واشنطن ـ اليمن اليوم
يشير تقرير لمجموعة خبراء الأسواق الصيدلية الدولية في برلين إلى أن عام 2018 سيشهد جوًا حارًا في تجارة الأدوية سرعان ما سيتحول إلى حرب ضروس بين الشركات المنتجة للعقاقير الطبية على نحو لم يشهده العالم من قبل. فالعديد من هذه الشركات أنهت استعداداتها لشراء عدد كبير من براءات الاختراع التابعة لعدد من شركات البيولوجيا الحيوية الناشئة. ويصف المراقبون ما يجري اليوم من استعدادات بالإجراءات غير العادية. فهي ترمي إلى شراء شركات بيوتكنولوجية معينة من جهة وتسعى في نفس الوقت إلى الاندماج التجاري الاستراتيجي من جهة أخرى.
ويقف مرة أخرى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وراء حرب التبضّع والمناورات الاندماجية في الأسواق الصيدلانية بفضل إصلاحاته الضريبية الأخيرة. فالشركات الصيدلية الكبرى مثل «بيغ فارما» هناك ستتمكن من ادخار مليارات الدولارات عن طريق آلية تخفيض الضرائب عنها، لشراء أكبر قدر ممكن من براءات اختراع الأدوية الجديدة المتطورة والذكية.
يقول سيباستيان بروير، الخبير الألماني في قطاع إنتاج العقاقير، إن عمليات الشراء والاندماج في الأسواق الصيدلانية الدولية يصل إجماليها هذا العام إلى أكثر من 418 مليار دولار، أي ضعف القيمة الكلية لعمليات مثيلة نفّذت في العام الفائت.
ويضيف أن إجمالي هذه العمليات في شهر يناير (كانون الثاني) الفائت وحده وصل إلى 30 مليار دولار، وهذا وضع لم تشهده تجارة الأدوية منذ عام 2007، ويلفت هذا الخبير الانتباه إلى أن شركتي «سانوفي» الفرنسية ومجموعة «سلجيني» البيولوجية الأميركية قادتا عمليات شراء بأكثر من 20 مليار دولار خلال الشهر الأول من هذا العام.
ويعزو الخبير بروير ما يصفه الجميع بأنه «حمى» الصفقات الشرائية في الأسواق الصيدلية الدولية إلى سبب معروف عالميًا وهو اقتراب براءات الاختراعات القديمة والمربحة من انتهاء فترة صلاحيتها. وبما أن الأدوية «الجينيريك»، أي تلك المشابهة للأدوية الأصلية لحد كبير التي تهيمن الصين على أسواقها الدولية، هي اليوم السبيل الوحيد لجني الأرباح، تتحرك الشركات الأميركية والأوروبية لشراء أي شركة تمتلك براءة اختراع دواء جديد مهما كان الثمن.
وفيما يتعلق بشركة «سانوفي» فان دواءها «لانتوس» لعلاج مرض السكري أوشكت براءة اختراعه على الانتهاء، وهو اليوم ضحية منافسة شرسة من أدوية البدائل الحيوية المسماة «بيوسيميلر»، أما مجموعة «سلجيني» فتعاني من نفس المأزق مع دوائها «ريفليميد» المضاد للسرطان الذي سيرى النور اعتبارًا من عام 2022، أي لدى انتهاء صلاحية براءة اختراعه، منافسة «جهنمية» من أدوية الجينيريك.
ويقول أليكساندر مولباخ عن مستوى القوة الشرائية للمستثمرين في القطاع الصيدلاني إنها ستتفاوت بين أميركا وأوروبا. ففي الولايات المتحدة يعرض المستثمرون هناك بفضل الإصلاحات الضريبية الأخيرة مكافأة لغاية 80 في المائة تُضاف إلى القيمة البيعية للشركة الصيدلانية أو البيوتكنولوجية المصنّعة لدواء جديد. في العام الفائت كانت هذه المكافأة لا تتخطى 40 في المائة. على الصعيد الأوروبي ولا سيما الألماني تصل هذه المكافأة إلى 65 في المائة.
بيد أن كل شيء يعوّل على السياسة الضريبية الألمانية هذا العام، التي تنتظر بدورها إصلاحات من شأنها تقديم حوافز جديدة للشركات المحلية، مثل شركة «باير»، للقيام بعمليات شراء دولية اعتمادًا على احتياجاتها الحالية.
ويتوقع الخبير مولباخ أن لا يكون الاندماج المدوّي والأبرز هذا العام في ألمانيا، بل بالتحديد مع شركة «فايزر» الأميركية التي تنوي شراء «بريستول - مايرز سكويب» مقابل 80 مليار دولار. ولا يخفي هذا الخبير ما تعانيه شركة «فايزر» الأميركية من مشاكل مالية متعددة. ففي عام 2007 وصلت مبيعات دوائها «ليبيتور» للقلب والأوعية الدموية إلى 13 مليار دولار أميركي بيد أنها هوت اليوم إلى 1.4 مليار. أما دواء الفياغرا الذي رسا إجمالي مبيعاته على 7 مليارات في عام 2014 فهو لا ينجح اليوم في جني أكثر من مليار دولار سنويًا. لذا فإن شراء «بريستول - مايرز سكويب» سيكون منقذًا لها من دون شك. وبهذا ستتربع «فايزر» على عرش أكبر شركة أدوية في العالم، مطيحة بالتالي بشركة «روس» السويسرية من المركز الأول عالميًا.