مكتبة الإسكندرية

التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخميس، مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، بحضور عدد من أعضائه من الشخصيات الدولية البارزة، بينهم الرؤساء السابقون لكلّ من بنين ورومانيا وألبانيا وفنلندا وصربيا، ورئيس وزراء البوسنة والهرسك السابق، فضلا عن عدد من الوزراء والشخصيات البارزة وكبار العلماء والمفكرين المصريين والأجانب.

وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسي ألقى كلمة في بداية الاجتماع رحّب خلالها باللقاء السنوي مع أعضاء مجلس أمناء المكتبة، مشيرا إلى ما تمثله المكتبة من نموذج لمؤسسة العلم والثقافة، وترسيخ قيمة المعرفة في وقت يواجه فيه العالم تحديات جسيمة، وتعاني المنطقة العربية من مشكلات حادة.

وأضاف الرئيس السيسي أن ما يواجهه العالم من تحديات يأتي في مقدمتها التطرف الذي يريد أن يهدم أسس المدنية والحضارة، وأن مصر تحارب تلك الظاهرة دفاعا عن وطن يتسم بالتسامح والتعددية وعن المنطقة العربية والعالم بأسره، مؤكدا أن مواجهة صناعة التطرف فكريا تعد ضرورية لتحصين الشباب من الاتجاهات الفكرية والنفسية التي تدفع نحو السير على طريق الموت والإرهاب، مؤكدا في هذا الإطار أهمية الدور الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية لمواجهة التطرف، بهدف تكوين وعي إنساني، يتسم بروح التنوير، ورجاحة الفكر، وإنسانية النظرة. ونوه الرئيس السيسي إلى العمل الجاري لإنشاء مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، وكذلك المركز الحضاري الذي يضم مجمعا للأديان، بما يعكس الروح الجديدة التي تسود مصر.

وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي أشاد بجهود مكتبة الإسكندرية لنشر الثقافة والحفاظ على التراث في مجالات عديدة، منها مشروع ذاكرة العرب، الذي يقوم على توثيق التراث باعتباره مكوناً أساسياً للهوية والذاكرة الوطنية لدول الأمة العربية، فضلاً عن الحملة التي نظمتها لجمع الكتب لمكتبة" آشور" التابعة لجامعة الموصل في العراق، والتي كانت بمثابة رسالة توضح أهمية الثقافة والعلم والمعرفة في مواجهة التطرف والعدوان.

كما أعرب الرئيس السيسي عن دعمه ومساندته جهود مكتبة الإسكندرية الساعية إلى إنشاء متحف للأديان في قصر أثري بحلوان، يتناول تاريخ علاقة الإنسان بالديانات في الخبرة المصرية، التي تمتد في أعماق التاريخ، مؤكدا أن الأديان التي تجاورت وتعايشت في مصر تجسد روح مصر الحقيقية، حيث عاش المصريون في وئام مع تنوعهم الديني، مؤكدا أن حُسن إدراك المرء لدينه لا يكون إلا باحترام وتوقير الأديان الأخرى.

كما أشاد الرئيس السيسي بالتوسع المستمر في مشروع "سفارات المعرفة" الذي تنتقل من خلاله مكتبة الإسكندرية إلى كل جامعة شمالا وجنوبا، حتى بلغت الآن نحو عشرين سفارة في الجامعات المصرية، وهناك سعي لنقل هذه الخبرات إلى مزيد من الجامعات محلياً وإقليميا ودولياً.

وطالب الرئيس السيسي مكتبة الإسكندرية بتعزيز دورها في مجال الفضاء الرقمي، والاهتمام بالدراسات المستقبلية، وعقد مؤتمرات ترصد وتحلل المتغيرات العالمية في مجالات الفكر والثقافة والتكنولوجيا، مشيرا في هذا الإطار إلى المؤتمر العلمي الذي سينطلق من مكتبة الإسكندرية بمشاركة نحو ثلاثة آلاف عالم وباحث وشخصيات عامة من كل أنحاء العالم، لمناقشة موضوع أهداف التنمية المستدامة، وكيفية ترجمتها واقعياً في مختلف المجالات.

وأضاف السفير بسام راضي أنه تعقيبا على مداخلات السادة أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، أكد الرئيس أن التحدي الأهم الذي يواجه مصر هو تحدي تحقيق التنمية والتغلب على الفقر، مشيراً إلى أن الدولة تعمل على مسارات متوازية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ومنوها في هذا السياق إلى جهود تطوير المناطق العشوائية وغير الآمنة ونقل نحو 200 ألف أسرة لوحدات سكنية لائقة المستوى، بالإضافة إلى تشييد مليون وحدة جديدة خلال الأربع سنوات الماضية.

كما أشار الرئيس إلى الأولوية التي توليها الدولة حاليا لتطوير التعليم تطويرا حقيقيا يحقق نقلة نوعية في المستوى التعليمي والفكري الذي يحصل عليه الطلاب بما يمكنهم من مواجهة احتياجات الواقع الذي يتغير بسرعة شديدة ويتطلب مواكبته بشمل مستمر.

كما أوضح الرئيس السيسي أن مصر تجاوزت فترة عدم الاستقرار خلال السنوات التي تلت عام 2011 بفضل تفرد الشعب المصري ووعيه الحقيقي وإدراكه العميق لطبيعة التحديات التي واجهت مصر والمنطقة، مشيدا بالدور المهم والتاريخي الذي قامت به المرأة المصرية في هذا الصدد.

وأكد الرئيس كذلك حرص الدولة على تعميق وترسيخ قيم التعايش المشترك والتسامح عن طريق الممارسات الفعلية على أرض الواقع، وبخاصة في ما يتعلق بمبادئ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أساس ديني.

وطالب الرئيس أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية بمساندة مصر عن طريق تفهم واقعها الحقيقي بما يحيط به من تحديات وأولويات، ونقل الصورة الحقيقية للعالم، بحيث يتسنى التوصل لتفاهم مشترك يحقق النتائج المرجوة على صعيد التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.​