بيروت ـ اليمن اليوم
ينطلق معرض رسم بعنوان "بين السماء والأرض" في سوق الصاغة وسط بيروت، وبالتحديد في غاليري "آراميه" للفنون .ويتضمن هذا المعرض، الذي يقام للسنة الحادية عشرة على التوالي، نحو 40 لوحة للروسي الأرمني الأصل آرام هاغوبيان، إضافة إلى أخرى من توقيع 20 فنانًا أرمنيًا آخر , وحمل هؤلاء الفنانون أعمالهم إلى لبنان لتكون بمثابة تحية فنية تعبق بجذورهم الأرمنية يتوجهون بها إلى لبنان وأهله، الذي يعد لكثيرين من مواطنيهم بلدهم الثاني.
أقرأ أيضا:أسعار اللوحات السورية تشهد تراجُعًا في المزادات العالمية بسبب الحرب
وبين لوحات زيتية صممت بألوان زاهية يخيم عليها مشاهد من طبيعة أرمينيا الجبلية لآرام هاغوبيان، وأخرى تروي في طياتها قصص حب وفلسفة حياة وذكريات طفولية، وما إلى هنالك من مواضيع خزنها الرسامون الباقون من بلدهم الأم، نتعرف إلى فنانين أرمن معاصرين، أمثال دارون موراديان، وتيغران ماتوليان، وآرمن جيفورجيان، ومارات مارغاريان، وغيرهم , ومنذ اللحظة الأولى لدخولك هذا المعرض تتلمس في لوحاته تقنية حديثة وفسيفساء من الألوان ورموزًا إنسانية تستمتع بفكّ أسرارها طيلة جولتك فيه.
ويعد الفنان آرام هاغوبيان الذي يخصص له في المعرض المساحة الأكبر لأعماله، أحد أبرز الفنانين الأرمن المعاصرين، والمعروف بريشته التي تنثر الطاقة الإيجابية على مشاهدها , فهو، ومن خلال لوحاته التجريدية حينًا والمشبعة برسوم هندسية حينًا آخر، ينقل إلينا أحلامه المزنرة بالهدوء والطمأنينة وراحة البال , " أحاول دائمًا الركون إلى الطبيعة والألوان الزاهية؛ لأن الإنسان في حاجة دائمة إلى الانزواء في أحضانها، فيجد الراحة النفسية والجسدية ويكتشف ذاته ".
يقول آرام في حديث لمصادر إعلامية , وعما إذا يمكننا أن نخبئ أحزاننا وراء الألوان كما في ريشة لوحاته، يرد " أرواحنا مليئة بالفرح، وعندما تطغى الأفكار السوداء على الإنسان فهناك دائمًا مفتاح أمل علينا إيجاده للخروج إلى عالم البهجة , والألوان في لوحاتي هي بمثابة طاقة إيجابية كنور الشمس تنعكس راحة على مشاهدها" .
"زهور للفائزين" ، و"صباح مشرق"، و"الجنة على الأرض"، و"العودة إلى الوطن"، وغيرها، تشكل بعض عناوين لوحات آرام هاغوبيان , وهي تتميز بعناصرها المطبوعة بتلال وجبال وأشجار أرمينيا وبيوتها الصغيرة ونسائها الأنيقات , فتؤلف مجتمعة نزهة مشبعة بالسلام والحب الذي يتمسك الفنان الأرمني بتجسيدها في أعماله.
وفي الطابق الثاني من المعرض تطالعك لوحات موزعة على جدرانه كافة لـ20 فنانًا أرمنيًا تغب من كل منها دروسًا في الحياة والإنسانية والطاقة , " إنهم في غالبيتهم يندرجون على لائحة الفنانين التشكيليين العالميين الذين تحضر أعمالهم في أهم المتاحف في العالم وفي سفارات أرمينيا ووزاراتها ".
وتقول المشرفة على المعرض سيلفي بوشاكجيان، إن لوحات بعضهم تدرس في الجامعات الأرمنية , فآرمن غيفورجيان الذي يعلم رؤوس شخصياته بالشكل البيضاوي، ويرسمها بتقنية ثلاثية الأبعاد يرغب في الإشارة من خلالها إلى الخصوبة بكل أنواعها. كما تتألف لوحاته دائماً من شريكين يتواجهان بشكل أو بآخر، وبغض النظر عما إذا كانا يمثلان الخير والشر، فنراهما من ضمن مجموعة أو من خلال شرائح مجتمع.
ويزين سامبيل ساباتيليان، الذي عاش فترة من حياته في أميركا لوحاته بنصوص أدبية معبرة، فتكمل معنى أعماله الزيتية والمتمثلة في صور نساء عاشقات رسمها على خلفية سوداء تطبع مجمل أعماله , أما غابو الذي تقاعد اليوم عن مهنة الرسم وبات بالكاد يمسك بريشته مرة في السنة، فينقلنا إلى عالم الطفولة من خلال شخصيات خيالية ملونة بالأصفر والأحمر، هو الذي يردد دائماً بأن هناك طفلاً صغيراً يعيش في داخله.
تتواجد معظم الأعمال الموجودة في معرض «بين السماء والأرض» في المتحف الأرمني الوطني أيضًا، ومن أصل نحو 2000 فنان معاصر انتقت غاليري "آراميه" (لها فروع أخرى في أرمينيا وأبوظبي، وغيرهما) نحو 26 بينهم ليطلوا في هذا الحدث الثقافي.
يقدم تيغران ماتوليان، في لوحاته المرأة من وجهة نظره وخياله الواسع , فهي منمنمة ترتدي أزياء ملونة وتعبث الزينة بشعرها، التي تدل على تأثره ببلاد الهند التي عاش فيها لفترة , ونكتشف مع دارون موراديان أهمية الخلفية القماشية التي يشتغل عليها فهو يستغرق وقتًا طويلًا لتحضير «الكانفاس» أكثر من الرسمة بحد ذاتها , ومع روبن أبوفيان، الذي يصور شخصيات متشابهة في نظرنا ومختلفة من وجهة نظره، تطل علينا صور مجازية من عالم الطفولة والعائلة الواحدة والموسيقى وغيرها لتبدو وكأنها ستخرج من اللوحة لتلقي التحية عليك.
تعلق سيلفي بوشاكجيان في سياق حديثها " غالبية الشعب الأرمني يتمتع بموهبة موسيقية؛ ولذلك نلحظ آلة البيانو والبوق وغيرهما متواجدة في رسومهم" .
ومع مارات مارغاريان تغوص في عالم طبيعة الجنة التي يحددها بإطار ألوان تدريجية تنعكس على مشاهدها رونقاً وجمالاً فتشدك من النظرة الأولى , ومع ألوان قرقمازية تميل إلى الزهرية، وأخرى تصور أطفالًا يقطفون الورد في حديقة غناء، وثالثة تصور مغيب الشمس ونساءً ترق العجين وتخبزه، يدخلك في عالمه المرتكز على تقنية دقيقة في الرسم يعرف بها.
قد يهمك أيضًا:لوحات فنية مُفعّمة بالحيوية في ورشة "أبواب السعادة" في الشارقة