أثينا ـ اليمن اليوم
تستعد اليونان، أكثر البلدان الأوروبية استدانة، بعد أن فقدت أكثر من ربع ناتجها الاقتصادي خلال العقدين الماضيين، للعودة مجددًا للاقتراض من أسواق المال الدولية، وهي خطوة تتطلب ثقة المستثمرين في الاقتصاد، وقد افتقرت أثينا لهذه الثقة خلال أزمتها المالية العنيفة خلال السنوات الماضية. وأكّد مسؤول يوناني أنه في حال استطاعت الحكومة الإعلان بحلول نهاية العام عن برنامجها لطرق أسواق المال الدولية في عام 2019، وتمكنت من تكرار هذا الأمر سنويًا، فإن ذلك يعني أن الخطة نجحت.
وحصلت اليونان خلال ثماني سنوات على مساعدات تزيد على 273 مليار يورو من دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، وُزعت على ثلاثة برامج مساعدات. وفي المقابل، اضطر اليونانيون إلى تطبيق العديد من الإصلاحات التي غالباً ما كانت مؤلمة، وكان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.
وأصبحت اليونان تعتمد بشكل أساسي على ديون منطقة اليورو منذ 2010، عندما صارت عاجزة عن طرق الأسواق للحصول على التمويل في ظل تضخم عجز الموازنة وارتفاع الديون العامة وتردي أداء الاقتصاد. وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلن وزراء مالية منطقة اليورو انتهاء أزمة ديون اليونان إثر توصلهم إلى اتفاق واسع النطاق يضع حداً لثماني سنوات من الأزمة والتقشف وخطط الإنقاذ للبلاد. وسيتيح الاتفاق لأثينا الخروج من وصاية دائنيها في الموعد المقرر في 20 أغسطس/آب المقبل، كما سيتيح لها أن تموّل نفسها في الأسواق بعد سنوات من الانكماش الحاد وثلاثة برامج مساعدات.
لكن المفوضية الأوروبية قررت تطبيق نظام للمراقبة القوية على السياسات المالية في اليونان، بعد أن تنهي برنامج الإنقاذ خلال الشهر المقبل. وأفادت بيانات وكالة إدارة الديون بأنه بالنسبة إلى عام 2019، فإن استحقاق الديون يبلغ ما بين 10 مليارات يورو و11 مليار يورو (11.7 مليار إلى 12.9 مليار دولار)، في حين سينخفض المبلغ خلال العامين المقبلين إلى 5 مليارات يورو.
وقال دميتريس داليبس، مدير إدارة الدخول الثابتة بصندوق "ألفا" الائتماني: "ما زال يجب القيام بكثير من العمل من أجل استعادة ثقة المستثمرين والانفتاح الكامل على الأسواق". وأضاف: "مع ذلك، فلقد تم إحراز تقدم، والسوق تقدّر ذلك مثلما يتضح في حركة الأسعار عقب اتفاق منطقة اليورو الذي تم التوصل إليه في 21 يونيو/حزيران الماضي. وتعكس مؤشرات أثينا الاقتصادية تعافياً نسبياً للاقتصاد مما يعزز من الثقة في الوضع المالي في البلاد، حيث نما الاقتصاد للربع الخامس على التوالي في الفترة بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، وكان النمو بوتيرة أسرع من الربع السابق. وتتوقع المفوضية الأوروبية أن ينمو اقتصاد اليونان بنسبة 1.9% هذا العام، وبنسبة 2.3% في 2019.
في غضون ذلك، تتجه أنظار اليونان إلى اجتماع صندوق النقد الدولي المقرر يوم الثلاثاء المقبل نهاية يوليو/تموز، بخصوص ديون اليونان، مع فحص احتمالات قدرة أثينا على تحمل الديون ومسار الإصلاحات في البلاد والتي سيتم اتباعها خلال الفترة المقبلة بعد انتهاء برنامج المساعدات.
وأكد المجلس التنفيذي للصندوق استدامة الديون اليونانية في الأجل المتوسط، وعلى الرغم من أن الخلافات بين المؤسسات بخصوص مستقبل الديون على أنها طويلة الأجل لا تزال مفتوحة، فإن الجانب الأوروبي تعهد باتخاذ جميع التدابير اللازمة في حال دعت الحاجة إلى فترة ما بعد 2032. وفي هذا السياق، أصبح من الواضح أن التعاون الوثيق سوف يستمر بين صندوق النقد الدولي وأوروبا في فترة الإشراف اللاحقة للبرنامج.
وخلال الاجتماع الأخير للدائنين بخصوص ديون اليونان، أقرت جميع الأطراف بأن أثينا حققت نتائج مهمة، وكانت القروض المتعثرة مسألة رئيسية أخرى تم بحثها في الاجتماع، وتم تأكيد تسوية الوضع في أسرع وقت ممكن حتى تتمكن البنوك من المساهمة في الانتعاش الاقتصادي من خلال توفير قروض جديدة.
وتواجه خطة عودة اليونان للأسواق تحديين، أولهما أنه على السلطات اليونانية الإيفاء بالتزاماتها وتطبيق ما اتفقت عليه مع الجهات الدائنة لكي لا تفقد مصداقيتها التي أوجدها انتهاء برنامج الإنقاذ. والتحدي الثاني سياسي، حيث إن الحكومة اليونانية قد تفقد أغلبيتها البرلمانية مطلع عام 2019 إذا تمت دعوة النواب للموافقة على اتفاق الاسم مع مقدونيا.
وقال مجتابي رحمان، أحد المسؤولين بمجموعة أورآسيا في لندن:"“المزيج من المخاطر الداخلية والخارجية قد يضر بدخول اليونان للأسواق خلال الأشهر المقبلة". وأضاف: "السياسات المتعلقة باتفاق مقدونيا سوف تُبقي على احتمالية انهيار الحكومة أو طرح خيار إجراء انتخابات مبكرة، وبالنسبة إلى أوروبا، فإن الخلاف القائم بين الاتحاد الأوروبي وإيطاليا حول ميزانية روما قد يلقي بظلاله على اليونان".