موسكو ـ اليمن اليوم
كشف البنك المركزي الروسي في تقرير أن دخل القطاع المصرفي في البلاد تراجع خلال العام الماضي، لكنه تمكن مع ذلك من الانتقال إلى مرحلة «الوقوف على أبواب مسار النمو.
وصدر التقرير في وقت استمر فيه الجدل حول السياسة التي اعتمدها «المركزي» خلال السنوات الماضية لـ«تطهير القطاع المصرفي»، التي أدت إلى زيادة حصة المؤسسات المالية الحكومية في البنوك الخاصة، وصولًا إلى «الحصة المتحكمة.
وحذرت «الوكالة الفيدرالية لمكافحة الاحتكار» من تراجع التنافس في القطاع بسبب تلك السياسة، ودعت إلى تقييد توسع الحكومة في شراء حصص في القطاع المصرفي، وهو التوسع الذي رفضته شخصيات كبرى في عالم المال الروسي، وطالبت بحقوق متساوية لجميع اللاعبين في السوق.
ونُشر الخميس تقرير «المركزي» تحت عنوان «حول دينامية تطور القطاع المصرفي الروسي»، الذي قال فيه إن «دخل القطاع المصرفي خلال عام 2017 بلغ 790 مليار روبل، مقابل 930 مليارًا خلال عام 2016، ما يعني أن الدخل تراجع بنسبة 15 في المائة، في المقابل كان عدد المؤسسات المالية التي سجلت أرباحًا أكبر بكثير من المؤسسات الخاسرة؛ إذ بلغ عدد الأولى 420 مؤسسة ائتمانية حققت أرباحًا قيمتها 1.6 تريليون روبل، بينما سجلت 140 مؤسسة ائتمانية خسائر قدرها 772 مليارًا.
وشهد العام الماضي زيادة أصول القطاع المصرفي بنسبة 9 في المائة، فضلًا عن زيادة قيمة الحسابات المصرفية، وتحديدًا ارتفعت قيمة المبالغ في الحسابات المصرفية للشخصيات الطبيعية بنسبة 10.7 في المائة، وحسابات المنظمات والشركات بنسبة 4.8 في المائة. ورأى «المركزي» أن هذه المعطيات تؤكد أن القطاع انتقل إلى «أبواب المسار نحو النمو.
وأشارت «الوكالة الفيدرالية الروسية لمكافحة الاحتكار» إلى تراجع التنافس في القطاع المصرفي. وقال آندريه كاشفيروف، نائب مدير الوكالة في تصريحات لـ«ريا نوفوستي»، الخميس، إن «وكالة مكافحة الاحتكار قامت العام الماضي بوضع نتائج مراقبتها السوق خلال الفترة من 2011 ولغاية عام 2017»، وأشار إلى أن «المتابعة أظهرت تراجعًا لمستوى التنافس في القطاع المصرفي، ويتبلور بشكل واضح التوجه في السوق نحو زيادة عدد المصارف الكبرى التي تساهم الدولة فيها»، وأكد أن هذه الظاهرة تنتشر على المستويين الفيدرالي والمحلي. وحذر من أن الأرقام والمعطيات هذه تدل على الصعوبة البالغة التي يواجهها اللاعبون الآخرون في السوق في منافسة المصارف الكبرى؛ «هذا إن كان التنافس ممكناً أساساً»، وأضاف: «لم تعد موجودة عمليًا الأقاليم التي يمكن أن نسجل فيها مستويات عالية من التنافس».
وتنوي لتصحيح هذا الوضع، «الوكالة الفيدرالية لمكافحة الاحتكار» تقديم مقترحات للبنك المركزي، تتضمن فرض حظر على استحواذ المصارف الحكومية التي تكون فيها حصة الدولة أكثر من 50 في المائة، على أصول المؤسسات الائتمانية.
ولفت كاشفيروف إلى أن حصة الدولة في القطاع المصرفي تنمو، بما في ذلك بعد سحب التراخيص من عشرات البنوك، ودمج بنوك أخرى وتمويلها من الدولة، ضمن عمليات تطهير القطاع المصرفي وإنقاذ اللاعبين الكبار فيه، التي انتهجها «المركزي» الروسي خلال السنوات الماضية.
سحبت التراخيص من 27 مصرفًا عام 2013، ومن 73 مصرفًا عام 2014، وفي عام 2015 ارتفع العدد حتى 88 مصرفًا قام «المركزي» بسحب تراخيصها، وزاد العدد عام 2016 حتى 93 مصرفًا، ومن ثم تراجع عام 2017 حيث لم يزد عدد المصارف التي سُحبت تراخيصها على 44 مصرفًا في سياق خطة تطهير القطاع المصرفي التي أطلقها «المركزي» منذ نهاية عام 2013.
وأطلقت منذ صيف العام الماضي 2017 «المركزي» خطة إضافية في سياق عملية تطهير وتحسين القطاع المصرفي، وذلك حين قرر التدخل لإنقاذ مؤسسات مصرفية كبرى، ومنها «بنك أوتكريتي»، الذي احتل خلال الربعين الأول والثاني من عام 2017 المرتبة السادسة بين المصارف الروسية بحجم ودائع المواطنين التي بلغت 573.8 مليار روبل، والمرتبة السابعة بحجم أصوله (2.45 تريليون روبل.
في ذلك الحين أعلن «المركزي» عن إطلاق أكبر عملية إنقاذ مصرفية في تاريخ القطاع المصرفي الروسي، سيتدخل هو فيها مباشرة. وكشف أنه ضمن خطة الإنقاذ تلك سيقدم قرضاً لبنك «أوتكريتي» يرفع حصة الدولة فيه حتى 75 في المائة، كما قام «المركزي» بتعيين إدارة مؤقتة للبنك.
و تكرر الأمر في التعامل مع مصارف روسية كبرى. وحذر محللون في سوق المال من أن خطط الإنقاذ هذه تعني عمليًا فرض سيطرة «المركزي» على المصارف الكبرى. وحسب وكالة «فيتش»، فقد أنفقت السلطات الروسية نحو 3.3 تريليون روبل على خطة تطهير وإنقاذ القطاع المصرفي، منذ عام 2013 وحتى عام 2015. ويعادل هذا المبلغ 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015.
وتواجه التدابير التي تعدها «الوكالة الفيدرالية لمكافحة الاحتكار» معارضة في أوساط كبار رجال المال في روسيا، ومنهم آندريه كوستين، رئيس «في تي بنك» الذي تعود الحصة المتحكمة فيه للحكومة الروسية، وهو الأول على مستوى البلاد بحجم رأسماله الأساسي، والثاني بحجم أصوله.
وعبر كوستين عن رفضه الاقتراح الخاص بمنع المصارف الكبرى بمساهمة حكومية من الاستحواذ على المؤسسات المالية، وقال «يجب أن تعمل جميع المصارف؛ بما في ذلك الحكومية، في حقل قانوني موحد للجميع»، وعبر عن قناعته بأنه «لا يجوز وضع قيود على جزء وإعفاء آخرين منها، والقول سنمنح المصارف الحكومية حقاً معينا ولن نمنحه للخاصة». وشدد على أن «كل مصرف يجب أن يحدد أهدافه الاقتصادية، وإذا كان الأمر مربحًا؛ فليشترِ، وإن لم يكن كذلك فلا يشتري».