واشنطن - اليمن اليوم
فيما تشير الأنباء الواردة من أميركا إلى أن الولايات المتحدة وكندا على وشك التوصل إلى صيغة توافقية حول المسائل التجارية العالقة، وهو ما من شأنه تعديل اتفاقية التجارة في أميركا الشمالية "نافتا"، قالت وزارة التجارة الأميركية إن الرئيس دونالد ترامب وقع إعلانات تسمح بإعفاءات محددة من حصص استيراد الصلب والألومنيوم من بعض الدول.
وبهذا تأذن إدارة ترامب، الذي فرض رسومًا جمركية على واردات الصلب والألومنيوم في مارس/ آذار، بإعفاء من الحصص في الصلب القادم من كوريا الجنوبية والبرازيل والأرجنتين، وفي الألومنيوم من الأرجنتين، وقال البيان الصادر عن الوزارة مساء الأربعاء "بوسع الشركات طلب استثناءات استنادا إلى عدم كفاية الكمية أو الجودة المتاحة من منتجي الصلب أو الألومنيوم الأميركيين... في مثل تلك الحالات، يمكن منح استثناء من الحصة مع عدم استحقاق أي رسوم".
وكان ترامب، متذرعًا ببواعث قلق بشأن الأمن القومي، فرض رسومًا نسبتها 25 في المئة على واردات الصلب وعشرة في المئة على واردات الألومنيوم، ودخلت الرسوم المفروضة على واردات الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك حيز التنفيذ في أول يونيو / حزيران، وأكد وزير التجارة ويلبور روس في 31 مايو/ أيار الماضي، إنه تم التوصل إلى ترتيبات مع بعض الدول لعدم فرض رسوم على نسبة معينة من صادراتها من المعدنين إلى الولايات المتحدة، وأضاف أن الترتيب المبرم مع كوريا الجنوبية يحدد حصة 70 في المئة من متوسط صادرات الصلب إلى الولايات المتحدة في الأعوام من 2015 إلى 2017.
وكشفت الحكومة البرازيلية في ذلك الوقت، أن الحصص والرسوم الأميركية على صادرات البرازيل من الصلب والألومنيوم غير مبررة، لكنها ما زالت ترحب بالتفاوض للتوصل إلى حل.
وتخضع صادرات الصلب شبه الجاهز البرازيلية إلى الولايات المتحدة لحصص من واقع متوسط السنوات الثلاث بين 2015 و2017. بينما تخضع منتجات الصلب الجاهز لحصة نسبتها 70 في المائة من متوسط تلك الأعوام.
- آمال أوروبية وتلميح للغاز
من جهة أخرى، قالت مفوضة الشؤون التجارية الأوروبية، سيسيليا مالمستروم، الخميس، إن الاتحاد الأوروبي على استعداد لإلغاء الرسوم على السيارات والمنتجات الصناعية في حال أعربت الولايات المتحدة الأميركية عن استعدادها لفعل المثل، وأضافت أمام لجنة التجارة البرلمان الأوروبي "نحن على استعداد لخفض رسومنا على السيارات حتى الصفر في حال هناك استعداد لفعل المثل".
ويلتقي الجانبان حاليًا للعمل على وضع إطار لأي اتفاق مستقبلي. وتأتي هذه المباحثات بعد الاجتماع الذي جمع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والرئيس الأميركي في واشنطن في يوليو/ تموز الماضي، عندما تم إنهاء نزاع تجاري أوسع، وكان ترامب قد هدد بزيادة الرسوم على صادرات السيارات الأوروبية بالإضافة إلى الرسوم المفروضة بالفعل على الصلب والألومنيوم. وأشار بيان صدر بعد الاجتماع إلى احتمالية إلغاء الرسوم والدعم للبضائع الصناعية، ولكن باستثناء السيارات. وتشير تعليقات مالمستروم أمس إلى احتمالية التوصل لاتفاق أكبر.
ولفتت مالمستروم إلى أنه في حال تحقيق ذلك، ربما يتوصل الجانبان أيضًا لطريقة لتسهيل عملية توريد أميركا للغاز الطبيعي المسال، وأوضحت أن التوصل لاتفاق قد يستغرق عامًا، مضيفة أنه في حال فرض أميركا لأي رسوم جديدة على منتجات الاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد "سوف يقاطع هذه المباحثات على الفور" ويفرض رسومًا مماثلة.
- بشائر اتفاق مع كندا
في غضون ذلك، باتت الولايات المتحدة وكندا على وشك التوصل إلى اتفاق حول صيغة جديدة لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا"، بحسب ما عكست تصريحات متفائلة للرئيس ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعد عدة أيام من المحادثات المكثفة في واشنطن.
