وكالة "ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني"

أبقت وكالة "ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني" على تصنيفها "إيه إيه +" للدين السيادي الأميركي، معتبرة أن متانة الاقتصاد الأول في العالم ما زالت تعوض عن تزايد العجز والدين. وحذّر مكتب الموازنة في الكونغرس، من أن خدمة الدين السيادي الأميركي ستعادل بعد ثلاثة عقود نفقات الضمان الاجتماعي، مع ارتفاع معدلات الفائدة وتزايد الحاجات المالية للبلد.

ورسمت التقديرات السنوية للهيئة المستقلة في الكونغرس صورة قاتمة للوضع المالي للولايات المتحدة، متوقعة أن ترتفع نفقات الفائدة بمقدار الضعف خلال السنوات العشر المقبلة، من 1.6 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام، إلى مستوى 3.1 في المائة في 2028. وتابع التقرير أنه في عام 2048، ستصل نفقات الفائدة إلى مستوى قياسي تاريخي يمثل 6.3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة "سيكون تسديد الفائدة موازيا لإنفاق الدولة على النظام التقاعدي، والتي تشكل حاليا أعلى نفقات تتحملها الدولة".

وينطلق تقرير مكتب الموازنة من مبدأ أن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل في الوقت الحاضر رفع معدلات الفائدة على ضوء تسارع النمو والتضخم ومستوى البطالة المتدني. ورأى أن الدين الفيدرالي الذي يصل حاليا إلى 78 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، وهو أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية، سيقارب 100 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي بعد عشر سنوات، و152 في المائة عام 2048، وهو "أعلى مبلغ بفارق كبير في تاريخ البلاد".

أما النفقات الفيدرالية الإجمالية، عدا خدمة الدين، فسترتفع من 19 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي حاليا، إلى 23 في المائة عام 2048، ولا سيما بسبب تزايد كلفة البرامج الاجتماعية من نظام التقاعد والضمان الصحي للأكثر فقرا وللمسنين.

وتوقع مكتب الموازنة أن تراوح عائدات الدولة في مستواها خلال السنتين المقبلتين، نتيجة التخفيضات الضريبية الكبرى التي أقرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمطبقة لثماني سنوات بالنسبة لضريبة الدخل، على أن ترتفع العائدات بصورة طفيفة بعد ذلك لتحقق زيادة عالية عام2026، عند رفع ضريبة الدخل على الأفراد مجددا.

وعلى صعيد متصل، أبقت وكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني على تصنيفها "إيه إيه +" (ثاني أعلى درجة)، للدين السيادي الأميركي، معتبرة أن متانة الاقتصاد الأول في العالم ما زال يعوض عن تزايد العجز والدين. وكتبت الوكالة في تقريرها أن إبقاءها على تصنيف "إيه إيه +" مع توقعات مستقرة يعود إلى قوة الاقتصاد الأميركي والبنية السياسية للبلد، إضافة إلى المخاطر الضعيفة على التجارة في الأمد القريب؛ على الرغم من تزايد التوترات على هذا الصعيد، لكنها حذرت من أن "الدين العام الحكومي المرتفع والعجز المتزايد وعملية وضع السياسات القريبة الأجل نسبيا والغموض بشأن صياغة السياسات، كل ذلك يلقي بظله على التصنيف".

وإذ رأت أن الخلافات التجارية وتبادل فرض رسوم جمركية مشددة مع شركاء تجاريين أساسيين "لن تنعكس بصورة كبيرة على الاقتصاد الأميركي في الأمد القريب"، حذرت في المقابل بأن الغموض المخيم قد يعيق الاستثمارات ويبطل مفعول العائدات الناجمة عن التخفيضات الضريبية التي أقرت العام الماضي.

وتوقعت ستاندارد آند بورز أن يحقق الاقتصاد الأميركي نموا بحوالي 3 في المائة هذه السنة، و2.5 في المائة العام المقبل، بعد تسجيل مستوى 2.3 في المائة عام 2017، مدعوما من استهلاك مرتفع وسوق عقارية قوية.. لكنها لفتت إلى أن الانقسامات السياسية أعاقت قدرة الحكومة على إقرار القوانين الضرورية. وخسرت الولايات المتحدة عام 2011 تصنيفها الائتماني الأعلى عند مستوى "إيه إيه إيه" نتيجة معارك داخل الكونغرس بشأن رفع سقف الدين الأميركي، ما أوصل البلاد إلى شفير التعثر في السداد وإغلاق الإدارات.

وقالت الوكالة بهذا الصدد إنها تتوقع تسوية النقاشات حول الميزانية وسقف الدين في اللحظة الأخيرة كما هي الحال في السنوات الأخيرة. وكتبت: "إن الخلافات بين الأحزاب السياسية وداخل كل حزب أدت برأينا إلى تباطؤ في عملية وضع السياسات، وحدت من قدرة الحكومة على وضع تشريعات بعيدة الأمد، وخصوصا على صعيد السياسة الضريبية". وتابعت الوكالة بأن "هذه العوامل - إضافة إلى مستوى ديون الحكومة المرتفعة، تؤثر على التصنيف".

ولفتت "ستاندارد آند بورز" إلى أن الانتخابات التشريعية التي تجري في نوفمبر/تشرين الثاني في منتصف الولاية الرئاسية والانتخابات الرئاسية عام 2020، "تقلص على ما يظهر هامش المفاوضات في واشنطن"، في وقت يواجه واضعو السياسة تحدي النمو الاقتصادي البعيد الأمد الذي تراجع إلى أقل من 2 في المائة. ولم تستبعد الوكالة رفع التصنيف "إذا رأينا بوادر سياسة عامة أكثر فاعلية واستباقية، تعكس تنسيقا أكبر مشتركا للحزبين بين السلطة التنفيذية والكونغرس".