد من القيم الجمالية فقد زخرفت واجهته بزخارف جصية قوامها عناصر نباتية وهندسية بديعة التكوين تتشابه مع زخارف زاوية زين الدين يوسف بالقاهرة وكذا المحراب المملوكي في جامع عمرو بن العاص، كذلك به كرسي المصحف الذي يرجع تاريخ صناعته إلى أوائل القرن الثامن الهجري. وترجع تسمية هذا
ومن جانبه، قال عصام حشمت، أستاذ الترميم بجنوب الوادي، إن من الأجزاء الهامة بهذا المسجد كذلك القبة الموجودة في الركن الشمالي الشرقي للمسجد، وهى منفصلة عن المسجد وتقوم على أربعة عقود يعلوها في الأركان صفا من المقرنصات، أما من الخارج فالقبة مضلعة، ويتخلل هذه الأضلاع فتحات على شكل نجمة سداسية.
ولفت إلى أن هذه القبة أنشأها مقلد بن على بن نصر في العصر الأيوبي سنة 568هجرية كما جدد بعض أجزاء من المسجد ، الذي أثبت أعماله هذه في لوح رخامى ثبته في نهاية الجدار الشرقي، نصه (بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أمر بتجديد هذا الجامع المبارك العبد الفقير إلى رحمة الله مبارك بن كامل بن مقلد بن على بن نصر بن منقذ الناصرى الفخرى في شهور سنة ثمان وستين وخمسمائة).
وواصل أن الجامع يحتوي على لوح تذكارى آخر مثبت على باب الميضأة، ،أما الثالث فقد ثبت على المدخل الرئيسي للمسجد، ويعتبر مسجد قوص أكثر المساجد الأثرية احتواء على اللوحات التذكارية التي تثبت كل إضافة أو إصلاح أو ترميم حدث للمسجد، وبرغم القيم التي يحتوي عليها هذا المسجد إلا أن الإضافات والتجديدات التي أدخلت عليه أفقدته الكثير من معالمه الأصلية مما أثر على قيمته التاريخية.
وقـــــــــد يـهمك أيــــضًأ :
مُتحف الفن الإسلامي يعرض منتجات الورش التراثية في مترو القاهرة