وبعد مفاوضات استمرت الليل بكامله بين وفدي كبار الموظفين، التقت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند وممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر الخميس لبحث ما تم التوصل إليه، وقالت خلال مؤتمر صحافي مقتضب مساء الأربعاء "هناك أجواء جيدة ونعمل بصورة بناءة"، فيما لم يدل الجانب الأميركي بأي تصريح. وكان الرئيس ترمب، الذي يندد باستمرار باتفاقية نافتا، معتبرًا أنها بمثابة "كارثة" للاقتصاد الأميركي، شدد هو أيضًا على أن المفاوضات "تسير بشكل جيد جدًا".
ومن جانبه، تحدث ترودو عن "إمكانية التوصل إلى اتفاق جيد لكندا بحلول يوم الجمعة". وقال إن واشنطن ومكسيكو اللتين اتفقتا الاثنين على سلسلة من التعديلات للاتفاقية الموقعة عام 1994، تودان التوصل إلى اتفاق ثلاثي بحلول الجمعة، مضيفًا "لكن هذا مجرد احتمال، لأن الأمر سيتوقف على ما إذا كانت هناك صفقة جيدة في النهاية بالنسبة إلى كندا".
وأقرت فريلاند مساء الأربعاء، بأن "الوقت يدهم". ورفضت - مثلما فعلت منذ وصولها الثلاثاء على عجل إلى واشنطن قاطعة جولة أوروبية - كشف تفاصيل حول المحادثات الجارية.
وكانت وزيرة الخارجية أفادت في وقت سابق أن كندا والولايات المتحدة توصلتا إلى "اتفاق عالي المستوى" بشأن السيارات لفصل الربيع، وهو ما يعتبر مؤشرًا إيجابيًا. وكانت هذه من النقاط الرئيسية في الاتفاق التجاري بين المكسيك والولايات المتحدة، الذي أعلن ترامب الإثنين من البيت الأبيض التوصل إليه.
وتعمد الكنديون أخذ مسافة عن المحادثات الجارية لإصلاح نافتا، بانتظار أن تتوصل المكسيك والولايات المتحدة إلى تسوية المسائل الخلافية الكثيرة بينهما، وأبلغت فريلاند بوضوح أن كندا لم تُستبعد من المحادثات الشاقة بين الشريكين، بل أخذت مسافة غير أنها كانت على اطلاع تام بما يجري.
وكتب كاميرون أحمد، مسؤول الإعلام في مكتب ترودو، على "تويتر" أن "رئيس الوزراء سيجري اتصالًا مع رؤساء وزراء المحافظات والأقاليم بعد ظهر السبت، لمناقشة المفاوضات حول نافتا" وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط، وباتت الخطوط العريضة لاتفاقية نافتا الجديدة مرسومة. وهي تتضمن ترتيبات جديدة في قطاع تجارة السيارات، ومنها نسبة أعلى من القطع المنتجة محليا وإجراءات أكثر صرامة لحماية العمال وبند يسمح بمراجعة الاتفاقية كل ستة أعوام.
أما النقاط الخلافية الرئيسية مع كندا، فهي مسألة السوق الكندية للألبان وتمسك أوتاوا بآلية لتسوية الخلافات بين الشركاء في الاتفاقية، وتعارض كندا سعي الولايات المتحدة لإلغاء آلية تسوية الخلافات (الفصل 19) التي يبدو أنه تم التخلي عنها في الاتفاق مع مكسيكو. وقد استخدمت كندا هذه الآلية للطعن في قوانين مكافحة الإغراق ورسوم التعويض الأميركية.
ويبدي الأطراف الثلاثة رغبة في التوصل سريعًا إلى اتفاق جديد، ولو أن ترمب يتوعد باستمرار بتوقيع اتفاقين ثنائيين إذا لم تجر المفاوضات في الاتجاه الذي يريده، وفي كندا، يواجه ترودو ضغوطًا سياسية مع اقتراب موعد الانتخابات بعد عام، ما يحتم عليه عدم الظهور في موقع الإذعان للرئيس الأميركي. ومع بدء الحملة الانتخابية في محافظتين يسيطر عليهما حزبه وهما كيبيك ونيو برونزويك، فإن اتفاقًا سيعزز موقعه.
كذلك يواجه ترامب جدولًا سياسيًا ضاغطًا ويود تسوية مسألة نافتا قبل الانتخابات التشريعية في نوفمبر/ تشرين الثاني. أما في المكسيك، فإن الرئيس إنريكي بينيا نييتو يسعى لتوقيع الاتفاق التجاري قبل تسليم الرئاسة إلى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في الأول من ديسمبر/ كانون الأول.