لندن - اليمن اليوم
كشف تقرير الثروة العالمية، الصادر عن معهد "كريديه سويس" للبحوث لعام 2017، أن إجمالي الثروة العالمية سجل نموًا بنسبة 30% بعد مرور عشر سنوات منذ بداية الأزمة المالية العالمية. وخلال الأشهر الـ12 حتى منتصف العام الجاري، نمت الثروة العالمية بوتيرة أسرع مما كانت عليه في السنوات الأخيرة، حيث وصل متوسط الثروة للفرد البالغ إلى مستويات قياسية جديدة. وأظهر التقرير أن الثروة العالمية ارتفعت خلال السنة المنتهية في منتصف 2017، بمعدل 6.4%، في أسرع وتيرة لها منذ عام 2012، لتصل إلى 280 تريليون دولار، بزيادة قدرها 16.7 تريليون دولار. وعكست هذه الأرقام المكاسب الواسعة في أسواق الأسهم، وما يقابلها من ارتفاعات مماثلة في الأصول غير المالية، والتي فاقت للمرة الأولى هذا العام مستوياتها ما قبل الأزمة في 2007، كما تجاوز نمو الثروة معدلات النمو السكاني، حيث ارتفع متوسط الثروة العالمية لكل فرد بالغ بنسبة 4.9%.
ويركز التقرير هذا العام على جيل الألفية، وتوقعات تراكم الثروة، وتشير البيانات عمومًا إلى "مساوئ الألفية"، التي تتضمن قوانين أكثر تشددًا للرهن العقاري، وتزايد أسعار المساكن، وزيادة التفاوت في الدخل، وانخفاض حركة الدخل، ما يعيق تراكم الثروة لدى العمال والمدخرين الشباب في الكثير من البلدان. ومع ذلك، لا تزال هناك جوانب مضيئة، مثل الارتفاع الأخير المفاجئ في عدد من المليارديرات دون سن الـ30، على قائمة "فوربس"، والصورة الأكثر إيجابية في الصين وغيرها من الأسواق الناشئة. وواصلت الولايات المتحدة مكاسبها المستمرة منذ الأزمة المالية، مدعومة بظروف السوق المواتية، حيث أضافت 8.5 تريليون دولار إلى رصيد الثروة العالمية، وهو ما يمثل نصف الثروة التي تولدت عالميًا على مدى الأشهر الـ12 المنتهية في منتصف عام 2017، مدفوعة في المقام الأول بأصول مالية قوية.
وبمقارنة مكاسب الثروة بين البلدان، عادت الولايات المتحدة لتحتل المركز الأول، كما كانت على الدوام، مع مكاسب تبلغ خمسة أضعاف النمو الذي سجلته الصين (1.7 تريليون دولار)، في المركز الثاني. وتقدر الثروة في الولايات المتحدة بنحو 93.6 تريليون دولار، أي ما يعادل 33% من إجمالي الثروة العالمية. وتساهم الولايات المتحدة بأكبر عدد من أعضاء مجموعة الثروة العالمية الأولى، التي تشكل نسبة 1% من سكان العالم، وتستحوذ حاليًا على 43% من المليونيرات في العالم. وأتاح الاستقرار في أوروبا نمو الثروة بنسبة 6.4% في جميع أنحاء القارة، وذلك بالتوازي مع نمو الثروة العالمية. واحتلت أربع دول من منطقة اليورو، هي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، مكانًا ضمن قائمة البلدان العشرة الأولى التي حققت أكبر مكاسب من حيث القيمة المطلقة. وتعافى سوق المملكة المتحدة بعد الخسائر الناجمة عن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في 2016، ولكن التوقعات لا تزال غير مؤكدة. ولا تزال سويسرا تتصدر ترتيب متوسط الثروة للشخص البالغ. ومنذ مطلع القرن، ارتفعت الثروة لكل شخص بالغ في سويسرا بنسبة 130%، لتصل إلى 537.6 ألف دولار. وتضمنت المراكز العشرة الأولى لثروة الشخص البالغ في عام 2017 خمسة بلدان أوروبية أخرى، هي النرويج، والدنمارك، وبلجيكا، والمملكة المتحدة، وفرنسا.
وبلغت قيمة ثروة منطقة اليورو 53 تريليون دولار في عام 2017، وهي قريبة من إجمالي ثروة الولايات المتحدة في نهاية التسعينات. وارتفع متوسط الثروة في معظم المناطق، في حين ظل دون مستوى الذروة في عام 2007، بينما استطاعت الصين وحدها أن تصل إلى مستوى وسطي جديد للثروة. ويتطابق ترتيب العشرة الأوائل من حيث الثروة الوسطية مع متوسط الثروة، على الرغم من أن مستويات عدم التساوي الأقل من المتوسط العام تعزز مكانة إيطاليا واليابان بين العشرة الأوائل. وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن تولد الاقتصادات الناشئة ثروة بوتيرة أكثر ديناميكية من نظيراتها المتقدمة. ومن بين مكونات الثروة، ارتفعت الأصول المالية فقط بشكل ملحوظ منذ عام 2007، بينما ارتفعت الأصول غير المالية عن مستوياتها في عام 2007، للمرة الأولى هذا العام بنسبة 2%. أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فشهد إجمالي الثروات نموًا بواقع 2.2 تريليون دولار، أي بنسبة 156% منذ عام 2000، وهو ما يفوق المعدل العالمي البالغ 140%. وخلال السنوات الخمس المقبلة، من المتوقع أن تشهد الثروات العائلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموًا بنسبة 52%، أو نحو 8.8% سنويًا.
وعلى صعيد عدد المليونيرات، ارتفع العدد على مستوى العالم بنسبة 170%، في حين زاد عدد الأفراد ذوي الثروة الصافية الكبيرة جدًا خمسة أضعاف، ما يجعلهم المجموعة الأسرع نموًا بين أصحاب الثروات حتى الآن. وتتسم شريحة المليونيرات بتركيبتها متسارعة التغير، ففي عام 2000 تركزت نسبة 98% من المليونيرات بكثافة في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، ومنذ ذلك الحين انضم إلى إجمالي تعداد هذه الشريحة 23.9 مليون مليونير جديد، 2.7 مليونا من بينهم (أو ما يعادل 12%) ينتمون إلى اقتصادات ناشئة. ويتجلى هذا التحول بوضوح في شريحة الأفراد ذوي الثروة الصافية الكبيرة جدًا، ففي عام 2000، استأثرت الاقتصادات الناشئة بنسبة 6% من هذه الشريحة، لكنها ساهمت منذ ذلك الحين بنسبة 22% (24.5 ألف بالغ) من إجمالي النمو في تعداد أفرادها. وأضافت الصين وحدها ما يعادل 17.7 ألف بالغ، أو ما يعادل نحو 15% من إجمالي تعداد الأثرياء الجُدد ضمن هذه الشريحة في العالم. وبحلول عام 2022، من المرجح أن يزيد عدد الأفراد ذوي الثروة الصافية الكبيرة جدًا بواقع 45 ألف شخص، ليصل إلى 193 ألف فرد.