واشنطن ـ اليمن اليوم
ازدادت حدة الانتقادات والتراشقات التي توجهها مختلف الأطراف لبعضها البعض حول مسألة "التجارة الحرة"، وبينما طالبت واشنطن، منظمة التجارة العالمية، بإجراء إصلاحات، حذرت برلين الولايات المتحدة من محاولة إثارة انقسام داخل الاتحاد الأوروبي، منتقدة في الوقت ذاته نهج كل من واشنطن وبكين، فيما حث 45 اتحاداً تجارياً أميركياً، تمثل بعضاً من أكبر شركات الولايات المتحدة، الرئيس دونالد ترمب، على عدم فرض تعريفات جمركية على الصين، وحذرته من أن ذلك سيكون "ضاراً بشكل خاص بالاقتصاد والمستهلكين الأميركيين".
وقال مدير عام منظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو، إن الولايات المتحدة أبدت قلقاً من آلية عمل المنظمة وطالبت بإصلاحات، وأضاف أزيفيدو، متحدثاً للصحافيين، أن بيئة التجارة العالمية محفوفة بالمخاطر، وأن المنظمة سعت لإجراء حوار «مفتوح وصادق» مع أعضائها نظمته في نيودلهي.
وتابع أن «هذه لحظة نواجه فيها تحديات كثيرة داخل المنظمة وخارجها»، وفي غضون ذلك، انتقد الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير النهج الذي تتبعه كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية في السياسة التجارية. وقال أمس إن بعض الشركاء غادروا «ساحة اللعب في الوقت الحالي»، مؤكداً أن تحقيق النمو والاقتصاد الناجح يستلزم نظاماً عالمياً قائماً على قواعد يتم قبولها من الصغار والكبار.
وقال شتاينماير «ليست الصين وحدها التي يتعين علينا تذكيرها بذلك، ولكن ربما شركائنا الأميركيين حالياً أيضاً»، وشدد على ضرورة أن تشير الأوساط السياسية الألمانية إلى أن المنافسة تسير بشكل حر ونزيه وبناء على قواعد واضحة.
وجاءت تحذيرات الرئيس عقب تحذير وجهه وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير إلى الولايات المتحدة مساء الأحد، من محاولة الوقيعة بين ألمانيا وبقية أوروبا بفرض رسوم جمركية على الواردات، قائلاً إن نشوب حرب تجارية عالمية من شأنه أن يضر المنتجين والمستهلكين.
وقال ألتماير لصحيفة «هاندلسبلات»، قبل أن يصل إلى واشنطن أمس الاثنين، في مسعى لاستكشاف سبل التفاهم بين البلدين، إنه رتب لاجتماعاته مع مسؤولين أميركيين بالتنسيق مع مفوضة التجارة لدى الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم. وأبلغ الوزير الصحيفة قائلاً: «نحن اتحاد جمركي ونعمل سوياً. ليس من مصلحة الحكومة الأميركية أن تثير الانقسام في أوروبا، ولن تنجح». وخلال زيارته الرسمية، يعتزم الوزير الألماني لقاء نظيره الأميركي ويلبر روس، مؤكداً في تصريح منفصل للقناة الأولى الألمانية «إيه دي آر»: «لا أريد أن ندخل في حرب تجارية بين أوروبا والولايات المتحدة».
وفي سياق متصل، حذر معهد «إيفو» الألماني لأبحاث الاقتصاد من اتساع نطاق الخلاف التجاري مع الولايات المتحدة، ليشمل قطاعات اقتصادية أخرى بعد الرسوم الجمركية على واردات منتجات الصلب والألومنيوم.
وقال مدير مركز التجارة الخارجية بالمعهد غابرييل فلبرماير، أمس الاثنين، بمدينة ميونيخ جنوب ألمانيا: «قد يؤدي ذلك إلى تقويض منظمة التجارة العالمية، وتعرض أوجه التقدم التي تم تحقيقها على مدار عقود بجهد وتعب في تحرير التجارة العالمية، لتهديد خطير».
وداخلياً، حث 45 اتحاداً تجارياً تمثل بعضاً من أكبر شركات الولايات المتحدة، الرئيس ترمب، على عدم فرض تعريفات جمركية على الصين، وحذرته من أن ذلك سيكون «ضاراً بشكل خاص بالاقتصاد والمستهلكين الأميركيين».
وقالت الاتحادات في رسالة بعثت بها لترمب يوم الأحد إن التعريفات المحتملة على الصين سترفع أسعار السلع الاستهلاكية، وتقضي على الوظائف وستدفع الأسواق المالية إلى الهبوط. وتمثل هذه الرسالة أحدث تطور في شقاق متصاعد بين ترمب وقطاع الأعمال بشأن السياسات التجارية مع بدء الرئيس اتخاذ خطوات أكثر جرأة يقول إنها ضرورية لحماية الصناعة المحلية. وقالت الاتحادات: «نحث الإدارة على عدم فرض تعريفات والعمل مع قطاع الأعمال لإيجاد حل فعال - ولكن مدروس - للسياسات والممارسات التجارية الحمائية الصينية يحمي الوظائف الأميركية والقدرة على المنافسة... التعريفات ستكون ضارة بشكل خاص».
ودعت هذه الجماعات، ترمب، إلى العمل مع الحلفاء التجاريين للضغط من أجل إحداث تغييرات في السياسات الصينية. وأضافت أنه على الرغم من المخاوف الشديدة التي تساورها بشأن موقف الصين من التجارة، فإن فرض الولايات المتحدة تعريفات بشكل أحادي لن يؤدي إلا إلى فصل البلاد عن الحلفاء، وتشجيعهم على أن يحلوا محل الشركات الأميركية في الصين عندما ترد بكين على هذا الإجراء.