واشنطن - اليمن اليوم
أوصى صندوق النقد الدولي، دول الشرق الأوسط، بالعمل على إجراء إصلاحات عاجلة لفاتورة الأجور في القطاع العام، مع فشل محاولات احتواء معدلات البطالة من خلال خلق فرص عمل بالقطاع العام المتخم بالأساس. وفي تقرير حديث للصندوق تحت عنوان "فاتورة أجور القطاع العام في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى"، قال الصندوق إن دول الشرق الأوسط، بالإضافة إلى باكستان وأفغانستان، تنفق نحو 6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على أجور القطاع العام، رغم عدم وجود دليل دامغ يثبت قدرة القطاع العام على رفع معدلات التوظيف وخفض معدلات البطالة في تلك البلدان.
ووجد التقرير أن ارتفاع حجم القوى العاملة بالقطاع العام يترجم بالمقابل إلى خلق فرص وظيفية أقل بالقطاع الخاص. وأضاف التقرير أن دولاً على غرار مصر وأرمينيا والأردن وتونس يوجد بها معدلات بطالة مرتفعة، على الرغم من وجود قوة عاملة كبيرة بالقطاع العام في تلك البلدان، فيما تنخفض معدلات البطالة في بلدان أخرى على غرار البحرين وأفغانستان في وقت تتراجع به الوظائف المتاحة بالقطاع العام.
وفي تقريره أوضح الصندوق أن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تواجه تحديات جسيمة على مستوى التنمية الاقتصادية. فالمنطقة تسعى جاهدة لدعم النمو الاحتوائي، وتخفيض معدلات البطالة بين الشباب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه تعاني بلدان عديدة في المنطقة من الصراعات الداخلية، وتدفقات اللاجئين الكبيرة، وتصاعد المخاطر الأمنية. وفي ظل مستويات الدين المرتفعة وتراجع أسعار النفط وتحويلات المغتربين لفترة مطولة، تفتقر بلدان كثيرة بصورة متزايدة للإمكانات المالية العامة التي تتيح لها معالجة هذه التحديات بفعالية.
وأشار إلى أنه يتعين على بلدان المنطقة إيجاد السبل لتمويل السياسات التي تعالج هذه التحديات. وينبغي أن تشمل هذه الجهود اتخاذ إجراءات مكثفة لتعبئة الإيرادات على نحو يتسم بالعدالة والتكافؤ. ويتعين كذلك إجراء إصلاحات الإنفاق الداعمة للنمو، مثلما تم تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة في العديد من البلدان بغية توليد الموارد اللازمة للنفقات الداعمة للفقراء.
وأفاد التقرير بأن هناك خياراً إضافياً يتمثل في إصلاح أوضاع فواتير أجور القطاع العام الضخمة، وهو ما تركز عليه الدراسة. فهناك بلدان كثيرة في المنطقة فواتير أجور القطاع العام فيها كبيرة، نسبة إلى إيراداتها ونفقاتها الذاتية، وكذلك بالمقارنة مع نظرائها على المستوى العالمي. وقد يكون ذلك راجعاً لمستويات التوظيف العالية في القطاع العام، أو للمكافآت الضخمة غير العادية، أو في بعض الأحيان لكلا الأمرين.
ورغم حجم فواتير أجور القطاع العام الكبيرة غير المتناسب فقد عجزت هذه الفواتير الكبيرة عن زيادة وتحسين جودة الخدمات العامة الضرورية لمعالجة تحديات التنمية الاقتصادية المذكورة سابقاً. وفي الوقت ذاته، تتعرض أسواق العمل للتشوهات في البلدان التي تتجاوز تعويضات موظفي القطاع العام فيها تعويضات القطاع الخاص بشكل فادح.
وبحسب الصندوق، فإنه يمكن لإصلاحات فاتورة أجور القطاع العام أن تدعم جهود البلدان لتنمية قطاعاتها الخاصة وخلق الوظائف، فهي في نهاية المطاف مصدر التوظيف الأقدر على الاستمرار لاستيعاب ملايين الخريجين الجدد الداخلين إلى أسواق العمل. فمن شأن إصلاحات فاتورة الأجور تعزيز القطاع الخاص بتمكين زيادة الاستثمار في البنية التحتية والحماية الاجتماعية، وإزالة التشوهات من سوق العمل. ورغم أن إجراءات تجميد أو تخفيض التعيين والأجور قد تكون مفيدة في الأجل القصير، فإنها قد تؤثر على تقديم الخدمات العامة، ويتعذر استمرارها، كما أنها ليست بديلاً للإصلاحات الهيكلية لسياسات التوظيف والتعويضات.
وتقترح الدراسة بعض الخيارات لهذه الإصلاحات، مثل تحسين إدارة فواتير أجور القطاع العام، بالإضافة إلى رفع درجة حوكمتها وزيادة شفافيتها. واستناداً إلى تحليلات السياسات التي أجراها صندوق النقد سابقاً على المستوى الدولي والبيانات الإقليمية الجديدة، فإن الدراسة تدعو إلى أربع نقاط أساسية، أولها ضمان استقرار واستمرارية أوضاع المالية العامة، وإرساء ركائز النمو، بالتزامن مع تحسين أوضاع القطاع العام وفواتير الأجور فيه عبر تحديد النقاط والقوى المحركة لها، والعمل على معالجة مشكلاتها.
والأمر الثاني هو تركيز سياسات التعويضات والتوظيف على توفير الخدمات العامة عالية الجودة على نحو يتسم بالفعالية والتكافؤ، عن طريق الاضطلاع بمراجعة النفقات القطاعية وتعزيز آليات تقديم الخدمات العامة. وثالثاً، تعزيز المؤسسات والبيانات، بما في ذلك إدارة الموارد البشرية والسيطرة على العلاوات والبدلات، وربط التعويضات بالأداء.
وكانت النقطة الرابعة في نصائح الصندوق هي تحديد تسلسل الإصلاحات وبناء سبل تضافرها مع السياسات الأخرى.ولضمان سلاسة التحول، ينبغي أن تتضمن إصلاحات فواتير الأجور تحليلات مبكرة للتأثير الاجتماعي، وأن تقترن بإجراءات لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتنويع الاقتصاد، وتقوية نظم الحوكمة، وتحسين بيئة الأعمال، وخلق فرص العمل.