رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف

انطلق جدل واسع بين الحكومة الروسية والاتحادات النقابية على خلفية سعي الأولى اعتماد حزمة إصلاحات اقتصادية، تشمل بما في ذلك قرارًا ينص على رفع سن التقاعد للرجال والنساء. ووقّع رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، نص القرار؛ تمهيدًا لطرحه على مجلس الدوما من البرلمان الروسي، وسارع إلى طمأنة المواطنين الروس، حين أكد أن "مشروع قانون الإصلاحات الاقتصادية، وبصورة خاصة قرار رفع سن التقاعد ينص على مرحلة انتقالية طويلة، يفترض أن تبدأ عام 2019؛ بغية الوصول إلى الهدف المنشود... وخطوة تلو الأخرى نصل في عام 2028 إلى سن تقاعدية للرجال في عمر 65 عامًا، بينما ستستمر المرحلة الانتقالية للنساء حتى عام 2034، ويصبح حينها سن التقاعد للعاملات والموظفات 63 عامًا". يُذكر أن سن التقاعد في روسيا حالياً 60 عاماً للرجال، و55 عاماً للنساء وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط.

وحمل نص مشروع قرار سن الإحالة على التقاعد (المعاش)، توضيحات إضافية تهدف كذلك إلى طمأنة المواطنين، وجاء فيه إن "القرار سيطال فقط المواطنين الذين لم يتم بعد تحديد معاشاتهم التقاعدية". ونظراً لحساسية مسألة كهذه، فإن القرار "فضلاً عن ذلك، لن يشمل المواطنين الذين يعملون ضمن ظروف تنطوي على مخاطر، أو غيره من الأضرار، والذين يقوم رب العمل بدفع تأمينات عنهم، يتم تحديدها وفقاً لظروف العمل". كما لن يشمل القرار المواطنين العاملين في الدولة بموجب قانون فيدرالي خاص، وكذلك المواطنون من الفئات التي تعيش في ظروف اجتماعية وصحية خاصة، والذين يتم تحديد معاشاتهم التقاعدية مسبقاً.

وتشير مذكرة مرفقة بنص القرار إلى أن "رفع سن التقاعد سيؤدي إلى زيادة ملموسة على المعاشات التقاعدية للمواطنين". ويتوقع أن يبدأ مجلس الدوما النقاش حول مشروع القرار المذكور، غدًا الثلاثاء. إلا أنه ومع تأكيدات الحكومة الروسية بأن القرار يصب في خدمة مصلحة المتقاعدين، والاقتصاد الروسي ككل، فقد عبرت النقابات المهنية الروسية عن رفضها لهذا القرار. وكانت اللجنة المعروفة باسم "اللجنة الثلاثية الخاصة بتنظيم مسائل العمل"، وتضم ممثلين عن الحكومة، وعن اتحاد أرباب العمل، وعن الاتحادات النقابية، نظمت اجتماعاً أمس بحثت فيه قرار سن التقاعد. ومقابل تأييد للقرار عبّر عنه ممثلو الحكومة وأرباب العمل، عبّر اتحاد النقابات العمالية والمهنية عن رفضه القرار.

وقال ميخائيل شماكوف، رئيس اتحاد النقابات المستقل للصحافيين، إن المجتمعين انقسموا ما بين مؤيد ومعارض لنص القرار، موضحاً أن هذا لن يؤثر على آلية طرحه على البرلمان، وإنما سيتم ضم ما خلصت إليه اللجنة الثلاثية من مواقف وقرارات إلى الوثائق التي ستطرحها الحكومة على النواب في مجلس الدوما، لأخذها بالاعتبار خلال النقاشات.

في غضون ذلك، عبّر ملايين الروس عن رفضهم مشروع قرار رفع سن التقاعد، وذلك في عملية تصويت عبر الإنترنت، على "التماس" تم إعداده بمبادرة من اتحاد النقابات العمالية، وموجّه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيسة المجلس الفيدرالي من البرلمان الروسي فالنتينا ماتفيينكو.

وفي تبريره لرفض رفع سن التقاعد، يقول اتحاد النقابات في نص "الالتماس"، إن المواطنين في عدد كبير من الأقاليم الروسية لا يعيشون حتى السن التي يحددها القرار الحكومي للإحالة على التقاعد. ويشير النص إلى أنه "بموجب المعطيات الرسمية، الصادرة عن الهيئة الروسية للإحصاء، فإن متوسط السن المتوقع للرجال في 62 إقليماً من الأقاليم الروسي، أقل من 65 عاماً، وفي ثلاثة من الأقاليم أقل من 60 عاماً". ويشير اتحاد النقابات في التماسه إلى أنه "في ظل الوضع الديموغرافي في روسيا بشكل عام، لا يكمل حياته حتى 65 عاماً 40 في المائة من الرجال، و20 في المائة من النساء". ما يعني أن هؤلاء سيمضون معظم حياتهم في العمل، ولن يتمكنوا من الحصول على سنوات تقاعد يعوّضون فيها بعضاً من تعبهم.

كما فنّد اتحاد النقابات الفكرة التي طرحتها الحكومة، وتقول فيها إن رفع سن التقاعد سيؤدي إلى زيادة دخل صندوق التقاعد وينقذه من العجز. وجاء في نص "الالتماس" بهذا الصدد، إن سبب العجز في صندوق التقاعد لا يعود إلى العلاقة بين أعداد المتقاعدين وأعداد المواطنين الذين ما زالوا يعملون، وإنما "العجز في الصندوق سببه المعاشات التي يتم دفعها في الظل"، وتصل قيمتها نحو 10 تريليونات روبل (نحو 160 مليار دولار) لا تؤخذ منها مساهمة لصالح صندوق التقاعد: "ما يعني عدم دخول نحو 2.2 تريليون روبل (نحو 35 مليار دولار) سنوياً إلى الصندوق". وعليه، يؤكد اتحاد النقابات، أن المعاشات التقاعدية كانت لتصل حتى أكثر من 13 ألف روبل (نحو 200 دولار) شهرياً لكل متقاعد، لو تم الحفاظ على سن التقاعد عند المستوى الحالي، لكن مع تنظيم سوق العمل، ونقلها كلها إلى المجال القانوني، أي إخراجها من الظل.