صندوق النقد الدولي

أكدت السلطات التونسية من جديد التزامها بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية، وتنفيذ مجموعة من التوصيات التي اشترطها صندوق النقد الدولي لمواصلة تمويل الاقتصاد التونسي، وتوفير السيولة المالية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود. وشهد اللقاء الذي جمع زياد العذاري، الوزير التونسي للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ببعثة من صندوق النقد، التي يترأسها روذر بيورن، عرض أحدث المؤشرات بشأن تطور الوضع الاقتصادي والمالي في تونس، خلال الفترة الراهنة، والآفاق المتاحة لتحسنه في ظل ما شهدته مؤشرات عدة من تطور، ساهم في تحقيق نمو إيجابي ناهز 2.1% خلال الربع الثالث من السنة الجارية. واستعرض العذاري مجموعة الإصلاحات التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ 2015، خصوصًا المتعلقة منها بتحسين مناخ الاستثمار وسن قانون جديد للاستثمار، وانطلاق الهيئة التونسية للاستثمار في النشاط الفعلي في بداية 2018، إلى جانب عدد من القوانين والإجراءات الهادفة إلى إصلاح الاقتصاد التونسي.

وفي المقابل، أكدت بعثة الصندوق، التي تواصل زيارتها إلى تونس حتى 13 ديسمبر / كانون الأول، حرصها على متابعة برنامج التعاون بين الجانبين، وسعت إلى الاطلاع عن كثب على تطور الأوضاع الاقتصادية في تونس، والآفاق المتاحة لتحسينها، وما أُقرّ من إجراءات إصلاحية لاستعادة نسق النمو والمحافظة على التوازنات المالية الإجمالية. وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، إن صندوق النقد سيفرج في نهاية الأمر عن القسط الثالث من القرض المتفق عليه مع السلطات التونسية، لأنه التزم بدعم الاقتصاد التونسي، ولكنه سيظل متابعًا بصفة لصيقة لكل القرارات والإجراءات الهادفة إلى إصلاحات اقتصادية كبرى، على حد تعبيره.

وتنتظر الحكومة التونسية إفراج الصندوق عن القسط الثالث من القرض، المقدر بمبلغ إجمالي في حدود 2.9 مليار دولار، يصرف على أقساط متتالية، كلما تقدمت السلطات في تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية، تشمل عددًا من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، من بينها صندوق الدعم والجهاز البنكي وكتلة الأجور وعدد العاملين في القطاع العام. وأجَّل الصندوق، في يونيو / حزيران الماضي، حصول تونس على القسط الثالث المقدر بنحو 350 مليون دولار، في انتظار الوقوف على مزيد من الإصلاحات والإجراءات الحكومية الرامية إلى تعديل المؤشرات الاقتصادية. ومن المنتظر وفق توقعات المسؤولين عن الشأن الاقتصادي التونسي، أن يُصرف في نهاية شهر يناير / كانون الثاني المقبل.

ويخضع الاقتصاد التونسي لمجموعة من الضغوط الداخلية، ممثلة في نقابات العمال والأحزاب المعارضة، التي ترفض سياسة التقشف المنتظرة من قبل الحكومة، علاوة على الضغط على المصاريف ومراجعة منظومة دعم المواد الاستهلاكية، والحد من كتلة الأجور. ويعاني الاقتصاد من ناحية أخرى من كم هائل من الضغوط الخارجية، إذ إن معظم هياكل التمويل الدولية تنتظر موافقة الصندوق على الأقساط الجديدة من القرض، للإفراج بدورها عن مجموعة من القروض التي يحتاجها الاقتصاد التونسي بقوة. وتشهد موازنة تونس عجزًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة ضعف الموارد المالية الذاتية وارتفاع النفقات العامة، خصوصًا كتلة أجور القطاع العام، التي تجاوزت نسبة 1%.  وقدر هذا العجز بنحو 6.1%، في حين أن حجم الدين العام من المنتظر أن يرتفع إلى حدود 69.6%، مع نهاية السنة الجارية.