متحف عزبة غروكي لينينسكي في ضواحي موسكو

كانت الحشود الجماهيرية والطّوابير الطّويلة جداً أمام أي موقع يرتبط بمحطات من حياة فلاديمير إيليتش أوليانوف (لينين)، لوحة طبيعية في الحقبة السوفياتية؛ حيث كانت تلك المواقع وجهة رئيسية للمواطنين، ولرحلات المدارس وجولات طلاب الجامعات، ومحطة رئيسية على الأراضي السوفياتية، لا بدّ من أن يتوقّف عندها الضّيوف خلال زيارتهم البلاد، للاطلاع على نمط حياة «زعيم البروليتاريا العالمية»، قائد ثورة عام 1917 البلشفية، التي أطاحت بالحكم القيصري.

إلّا أنّ الوضع تغيّر جذريا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وبات مجمع منزل لينين في مدينة أوليانوف، على سبيل المثال، كما مواقع أخرى أمضى فيها مراحل من حياته، كلّها مثل «بيوت أشباح»، هجرها أهلها وضيوفها، لا شيء فيها سوى أثاث خلّفه التاريخ، وبقايا أوراق ولوحات وأدوات قرطاسية ومنزلية مبعثرة تغطيها الغبار، وهذا بعد أن كانت زيارة أي من تلك المواقع أمرا يحتاج فترة طويلة من الانتظار بسبب الازدحام وكثرة أعداد الزّوار. وفي فترة لاحقة مع انتشار «البيزنس» غير المنظّم في روسيا، جرى استغلال بعض تلك المواقع، لا سيما مجمّع منزل لينين، لإقامة حفلات ليلية تنتهك حرمة المكان وقدسيته التاريخية بالنسبة لملايين المواطنين في أرجاء الاتحاد السوفياتي السّابق. إلّا أن الوضع لم يبق طويلا على حاله، وساهمت ردّة فعل المجتمع على إهانة تلك المواقع في استعادة هيبتها ومكانتها والحفاظ عليها.

وفي هذه الأيام التي يحتفل فيها كثيرون في روسيا بالذكرى السنوية 149 على ميلاد «زعيم البروليتاريا» فلاديمير لينين، استعادت الأماكن التي أمضى فيها فترات مهمة من حياته ومسيرة نشاطه السياسي، والتي تصنف كلها «متاحف تاريخية» اهتمام الزّوار من المواطنين والسّياح الأجانب، وباتت قادرة على تمويل نفسها بنفسها، وتوفير الموارد الضّرورية للحفاظ على معروضاتها التاريخية. ومن تلك المواقع «متحف مجمع عزبة غروكي لينينسكي» بالقرب من موسكو، وهو عبارة عن مجمع من المباني التاريخية، أمضى فيه لينين عدة سنوات من حياته (1918 - 1924)، وتوفي هناك. لذلك أسّس متحف يحمل اسمه، وكان يستقبل سنويا أكثر من 700 ألف زائر.

أقرأ أيضًا:

باحثة كندية تؤكد شقيقتان لـ"توت عنخ آمون" تقاسمتا الحكم قبله

هذا العدد الكبير من الزوار في الحقبة السوفياتية يعود بالطبع إلى المكانة الخاصة التي شغلها لينين «عقائدياً» لدى المواطنين والدّولة على حد سواء. وخلال العامين الماضيين يُلاحظ تزايد أعداد السّياح الذين يزورون مجمع «غوركي لينينسكي»، ويولون فيها اهتماماً خاصاً لمتحف لينين، حسب تأكيد مدير المجمع، الذي قال إن أعداد الزّوار زادت خلال العامين الماضيين عن 200 ألف زائر سنويا. ولفت إلى أنّ غالبيتهم العظمى من جيل الشّباب، وليس من ذلك الجيل الذي عاصر الحقبة السوفياتية. وأشار إلى اهتمام لافت من جانب السّياح الأجانب الذين زاد عددهم سنويا عن 15 ألف زائر، من دول مثل الصّين، وفرنسا وبريطانيا وألمانيا. وأكّد أنّهم جميعاً يُظهرون اهتماماً خاصاً بمعروضات متحف لينين، والتعرف على محطات من مسيرة حياته. لذلك جرى توسيع مساحات المتحف وملحقاته لتصبح أكبر مما كانت عليه في الحقبة السوفياتية.

وبفضل هذا التوسع بات بوسع الزوار دخول حمام «الزعيم لينين»، ومشاهدة قطع أثاث لم تُعرض على نحوٍ واسع من قبل، مثل كنبة خاصة في صالة الاستقبال، ينتظر الضيوف عليها إلى أن يستقبلهم لينين، ومنهم ستالين، الذي يُقال إنه كان يجلس أحيانا ساعات طويلة إلى أن ينهي لينين عمله، ويدعوه للدخول، لذلك تُعرف الكنبة باسم «كنبة ستالين».

ولا يختلف الأمر بالنسبة لمواقع أخرى ارتبط اسمها بمحطات هامة من حياة لينين، مثل «متحف لينين» الذي يخلّد ذكراه في مسقط رأسه، بمدينة أولينوفسك، التي كان اسمها «سيمبيرسك»، وفي عام 1924 تخليدا لذكرى لينين، حملت اسم «أولينوفسك»، نسبة لـ«أوليانوف»، اسم عائلة لينين. وفضلا عن «متحف منزل عائلة أوليانوف»، و«متحف منزل لينين»، يضمّ المجمع قاعات للموسيقى الكلاسيكية، وصالة عرض. وكان يصل عدد زوار المتحف إلى مليون زائر سنوياً في الحقبة السوفياتية. وخلال عامي 2017 - 2018 زاد عدد الزوار عن مليون و100 ألف زائر، وفق ما أكدت إدارة المتحف.

قد يهمك ايضَا:

"الآثار" المصرية تبدأ تطوير منطقة معبد دندرة لتحويلها إلى متحف مفتوح

مصر تكثف ضغوطها على متحف اسكتلندا لاستعادة حجر من الهرم الأكب