عملة "بيتكوين"

شهدت العملات الرقمية، وعلى رأسها "بيتكوين"، خسائر كبرى خلال الساعات الماضية، عقب إعلان أكبر عمالقة المواقع الإلكترونية حظر نشر إعلاناتها، مما دفع "بيتكوين" إلى ما دون مستوى 8 آلاف دولار ظهر الخميس، في ظل الضغوط المتوالية التي تعانيها العملات الرقمية، والتي كان أحدثها دعوة صندوق النقد الدولي إلى تحرك لضبط تداول هذه الأصول.

ومنذ الساعات الأولى لتعاملات الخميس، اندلعت موجة بيعية بسوق العملات الرقمية دفعت "بيتكوين" إلى مستويات لم تشهدها منذ أكثر من شهر، حيث هبطت قيمتها بأكثر من 6 في المائة، ليصل سعر الوحدة إلى نحو 7 آلاف و700 دولار الساعة 10:00 ظهرا بتوقيت غرينتش على منصة "بيتستامب"، قبل أن ينتعش قليلا في الساعة التالية ويصل إلى 8 آلاف و180 الساعة 11:00 ظهرا، وبلغت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية أمس 311 مليار دولار، وهو مستوى لم تشهده منذ 6 فبراير (شباط) الماضي، وبتراجع قدره 60 مليار دولار عن اليوم السابق.

وكانت شركة "غوغل"، عملاق التصفح الإلكتروني على الإنترنت، قالت أول من أمس (الأربعاء)، إنها ستحظر نشر إعلانات عن العملات المشفرة، ومنها عملة "بيتكوين"، على صفحاتها، في خطوة مشابهة لقرار اتخذه موقع "فيسبوك" في مطلع العام الجاري. ولن تسمح الشركة، اعتبارا من يونيو (حزيران) المقبل، بالترويج للعملات المشفرة وما يتصل بها، مثل الاتجار فيها أو بالمحفظة المالية التي تخزنها، سواء على صفحة بحث المحرك، أو على موقع "يوتيوب" التابع لـ"غوغل".

ولم تعلن شركة "غوغل" عن الأسباب المباشرة التي دفعتها إلى اتخاذ هذا الإجراء، لكن المفهوم هو أن الشركة اتخذته احترازا من أي ثغرات تقوض أمن المستخدمين، علمًا أن الخطوة شكّلت ضربة كبرى للعملات الرقمية، خصوصًا أنها جاءت بالتزامن مع دعوة كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، المنظمين حول العالم لضبط تداول العملات الرقمية، قائلة إن هذه الأصول الافتراضية مثل "بيتكوين" يمكن استخدامها من قبل المجرمين والإرهابيين.

وتسمح العملات المشفرة بتداول الأموال بعيدا عن رقابة المصارف الحكومية، ولكنها تخضع لمضاربة شديدة الخطورة وتُستخدم كثيرا في الابتزازات التي تهدف للحصول على فدية، وخلال الأشهر القليلة الماضية، حظرت مصارف في بريطانيا والولايات المتحدة على زبائنها استخدام بطاقات الائتمان لشراء عملة "بيتكوين"، وغيرها من العملات الرقمية، خشية أن يؤدي انخفاض أسعارها إلى عجز هؤلاء الزبائن عن الوفاء بديونهم. إضافة إلى رواج أنباء متوالية عن مساع في عدة دول لمحاصرة تعاملات العملات الرقمية، أو ضبطها قانونا.

وبالتوازي، أكد تقرير اقتصادي صدر الخميس، عن شركة "آليانز غلوبال إنفستورز"، أن انفجار فقاعة العملات الرقمية مثل "بيتكوين"، "حتمي"، وإن كان توقيت الانفجار لم يتضح بعد، وذكرت شركة الخدمات الاستثمارية التابعة لمجموعة "آليانز" الألمانية، أكبر مجموعة تأمين في أوروبا والتي تدير نحو 500 مليون يورو، أن العملات الرقمية "عديمة القيمة"، حتى لو كانت تكنولوجيا البيانات التسلسلية (بلوكتشين) يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة للمستثمرين.

وقال ستيفان هوفريختر، رئيس قطاع الاقتصادات العالمية والتخطيط في شركة الخدمات الاستثمارية: "من وجهة نظرنا، فإن قيمتها الحقيقية يجب أن تكون صفر، أي عملة (بيتكوين) ليست مسؤولة من أحد، على عكس السندات السيادية أو الأوراق المالية أو أوراق النقد على سبيل المثال، كما أنها لا تضمن أي دخل مستمر"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، وأضاف أنه في حين يمكن للبعض القول إن الكلام نفسه ينطبق على الذهب، فإن المعدن الأصفر مقبول على نطاق واسع كمستودع للقيمة على مدى أكثر من 2500 سنة، مقابل أقل من 10 سنوات هي عمر "البيتكوين". علاوة على ذلك، فإن العملات الرقمية أو الافتراضية تنطوي على كل المعايير الأساسية لأي فقاعة أصول، بما في ذلك المبالغة في التعامل عليها.

وأشارت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء الاقتصادية إلى أن المحلل هوفريختر انضم إلى فريق من المحللين الذين يشككون في قيمة العملات الرقمية، وقد اعتبر باحثو جامعة بيتسبورغ الأميركية أن هذه العملات عبارة عن "أصل بلا أي قيمة بالمقاييس التقليدية"، في حين وصفها المحلل الاقتصادي نوريل روبيني بأنها "أكبر فقاعة في تاريخ البشرية". وقد فقدت العملة الرقمية عالميا أكثر من نصف قيمتها، مقارنة بأعلى مستوى لها على الإطلاق، حين شارفت "بيتكوين" على بلوغ مستوى 20 ألف دولار للوحدة الواحدة.